Monday 31th May,200411568العددالأثنين 12 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وعلامات وعلامات
من إشعاعات النبوة في خيمة أم معبد!
عبدالفتاح أبو مدين

**كثير من الذين يتحدثون عن هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لا يتوقفون عند خيمة أم معبد، وإذا كان التعبير الذي ساقته إلى زوجها في وصف رسول الهدى وصاحبه الصديق رضي الله عنه ودليلهما، إذا كان ذلك التعبير البليغ فيه صعوبة على فهم المستمع، وأن شرح ألفاظ ذلك الخطاب التصويري المبهج لصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، يأخذ وقتاً في شرح ألفاظه، لذلك حاد الكثير عن ذلك الخطاب ممن يتحدثون عن الهجرة المباركة إلى دار الإيمان، ومضوا يعيدون الكلام كل عام في تصوير الهجرة، ولست معترضاً على تذكير الناس بهذا الحدث العظيم، لأنه كان الفتح، عبر بث الرسالة الخاتمة لرسول أرسله ربه للناس كافة، فكان لابد أن تكون تلك الفتوحات ودخول الناس في دين الله أفواجاً الهدف الأسمى من أجل هداية البشرية في مشارق الأرض ومغاربها، ولا يكون ذلك إلا بحمل الرسالة الخاتمة وأهدافها عبر تلك الفتوحات الناجزة التي نهض بها أولئك الأخيار من الصحابة رضوان الله عليهم، وممن جاء بعدهم من الخلفاء والمصلحين، لإيصال الأمانة إلى أصقاع الأرض، حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد أن تبلغهم رسالة الهداية للرسالة الخاتمة!
** ودعونا نتأمل ذلك التصوير الماتع، ولا يهمني إن جاء من يشكك في صحته ونسبته إلى أم معبد في إحدى محطات رحلة الهجرة المباركة، رحلة النور والهداية للبشرية كافة.. قالت: (رأيت رجلاً ظاهر الو«ليس به عيب عظم البطن» ولم تزر به صلعة، «ولا دقة الرأس» وسيم قسيم «الجميل حسن الوجه»، في عينيه دعج «شدة سواد مع سعة»، وفي أشفاره وطف «كثرة الشعرش، وفي صوته صحل «خشونة»، أحور أكحل «شدة سواد السواد»، وشدة بياض البياض من العين مع كحل، أزج أقرن «حاجباه مقرونتان في رقة لكليهما مع طول»، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع «طول العنق»، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، «تشبيه يراد به انتظام الكلام وسلاسته»، حلو المنطق، فصل «قاض بالحق»، لا نزر ولا هذر «لا قليل ولا خلط فيما لا ينبغي»، أحسن الناس وأجمله، من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة.. «الرجل بين الطول والقصر»، لا تشنؤه- لا تعيبه- من طول ولا تقتحمه عين من قصر- لا تزدريه- غصن بين غصنين، فهو أنظر- أجمل- الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود «مخدوم ممن معه»..
** قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولو كنت وافقته يا أم معبد لالتمست أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً.. ثم ظهر صوت يقول:


جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبدِ
هما نزلا بالبر وارتحلا به
فأفلح من أمسى رفيق محمدِ
فيال قصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا يجازى وسُوددِ
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبّت
له بصريح ضرة الشاة مُزبد
فغادره رهناً لديها لحالب
تدر بها في مصدر ثم مورد

** وأصبح القوم قد فقدوا نبيهم، وأخذوا على خيمة أم معبد حتى لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال فأجابه حسان بن ثابت، فقال:


لقد خاب قوم غاب عنهم نبّيهم
وقدّس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم
وحلّ على قوم بنور مجدّدِ
وهل يستوي ضُلاّل قوم تسلّعوا
عمى، وهداة يهتدون بمهتدِ؟
نبي ترى ما لا يرى الناس حوله
ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب
فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد
لتِهْنَ أبا بكر سعادةُ جدّه
بصحبته، من يسعدِ الله يسعدِ

** تلكم هي قصة أم معبد وزوجها، وشاتها العجفاء، التي تخلفت عن اللحاق ببقية الشياه لضعفها وهزالها، وحين لمستها يد النبي المباركة درّت، وارتوى رسول الله ورفاقه وأم معبد، وترك الباقي عندها، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم..
هذه لمحة من فيض الهجرة النبوية المباركة، ودلائل النبوة الخاتمة!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved