* الرياض - الجزيرة:
تمثل صناعة الدواجن أسرع الأنشطة نمواً في القطاع الزراعي، ولقد نشط هذا النمو خلال العقدين الماضيين في معظم الدول العربية نتيجة لسياسات الدعم والإعانات الحكومية التي اتبعتها حكومات هذه الدول، وحماية للاستثمارات والمكتسبات وضماناً لاستقرار صناعة الدواجن بالمنطقة العربية يحظى موضوع تكامل حلقات هذه الصناعة بأهمية خاصة حيث يترتب على هذا التكامل رفع كفاءة تشغيل الاستثمارات الموظفة في مشروعات الدواجن.. ومن منطلق أهدافها الأساسية فقد انتهجت (الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية) مبدأ التكامل بين مشروعاتها التنموية المنتشرة في أرجاء الوطن العربي، وفي هذا المجال قامت الشركة بإنشاء عدد من مشاريع الجدات والأمهات بغية المساهمة في سد جزء من الفجوة القائمة في صيصان الأمهات وبيض التفريخ، كما دعمت هذا التكامل بإنشاء مشاريع لإنتاج وتصنيع الأعلاف ومشروع لإنتاج معدات وتجهيزات حظائر الدواجن.
صرح بذلك الدكتور عبدالله الثنيان المدير العام للشركة مشيراً إلى أن الشركة بادرت منذ السنوات الأولى للنهضة في صناعة الدواجن العربية بإنشاء أول مشروع لتربية جدات وأمهات دجاج اللحم في المشرق العربي بالمملكة الأردنية الهاشمية والذي اعتبر نقطة الانطلاق لهذه الصناعة في الوطن العربي هادفة من ذلك حماية صناعة الدواجن من مخاطر الاعتماد الكلي على استيراد صيصان الأمهات وبيض التفريخ من الخارج، وقد بدأ نشاط المشروع عام 1986م بطاقة إنتاجية سنوية حوالي نصف مليون صوص أم إضافة إلى إنتاج 15.7 مليون بيضة تفريخ وحوالي 6 ملايين صوص لاحم، ونتيجة للطلب المتزايد على منتجات المشروع داخل وخارج المملكة الأردنية فقد تم توسعة طاقة قطاع الجدات في عام 1993م لتصل إلى حوالي 950 ألف صوص أم سنوياً، ويجري حالياً تنفيذ التوسعة الثانية لقطاع الجدات لتصبح إجمالي طاقته الإنتاجية حوالي 1.5 مليون صوص أم سنوياً.
كما يجري حالياً تنفيذ مشروع لتربية جدات وأمهات فروج اللحم بجمهورية مصر العربية والذي يهدف في مرحلته الأولى إلى إنتاج حوالي 1.1 مليون صوص أم وحوالي 39.3 مليون بيضة تفريخ إضافة إلى حوالي 1.2 مليون صوص لاحم.
وأضاف الدكتور الثنيان بأن الشركة قامت أيضاً خلال عام 1999م بالبدء في إنشاء مشروع الشركة العربية لأصول الدواجن وإنتاجها (تأصيل) بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الذي تأتي أهميته كأول مشروع إستراتيجي في منطقة الخليج يسهم في تأمين جزء ملموس من احتياجات المنطقة من بيض التفريخ وصيصان التسمين في ظل وجود فجوة استيعابية كبيرة لهذه المنتجات، ويهدف مشروع الشركة في مرحلته الأولى لإنتاج حوالي 25 مليون بيضة تفريخ سنوياً، (5.2) ملايين صوص لاحم، إضافة إلى حوالي 4 ملايين فروج لحم، ومن المخطط أن تدخل هذه الشركة مستقبلاً في مجال تربية الجدود والعروق الأصيلة، وبذلك تستكمل إحدى الحلقات الرئيسية في صناعة إنتاج فروج اللحم بدول مجلس التعاون والمنطقة العربية.
