كان في تبني الدولة سياسة تشجيع وتنمية الموارد غير البترولية للإسهام في خدمة الاقتصاد الوطني خلال العقود الثلاثة الأخيرة دوره المؤثر والفعال الذي انعكس فيما نراه اليوم من مساهمات للعديد من القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية في زيادة الدخل القومي، ولعل القطاع العقاري يعد أهم القطاعات الاقتصادية في هذا النطاق مقارنة بحجم استثماراته..ومن هنا يتزايد أهمية الدور المتوقع للاستفادة منه في خدمة العديد من المجالات بالمملكة.. ولا شك ان الجانب الاقتصادي له أهميته.. إلا ان الجانب البشري ايضا لا يقل عنه أهمية، فالاستثمارات والمشاريع التي تدار داخل القطاع العقاري بحاجة ماسة الى العقول والأيدي التي تديرها.. بمفهوم يخدم تطلعات المجتمع، ومن هنا فإن الأهمية بمكان ان نلتفت الى العنصر البشري الوطني كي نستطيع ان نؤمن لهذا القطاع الفكر الإبداعي الذي يمكنه من الإبقاء على أهميته ودوره في خدمة الاقتصاد الوطني.
ولكن كيف السبيل الى ذلك.. لا شك ان الدراسة العلمية والتأهيل الاكاديمي يأتي في مقدمة الأولويات لاتاحة الفرصة أمام الشباب.. ومن هنا تأتي أهمية ان يتجه خبراء التخطيط واللجان العقارية بالغرف التجارية الى وضع برامج تعليمية وخطط طموحة لإقامة المعاهد العقارية المتخصصة التي تعمل على تفريخ الكوادر المؤهلة، القادرة على المشاركة باحترافية وفعالية في داخل المؤسسات التي يمكن ان تلتحق بها بعد التخرج.
ولعلنا نرى في الوقت الحاضر بعض الجهود الجيدة التي بذلت في هذا المضمار، ولكن لا يزال الأمر في حاجة الى مزيد من الاهتمام.. وقد يكون في عقد ملتقيات على مستويات عدة، ما من شأنه ان يتيح الأمر لطرح حلول وبرامج تهيئ المناخ أمام السواعد الوطنية الشابة للإسهام بشكل أكبر في القطاع العقاري.
ولعله وبعد كل هذه السنوات والجهود التي بذلت في خدمة السعودة، آن الاوان للالتفاف الى الجانب النوعي في الارتقاء بالأيدي السعودية، فبنظرة سريعة ومقارنة بالوضع الذي كانت عليه شركات القطاع الخاص سابقاً وما أصبحت عليه الآن، يظهر - رغم الكثير من الأقاويل - ان هناك ارتفاعاً ملموساً في الاعتماد على الشباب الوطني.. ولكن هل هذا هو منتهى المطاف.. لا اعتقد هذا، بل انه مجرد بداية، تفرض علينا وطنيتنا أن نضع الحلول والمقترحات لتطوير هذه الأيدي لتصبح وبحق السواعد التي تسهم في خدمة المجتمع أينما كانت.
ومن هنا اعتقد ان القطاع العقاري، بما يمثل من أهمية يمكن ان يلعب دوراً مؤثراً ونموذجياً في السبل والنهج الذي يمكن ان يتبع للارتقاء بخبرات أبنائنا.. وهذا دور لا يجب ان يرتكن فيه طرف على الآخر، بل ان المضي في هذه المسيرة تتطلب تكاتف الدولة والقطاع الخاص معاً، الدولة بوضع استراتيجية واضحة المعالم وفتح وإقامة المزيد من المعاهد المتخصصة والكراسي العلمية في الجامعات.. والقطاع الخاص بإعطاء مزيد من الاهتمام بالاستثمار في الجانب التدريبي وتشجيع الشباب الوطني في الاقبال على الدراسات العلمية المتخصصة، سوف تقودنا الى هدفنا الذي نسعى اليه جميعاً لتنمية الموارد البشرية الشابة على أسس علمية واضحة، يأخذ بها في خطوات طموحة الى غد أكثر إشراقاً بإذن الله.
* نائب الرئيس لشركة عقار القابضة |