أهداني الصديق الأستاذ عبد الرحمن محمد الغليقة كتاباً من تأليفه بعنوان (خطوات إلى مستقبل مشرق) مع عنوان توضيحي (دليلك للحصول على عمل). والمؤلف له خبرة عملية تربو على ثلاثين عاما، بعد تخرجه من جامعة بيوجيت ساوند الأمريكية بتخصص إدارة أعمال، مع تخصص ثانوي بالفنون التشكيلية، مارس خلالها كثيراً من الأعمال والهوايات والفنون مع التركيز في مجال الإدارة والإنتاج الفني والإعلان والتصوير.
في المقدمة يسترجع المؤلف ولَعَهُ بالحياة العملية منذ نعومة أظفاره حين قام بمزاولة النجارة خلال العطلة الصيفية بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، مشيراً إلى أنه بعد ذلك لم يتردد في قبول أي عمل شريف مهما كان نوعه؛ لأنه سيكون حافزاً للحصول على أعمال أكبر. وتُبَيِّنُ المقدمةُ هدفَ الكتاب بأنه عونٌ لمن يبحث عن عمل.. رجلا كان أم امرأة، عبر طرح الوسائل المناسبة مع توصيات وملاحظات مهمة في سبل البحث عن عمل.
وقبل الدخول في المتن، يتناول الكتاب الدوافع التي تفرض علينا مزاولة العمل، موضحاً أهمية الإصرار على مزاولة أي عمل شريف ومهما كان الثمن.. عقب ذلك يتطرق المؤلف إلى الاستعداد النفسي والعملي للبحث عن عمل من خلال خطوات مفيدة، مثل الاختلاط والاجتماع مع الناجحين والاستفادة من خبراتهم، ووضع خطط زمنية إلزامية وجداول تنفيذية.
ينقسم الكتاب إلى فصلين؛ الأول هو العمل لصالح الآخرين، والثاني هو العمل الحر. بعد التعريف بالعمل لصالح الآخرين، يبدأ الفصل الأول بمحاولة الإجابة على السؤال الأهم: كيف نحصل على عمل لدى المؤسسات والشركات المختلفة؟ موضحاً أن الطريقة المتبعة في التوظيف قد تغيرت، وأصبح المجال مفتوحا أكثر، وقَلَّ التوظيف عن طريق الواسطة؛ لأن أصحاب العمل بحاجة لعاملين أكفاء ومنتجين، ولن يجازفوا بموارد مؤسساتهم. وينوه المؤلف إلى ضرورة الاستثمار المبدئي لبعض المتطلبات حسب الإمكانية، مثل: جهاز حاسب آلي، جوال، فاكس، عنوان بريد إلكتروني، بطاقة تعريف.
بعد ذلك، يطرح المؤلف عوامل وأساليب تساعد على الحصول على وظيفة في المؤسسات والشركات.. العامل الأول هو قراءة الصحف والمجلات باستمرار، مع التذكر قبل قراءة أي مطبوعة أننا في حاجة إلى البحث عن عمل ليساعدنا على التركيز، ويخلق لدينا شعورا نتمكن به من إدراك الفرص بشكل أكبر، ثم يناقش المؤلف هذا العامل متناولا بعض الخطوات المساعدة في ذلك. العامل الثاني هو حضور المعارض والمناسبات المختلفة، كالمعارض الفنية والتجارية وافتتاح المحلات الكبرى، مع وضع خطط للخروج بنتائج إيجابية في البحث عن عمل، مثل التزود بكمية كافية من بطاقات التعريف، والتعرف على الحاضرين مع توضيح طرق وأساليب التعرف والتحادث المناسبة. ويستفيض المؤلف نسبياً في هذه الطريقة وما يلي التعرف والتواصل عقب نهاية المعرض. وهناك عوامل أخرى تم تناولها، هي : حضور المناسبات العائلية، الاجتماع مع الأصدقاء، متابعة التغيرات الاقتصادية في بيئتنا، الاستفادة من الإنترنت، ثم يتطرق المؤلف لكتابة السيرة الذاتية، وأهم الأشياء التي تجعل منها سيرة متميزة وناجحة.
بعد العوامل المساعدة يتحدث المؤلف عن مرحلة المقابلة الشخصية، وكيفية استغلال هذه المرحلة لدعم النفس بالثقة والتفاؤل، ثم كيفية اجتياز المقابلة بنجاح.. ويتعرض المؤلف لأهمية متابعة الإنجازات التي نقوم بها، وتنمية القدرات الشخصية مثل الالتحاق بالبرامج التدريبية وتعلم اللغات، كذلك يتناول مرحلة ما بعد الحصول على عمل جديد، وتخطي مراحل العمل الأولى بنجاح.
الفصل الثاني تناول البحث عن عمل حر لا يتطلب خبرة كبيرة أو مؤهلات عالية، وربما لا يتطلب أي رأسمال، ويوضح أن مثل هذا العمل منتشر بكثرة، كتوزيع المنتجات المختلفة، فهناك اختيارات لا حصر لها للأشياء التي يمكن توزيعها، ويضرب المؤلف مثلاً بخبرته في مجال توزيع الكتب، مبيناً إرشادات مهمة لتنظيم هذه العملية، ومؤكدا على المردود المادي المجزي لذلك. وينتقل المؤلف إلى التسويق التجاري القائم على الاتفاق بين أصحاب المشاريع وأفراد غير متفرغين للقيام بجلب المتسوقين والزبائن، مثل: المراكز الرياضية واللياقة البدنية، المعاهد والمراكز التدريبية، الفنادق، المكاتب السياحية، وكالات الدعاية الإعلان.. كذلك يتطرق المؤلف للنشاطات العقارية والأعمال المؤقتة، وعالم الإنترنت، ليصل بعد ذلك إلى خاتمة الكتاب مركزاً على أهمية الخطوات المذكورة كمساعد للباحثين عن عمل، مع التأكيد على ألا يكون الخجل عائقاً دون مزاولة بعض الأعمال.
الكتاب إرشادي مفيد عموماً في مجال الأعمال، ونافع جدا للباحثين عن عمل، وقد عُرِضَتْ الأفكار والأساليب والارشادات بطريقة سهلة وواضحة، مع سلاسة في الانتقال بين المواضيع ومنطقية في توزيع العناوين.. ويُلاحظ على الكتاب عدم رجوعه لمصادر متعلقة بالموضوع، واعتماد المؤلف على خلفيته الشخصية واطلاعاته، وهي على كل حال خلفية ثرية ومتنوعة في مزاولة العديد من الأعمال والنشاطات والهوايات، مع موهبة فذة في استخلاص التجارب والخبرات ومهارة عالية في التركيز بهذا المجال.. وربما حدث تكرار في أكثر من موضع، لكنه تكرار مقصود من المؤلف للتشديد على أهمية الموضوع المكرر، رغم أن البعض قد يراه صفة سلبية.
|