كلنا نتفق على أهمية الصحافة وأثرها في تفعيل قضايا المجتمع وتبنيها، وهذا هو الدور المفترض أن تقوم به، وأن تكون على قدر من المسؤولية تجاه الدور المناط بها، وألا تقتصر على دور نقل الأخبار، أو زف التهاني أو نشر القصائد علما أن سياسة صحفنا المحلية تختلف في تطرقها لعرض قضايا المجتمع وهموم المواطن، منها ما هو بإفراط، ومنها ما هو بحذر شديد. والصحيفة المرموقة أو المطبوعة الإعلامية الناجحة هي التي تجعل من قضايا الوطن وهموم المواطن جزءا لا يتجزأ من سياستها الاعلامية، فهناك قضايا شائكة وحقوق ضائعة ومطالب معطلة لم يتم حلها إلا من خلال الإعلام، وكاتب هذه السطور له تجربة حقيقية أسهبت كثيراً في هذه المقدمة التي أردت أن ألج من خلالها لموضوع أجده في غاية الأهمية، وهو من المواضيع التي تطرح باستمرار.. فالجزيرة بحكم أنني أرتبط بها كقارئ باستمرار، وكمتذوق للكتابة فيها بين حين وآخر أردت أن أعرض مشكلة لمواطن رماها بين يدي، وحملني إياها كأمانة بعدما زودني بالوثائق، وأغلقت السبل التي لم تجد معه كتابة الخطابات والاستنجادات، ومن حسن الحظ أنه في نفس اليوم الذي يستقبل فيها فاكسي الشخصي وثائق هذا المواطن كنت أطالع تعقيب مدير الشؤون الصحية بمنطقة القصيم بعدد الجزيرة (11540) ليوم الاثنين الموافق 14-3-1425هـ حيال ما نشرته الجزيرة بعددها (11525) بعنوان (مستشفى خاص يقتل مولود مواطنة) هذا الخبر المؤلم والمحزن أكد صحته مدير الشؤون الصحية بالقصيم، وأنه تم تشكيل لجنة لمعرفة السبب، ومن المتسبب، وسوف تطبق أشد العقوبات في حالة وجود أخطاء طبية.. حقيقة ظاهرة الأخطاء الطبية الشنيعة أصبحت ظاهرة مألوفة، ولم تعد خافية على الجميع والبركة في الصحف التي ساهمت في نشرها لتضعها أمام الرأي العام وتفاوتت الأخطاء ما بين الوفاة، وما بين الإعاقة المستديمة والطويلة.
وتعددت الأسباب ما بين عدم أهلية أصحاب المشارط والقفزات، وما بين التساهل وعدم المبالاة، وضعف الرقابة والمتابعة وعدم تطبيق العقوبات الرادعة لكل من انعدم ضميره ليتلاعب بحياة الناس بمؤهل مزيف ومزور مقابل مغريات مالية ومميزات متعددة تسيل لعاب أصحاب الضمائر الميتة وفضيحة الشهادات المزورة نشرت بعدد الجزيرة (11548) أن مجموع الممنوعين من ممارسة العمل الصحي بلغ 2339 ما بين (أطباء وصيادلة وتمريض وفنيين)، وهذا الرقم مخيف ومفزع جداً، وهو من أسباب تزايد الأخطاء الطبية لدينا، وقضية المواطن والمتمثلة بتعرض زوجته لخطأ طبي فادح من قبل أحد المنشآت الصحية التي تعرضت قرنية عينها اليمنى لتلف كامل والتي كانت تتردد عليه منذ عام 1420هـ دفع الكثير من المال والوقت والجهد لكونها من سكان حائل، وحاول المركز بمعالجة الحالة ولكنه فشل. المواطن حصل على وعد شفهي، وليس خطيا من مدير المركز بتحمل هذا الخطأ ومعالجتها على حساب مركزه في أي مكان يمكن إصلاح التلف إلا ان الوعود ذهبت أدراج الرياح، وبالنهاية أنكر هذا الوعد، وأنه غير ملزم بالدفع أو العلاج..
هذا المواطن وزوجته يعانيان من وضع نفسي وصحي سيئ جراء هذا الخطأ الطبي الفادح، وأسلوب التلاعب والمماطلة بحقهما لكونهما يسكنان بحائل..
وحقيقة وأقولها بالفم المليان لو أن المنشآت الصحية الحكومية والأهلية تخضع لرقابة مستمرة ومحاسبة دائمة ومعاقبة صارمة خالية من جبر الخواطر لما استفحلت الأخطاء الطبية وانتشرت بهذه الصورة..
وهذه المعاناة أضعها بين يدي معالي وزير الصحة ليعيد للمريضة حقها، ويعاقب هذا المركز وأمثاله على ما اقترفه بحق المرضى.
ناصر بن عبدالعزيز الرابح
مشرف تربوي بتعليم حائل |