لا أود أن أصف القمة العربية الأخيرة وتوصياتها بقمة ( الصحوة) لأن هذه المفردة باتت مكتنزة بعدد من الإحالات والأبعاد اللغوية المستهلكة تماماً ولاسيما مع الأحداث الأخيرة.
وصف العديد من الجهات الإعلامية القمة العربية الأخيرة في تونس بالقمة الباهتة الفاترة التي افتقدت حيويتها وفعاليتها، وأرجع البعض مصدر الحيوية والحماس الوحيدين في القمة إلى الرئيس الليبي ( معمر القذافي) من خلال تعليقاته وانسحابه المفاجئ وعلى كل حال هذا أمر ليس بالجديد على السيناريو المعهود، لكن الغريب استقبال الإعلام العربي لهذه القمة الخالية من الصراخ والزعيق والمزايدات والاتهامات والتراشق بالأطباق وتهم العمالة.
اعتاد الإعلام العربي بأن تكون هذه القمة مسرحاً موسمياً للإثارة والتصريحات النارية والتصريحات الملتهبة المضادة، وكانت الجامعة العربية طوال الوقت تقدم النظام القبلي والعشائري والصراع بين شيوخ القبائل على مصادر الماء والكلأ وتوازن التحالفات الدولية.
أعتقد من منظور شخصي بأن القمة الأخيرة التي تبنت في توصياتها ( الإصلاح) الداخلي هي قمة الإفاقة، قمة التخلي عن أعوام عجاف من الشعارات والتشنجات والمزايدات، التي قادت الشارع العربي إلى حتفه وإلى مستنقع الهزائم، جميع القمم السابقة كانت تتمسك بالبطولات الوهمية وتحارب طواحين الهواء ( كدون كيشوت).
لكن قمة إصلاح البيت العربي، ووثيقة العهد والوفاق والتضامن، قمة المكاشفة والمواجهة وإغماد سيوف العنتريات الخشبية، وخطب من نوع.. ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وجميع المخدرات التي كانت تستعمل لتظليل شعوب أمية وبسيطة ولاهثة وراء لقم العيش.
البيت الداخلي بحاجة إلى فتح النوافذ، بحاجة إلى ضوء وهواء الحرية النقي بحاجة إلى لحمة وطنية لمواجهة الفكر الظلامي، وتعثر أنظمة التعليم، والفساد الإداري والبطالة وحقوق النساء.. وقائمة طويلة من الغيلان التي كانت تعيش في الظلام وتقتات على الرطوبة، بينما كان الجميع مشغول عنها بمحاربة طواحين الهواء.. لكن بسيوف خشبية.
|