لفت نظري.. ذلك التعليق المنشور في هذه الجريدة يوم الجمعة الماضي.. حول البدايات الحقيقية لمقبرة النسيم قبل حوالي نصف قرن.. حيث أوضح الخبر الموثق.. من كتاب صدر حديثاً عن حياة سماحة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.. مفتي المملكة السابق.. ورئيس علمائها وقضاتها سابقاً.. أن سماحته.. هو الذي تبرع بأرض المزرعة في ذلك الوقت مشكلاً بداية مقبرة النسيم الحالية.
** ومن المعلوم.. أن مقبرة النسيم.. من أكبر المقابر ليس في المملكة فحسب.. بل في العالم كله.. وهي ليست مقبرة واحدة.. بل مجموعة مقابر في منطقة واحدة.
** وقد كانت الرياض تعتمد في سنوات سابقة.. على مقبرة العود في البطحاء.. التي أوشكت على الامتلاء.. لكن هذا المجمع الكبير من المقابر.. حلَّ المشكلة.. وأنهى معاناة مدينة تحتضن في وسطها خمسة ملايين شخص.. مع ان أكثر الذين يموتون في مدن حول الرياض.. يُقبرون في الرياض.
** كيف؟
** أكثر المرضى أو المصابين في المدن المحيطة بالرياض.. أو التابعة لها.. بل وسائر مناطق المملكة..يأتون إلى الرياض .. حيث التجهيزات الطبية المتقدمة.. وحيث الإمكانات الطبية الهائلة.. وبعضهم يموت فيُقبر في الرياض.. ولهذا.. فمقابر الرياض.. ليست مسئولة عن خمسة ملايين.. بل عن خمسة عشر مليوناً أو عشرين مليوناً على الأقل.. إذا أخذنا ما قلناه في الاعتبار.
** نعود إلى مقبرة النسيم.. ونؤكد.. أن موقعها كان اختياراً موفقاً بالفعل.. حيث جاءت في مكان متسع مخدوم من كل الاتجاهات بطرق فسيحة.. وفي أحد الأحياء الواسعة أيضاً.. وفي أرض هشة منبسطة يسهل الحفر فيها.. ويسهل الوصول إليها من كل اتجاه تريد.
** نعود إلى سماحة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.. واختيار هذا الموقع.. ثم تبرعه بالأرض في ذلك الزمن.. واهتمامه آنذاك بقضية مهمة.. وهي قضية الأموات والمقابر.. وهذه النظرة والرؤية التي كانت من سماحته قبل نصف قرن.. تعكس عمقاً ونظرة بعيدة.. وتعكس رؤية ثاقبة من عالم كبير يحمل همَّاً معيناً.. ونحن اليوم.. نحصد ثمار هذه النظرة البعيدة الصائبة.
** فمقابر النسيم.. تلتهم في البشر منذ عقود.. ولم تعجز أو تمتلئ.. مع أنها تستقبل يومياً في حدود ثلاثين شخصاً على الأقل.. وربما أكثر.. بل ربما يُقبر فيها أحياناً.. فوق خمسين شخصاً.
** لا نخفي عليكم... أننا كلنا.. أو ربما أكثرنا.. يجهل دور سماحة الشيخ في مقبرة النسيم.. حتى جاء هذا الكتاب الحديث.. وأبان عن جزء من الحقيقة عن بدايات هذه المقبرة.
** وقد كنت أتحدث مع أحد الزملاء حول هذا الشأن.. فأكد لي.. أن لسماحة الشيخ أيضاً.. جهداً ودوراً آخر.. حول مقبرة أخرى في (أم الحمام) بالرياض.. ما زالت أرضها مسورة وموجودة.. وأن سماحة الشيخ.. كان يفكر في هذه الأمور قبل ستين عاماً.
** لقد كان سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.. ظاهرة فريدة.. وعالماً كبيراً.. يعرفه من عايشه عن قرب.
** كان فوق علمه الغزير.. يملك فراسة وبُعد نظر وعمقاً ورؤية شاملة.
** ومن المعلوم.. أنه من الصعوبة.. بل ربما الاستحالة.. أن تجد عالماً فقيهاً محدِّثاً مفسراً.. وفوق ذلك.. يفهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع وكل شئون الحياة.
** سماحة الشيخ.. كان كل ذلك مجتمعاً.
** لقد قرأت ذلك الكتاب الجيد الجديد عن سماحة الشيخ.. ووجدته قد كتب بعناية.. وإن كان صغير الحجم.. لكنه تناول عالماً كبير الحجم.
** الذين عايشوا مرحلة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم.. عرفوا.. من هو هذا العالم.. وعرفوا دوره وما قدمه للأمة.
** كان فوق علمه وفراسته وذكائه وعمقه وورعه وزهده وإخلاصه.. كان رفيقاً بشوشاً مبتسماً يحب الناس.. لا يخلو منزله ومجلسه الخاص من الناس على مدار الـ24 ساعة.
** كان بوسع أي شخص مهما كان.. أن يصل إليه ويحادثه ويحاوره.
** لم يكن بينه وبين أي أحد من الناس حجاب.
** كان يحب الناس كل الناس.. وكان يعرف أكثر الناس.
** لقد كان لي شرف السلام عليه رحمه الله أكثر من مرة في بعض المناسبات.. وكنت أستفيد في كل مرة أزوره.. وإن لم أستفد منه بشكل مباشر.. فإنني أستفيد من مجلسه ومن حواراته.. حيث لا يخلو أبداً.. من نصائح تستحق التسجيل.
** نحن نشكر زميلنا عبد العزيز بن زيد الداود.. صاحب الكتاب (عن الشيخ).
** ونشكر زميلنا الرائع عبد الله الكثيري.. الذي نقل في هذه الجريدة.. هذه المعلومة الجديدة.. حول مقبرة النسيم.. ونحن ننتظر من القراء أو ممن يملك أي معلومة إضافية جديدة حول مقابر النسيم.
|