أضواء
وثيقة العهد.. وثيقة الإنقاذ
جاسر عبدالعزيز الجاسر

(2)
قبل الخوض تحليلياً في البنود والاهتمامات التي تضمنتها وثيقة العهد وما حملت من توجه لابد من التذكير بنص هذه الوثيقة التي أكدت في بدايتها على الوفاء بالالتزامات المقررة في ميثاق الجامعة، وتنفيذ القرارات المتخذة في إطارها كتأكيد على الارادة العربية المشتركة.
هذه الفقرة والتي بدأت بها الوثيقة تشكل مطلباً جماهيرياً عربياً، ويشكل تنفيذها هاجساً دائماً بعد كل قمة عربية؛ حيث تصدر قرارات هامة تظل اكثرها غائبة عن التنفيذ، وبالتالي فإن التأكيد على الوفاء بالالتزامات المقررة في ميثاق الجامعة، وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار هذه القرارات ، وورود هذا التأكيد بعد القسم يعطي لهذا البند خصوصية وأهمية تتناسب مع الآمال والمطالب العربية التي لابد أن يحقق تنفيذها مستقبلاً أفضل للدول العربية جميعاً، باعتبار ان ما يتخذ من قرارات والتي يجري بحثها وتداولها طوال عام كامل من خلال اجتماعات ولقاءات اللجان الوزارية المختصة.
يجب التنبيه هنا إلى أن ما يتخذ في الجامعة العربية سواء في مؤتمرات القمة او الاجتماعات الوزارية, قرارات شاملة وتحيط تقريباً بكل الاهتمامات العربية ومناحي الحياة، وإذا كان الظاهر منها والمُتابَع هي القرارات السياسية والاقتصادية، إلا ان القارئ المتمعِّن والمتصفِّح للبيانات الختامية يجد أنها تتضمن العديد من الفقرات التي تعالج مختلف أنواع التعاون العربي المشترك، وتنفذ وفق أجندة تتوافق مع المصالح العربية، وآليات متفق عليها لابد ان تساعد على تنمية العرب جميعاً، ويدفع التطوير والتحديث الذي يسعى اليه الجميع والتي تتوافق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي تعمل كل الأمم والشعوب على تحقيقها من أجل ضمان مستقبل أفضل للجميع وبخاصة الأجيال القادمة.
وهكذا فإن التعهد وضمان تنفيذ القرارات وفق آليات يلتزم بها الجميع ووفق أجندة تتوافق مع طبيعة كل دولة ؛ يؤدي إلى التنفيذ السلس لخطوات التحديث والتطوير والانتقال ومواكبة الحياة العصرية التي قطعت أشواطاً طويلة وكبيرة في التقدم والتنمية والتطور في حين لا تزال الكثير من الدول العربية تعيش واقعاً متخلفاً وتنمية قاصرة عاجزة عن تحقيق أبسط متطلبات الحياة لشعوبها.
ولهذا فإن التعهد والقناعة بضرورة تنفيذ القرارات المتخذة أولى خطوات الاصلاح في العمل العربي المشترك.. وأهم آليات الإصلاح المنشود للواقع العربي.