حصلتُ على نسخة من مقالٍ جيِّدٍ لكاتب كريمٍ وأديبٍ مطبوع وشاعرٍ مجيد وهذا المقال نشر في جريدة الجزيرة الغراء على ما أعتقد قبل أيام مضت. وفاتني أن أقرأه في الصحيفة نفسها وحينما اطلعت عليه شدني مضمونه للغاية.
وطفقت أفكر في تأييد ما ورد فيه لأن الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري أهلٌ لكل تكريم ويستحق كل احترام وتقدير من دولته أولاً ومن أمته ووطنه ثانياً.وكاتبنا سعدٌ علمٌ بارزٌ في دنيا الصحافة والأدب وهو مع ذلك صديق عزيز وزميل لي في مهنة الصحافة - مهنة البحث عن المتاعب - على مدى حوالي نصف قرن من الزمن في صحيفتي الرياض والقصيم المحتجبة - ردَّ الله غُرْبَتَها وأعادها إلى الميدان عن قريب - وليس ذلك على اهتمام دولتنا الرشيدة وهمة أهلِ القصيم بعزيز.
بالإضافة إلى المجلة أو الصحيفة الأم (اليمامة) التي تحولت إلى مجلة متحركة وثّابة.
وكما عرفت سعدا هذا وطنياً صريحاً يضع النقاط على الحروف ولا يخاف في الحق لومة لائم.
ولولا أن شهادتي مجروحة لعلاقتي الوثيقة به لاسترسلت في الحديث عنه، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق كما يقول المثل، وخير الكلام ما قل ودل كما تقول الحكمة.
أعود إلى موضوع مقترحه الجيِّد بأن يتم تكريم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في مناسبة مهرجان الجنادرية مثلاً فأؤيده تمام التأييد، ولكن في موضع آخر سأشير إليه في نهاية المقال.
فهو يستحق ذلك وأكثر، وهو كما أعرفه جيدا وأعجب به شخصية نادرة.. هو نسيج وحده، ولن يتكرر في أسرة آل التويجري بل على مستوى المملكة وربما الوطن العربي كله حسب فهمي له ورأيي فيه الصادر عن قناعة وبلا مواربة فحيا الله أديبنا الكبير سعداً ولكل من اسمه نصيب فلقد أصبت في اقتراحك الجميل.
فالرجل، أهل لكل تكريم في أدبه وفكره وعطائه المتميز، ومؤلفاته التي تنفرد بأسلوب جذاب وطرح عميق قد لا يجاريه فيه أحد.
فضلا عن بصماته التي لا تنكر في تأسيس الحرس الوطني بتوجيهات سمو رئيس الحرس الوطني ونائبه وميزة هذا الإنسان أنه علم نفسه بنفسه، فلم يدخل مدارس نظامية لعدم وجودها في فترة شبابه عدا مدارس الكُتَّاب والحلق القرآنية في تلك الفترة الزمنية جزى الله أصحابها خير الجزاء.
وكان بيته العامر في بلدته الصغيرة على مدى عدة عقود منتدى أدبياً يرتاده كل ليلة أساتذة المنطقة في سدير الحبيبة من شتى جنسيات الوطن العربي وعلى رأسها مصر الأبية ذات التاريخ المُغْرِق في القِدَم. وذلك يوم أن لم يكن هناك مدرسون محليون إلا قليلاً وثقافتهم محدودة إلى حد ما.
وفي تلك الفترة البعيدة من حياته حفظ المعلقات السبع أو العشر والمتنبي شاعر العربية الأول وأبو العلاء المعري المفخرة الخالدة هو وسلفه أبو الطيب عفا الله عنهما. كما قرأ لغيرهم من الأدباء والشعراء والمثقفين القدامى والمحدثين وشعراء العصور الجاهلية والإسلامية والوسطى والحديثة. فلقد ثقف نفسه بنفسه واستفاد من تلك الكوكبة التعليمية الطيبة التي ذكرت آنفاً والتي كان لها الفضل في وضع اللبنات الأولى للتعليم في سدير وغيرها من مناطق المملكة المترامية الأطراف.
ومن هنا جاءت مؤلفاته بعد تخطيه الستين سنة على هذا المستوى الرفيع وبهذه الفلسفة العميقة التي لا يصل إليها الكثير من المؤهلين تأهيلات عالية في أيامنا الحاضرة. وعسى أن لا أكون مبالغاً في ذلك ولكن كما يقول المثل: كل فتاة بأبيها معجبة والأمثال لا تُغَيَّر ويبقى المغزى مفهوماً.
وعذري أنني لست كاتباً ولا أديباً ولكن كما يقول الشاعر:
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
ولولا أن شهادتي مجروحة كذلك تجاه هذا الشيخ الفاضل لأطلت وأطلت وملّ القلم والقرطاس من كلماتي. فأنا في هذا الموقف الحرج واقع بين مطرقتين بالنسبة للمقترِح - بكسر الراء - والمقترَح له - بفتح الراء - فالأول صديق وزميل في خدمة الحرف والكلمة، والثاني قريب بل وأب ولكن كما قال الشاعر:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا
فما حيلة المضطر إلا ركوبها |
والمثل العربي يقول: مكره أخاك لا بطل.
فجزى الله سعداً خير الجزاء وشكر مسعاه حينما نوه عن هذا الشيخ الجليل وأشاد بفضل هذا الطراز النادر من الرجال. والرجال قليل كما يقول الشاعر.
وقبل الختام - والشيء بالشيء يذكر - فلقد كتبت مقالاً - قبل أربعة عقود تقريباً - في صحيفة اليمامة وعنونته (وهذه البادية أليست من الشعب؟) واعذروني أيها القراء إذا أشرت إلى هذا المقال من باب {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ولكيلا ينساني المجتمع في خضم هذا المعترك المادي والصخب الإعلامي والسياسي المنقطع النظير ولقد تحقق الأمل والحمد لله على يد الرجل الثاني وولي العهد في هذه البلاد الحبيبة الغالية وتطورت البادية تطوراً ملموساً فهي تستحق كل ما قدم لها من خدمات. وارتفع مستواها إلى مستوى رفيع سامق الذرى وإنهم يعلم الله يستحقون ذلك وأكثر.
ألم يقل الخليفة الراشد وأول أمير للمؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب (البادية أصل العرب ومادة الإسلام).
وفي نهاية المطاف إنني على مقترح الأخ سعد وأضيف إليه ما يبدو لي أنه الأجدر والأولى وقد أكون مصيباً وقد أكون مخطئاً والمجتهد كما في شرعنا الحنيف إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد وخطؤه مغفور.
وخلاصة الاقتراح أن يكرم الأستاذ الأديب والشاعر سعد البواردي في مهرجان الجنادرية وأن يكرم الشيخ عبدالعزيز التويجري في جائزة الملك فيصل رحمه الله لأنه ليس أقل ممن كرّموا قبل ذلك وأن يحصل كذلك على أرفع وسام في دولتنا الرشيدة أعزها الله بالإسلام ورزقها البطانة الصالحة آمين. والله المستعان.
عبدالمحسن محمد التويجري |