على صعيد آخر شهدت دول مجلس التعاون الخليجي شأنها في ذلك شأن العديد من الدول العربية تطوراً كبيراً في صناعة الأعلاف شملت تزايد أعداد المصانع وطاقاتها الإنتاجية وذلك بغية الوفاء باحتياجات الثروة الحيوانية والداجنة في المنطقة من الأعلاف اللازمة، ولقد تطورت الطاقات الإنتاجية العلفية مع تطور أعداد الحيوانات والدواجن والطاقات الإنتاجية للمشروعات القائمة.ورغم تطور صناعة أعلاف الدواجن وزيادة طاقاتها الإنتاجية إلا أنها اعتمدت وما زالت تعتمد بدرجة كبيرة على استيراد احتياجاتها من الحبوب والإضافات العلفية بكافة أنواعها من الخارج.وأوضح الدكتور الثنيان أنه للمساهمة في معالجة هذا الخلل ولتحقيق استقرار صناعة الدواجن في الوطن العربي وأهداف خطة التنمية بعد الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار الحبوب العلفية حالياً كالذرة الشامية وفول الصويا واللذين يمثلان نسبة كبيرة من الأعلاف المصنعة خاصة وأن معظم الدول العربية مستوردة لهذين المكونين العلفيين بصورة كبيرة وأن حجم الاستيراد في تزايد مستمر، فإن الأمر يتطلب جهوداً مكثفة للتوسع في زراعة محاصيل الحبوب العلفية محلياً مستفيدين في ذلك من الميزة النسبية التي تتمتع بها بعض البلدان العربية.وتابع الدكتور الثنيان حديثه بأن الشركة ومن منطلق ما تتمتع به جمهورية السودان من وفرة في المياه والأراضي الزراعية قامت بإعداد دراسة جدوى فنية واقتصادية لزراعة الذرة الشامية والحبوب الزيتية بالسودان، كما تباشر حالياً وعلى مساحة 2000 فدان في منطقة غرب أم درمان تنفيذ مشروع زراعي متكامل يتضمن نشاطه زراعة الذرة الشامية والفول السوداني وغيرها من مواد العلف الأولية ويمثل هذا المشروع مرحلة أولى يعقبه التوسع في ذلك النشاط في مناطق مختلفة داخل وخارج السودان دعماً لاستكمال حلقات صناعة الدواجن بالمنطقة العربية.
ومن جهة أخرى.. نتيجة لنمو صناعة الدواجن واكتشاف مسببات جديدة للأمراض تتطلب أنواعاً جديدة من المستحضرات فقد أصبحت اللقاحات والأدوية البيطرية إحدى الحلقات الهامة المكملة لصناعة الدواجن، ورغم هذه الأهمية فما زالت المنطقة العربية تفتقر إلى صناعة محلية للأدوية واللقاحات مما جعلها مستورداً أساسياً لها، حيث يقدر حجم الفجوة في لقاحات أمراض الدواجن بحوالي 90% من جملة احتياجات المنطقة.
وأشار الدكتور الثنيان مشيراً إلى أنه من خلال دراسة للشركة العربية قدرت احتياجات مشروعات الدواجن في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لكافة أنواع الأمراض الفيروسية والبكتيرية لجميع أنواع الطيور المرباه بحوالي 7 مليارات جرعة لقاح حي، وحوالي 536 مليون جرعة لقاح ميت، يتم استيرادها من الخارج حيث لا ينتج منها أي كمية في دول المنطقة، وهناك أيضاً احتياج إلى 5000 طن من مختلف الأدوية والمطهرات يتم استيراد غالبيتها أيضاً من الخارج إما في صورة مواد فاعلة يتم تركيبها محلياً أو تستورد في صورة منتج نهائي مجهز.
وأوضح سعادته أن مشاكل الاعتماد على الاستيراد لا تقتصر على الكم فقط بل تتعداه لتشمل فاعلية هذه المواد فقد تختلف اللقاحات المستوردة في كفاءتها وفقاً للبلد المنتج، كما قد تختلف في مقدار ما تحققه من المناعة المطلوبة للأمراض مما يستوجب قيام صناعة محلية للقاحات وأدوية أمراض الدواجن يتحقق معها الجودة العالية والتطور، ويمكن تحقيق ذلك عن طريقين أولهما تشجيع وتطوير الصناعات المحلية وتوفير سبل الحماية والكفاية لها، وثانيهما الإنتاج المحلي المشترك مع بعض الشركات العالمية وذلك مرحلياً بإجراء التعبئة يليها الإنتاج الكامل وبالجودة المطلوبة.
وأشار الدكتور الثنيان إلى أن الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية تقوم في هذا الإطار بالمساهمة في رأسمال الشركة السودانية لإنتاج اللقاحات والمنتجات البيولوجية والبيطرية بالسودان والتي تعمل في مجالات تصنيع وتوزيع اللقاحات والأدوية والمنتجات البيطرية وما يرتبط بها من أبحاث، مشكلة بذلك دعامة أساسية نحو استكمال حلقات صناعة الدواجن في الوطن العربي.
|