( 1 )
مرت أيام بكتابنا العرب الذين يطلق عليهم صفة المحللين السياسيين كفيلة بان يكتبوا عن (قمة تونس في طبعتها الثانية) ، وعما تمخضت عنه من قرارات وما اتخذ فيها من وثائق وبخاصة وثيقة العهد وبيان تونس .
إلا أن كتابنا والمحللين الذين ظهروا على الفضائيات لم يهتموا كثيراً بالتميز الذي يسجل لهذه القمة ، وباستثناء ما قامت به (الإخبارية) من تحليل لوثيقة العهد ، فإن باقي الفضائيات انشغلت في البحث في الاختلافات التي ظهرت في مواقف الدول العربية في بعض القضايا ، وتسليط الأضواء على عدم اتخاذ مواقف (لفظية حادة) ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وجرائم التعذيب والممارسات اللاأخلاقية من قبل الجنود الأمريكيين ضد المعتقلين العراقيين .
ومع ان (فضائيات الضجيج) قد اتهمت ما صدر عن قمة تونس بأنه قد صيغ بكلمات لفظية كلاسيكية ؛ لأن العرب أيديهم مكبلة خلف ظهورهم ، إلا ان الحقيقة هو ان ردور أفعال الكتاب والفضائيات هي التي سقطت في المواقف الكلاسيكية المسبقة لأهداف تخدم منشئي تلك المحطات الفضائية ، التي خدعت الجماهير العربية بتغيبها الحديث عن أهم إنجاز لقمة تونس ، ونعني به (وثيقة العهد) التي تعد وحسب العديد من المختصين الإستراتيجيين بأنها أشبه ما تكون بوثيقة إنقاذ .
فالوثيقة وبالإضافة إلى أنها أدخلت للعمل العربي الرسمي أسلوبا جديدا وهو (قسم العهد) ، الذي يُلزم القادة العرب أمام الله ثم أمام شعوبهم بتنفيذ ما يتخذونه من قرارات والعمل على خدمة القضايا العربية .
هذا القسم وبالإضافة إلى ما يمثله من التزام شرعي وأدبي .. وهو قسم عظيم ، أيضا يمثل استحضار ضمائر القادة وجعلها يقظة وهو آلية لم يسبق ان اتخذها قادة أي مجموعة إقليمية أو دولية أخرى .
والقسم لا يُلزم القادة ماديا وكتابياً ، ولكنه يلزمهم أمام خالقهم ثم شعوبهم ، وبالتالي فان ضمائرهم ستكون هي الرقيبة على أفعالهم وتفاعلهم في كيفية التعامل مع القضايا العريبة ، هذه القضايا التي أحاطت بها وثيقة العهد والتي شملت من الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية إلى عمليات الإصلاح والتحديث والتطوير ؛ وصولاً إلى تطوير الأجهزة والهيئات الإقليمية العربية المتخصصة وبالذات ذات العلاقة بتسريع وتفعيل التعاون الاقتصادي والتنمية المستديمة .
مثل هذه البنود والاهتمامات التي تضمنتها وثيقة العهد وما حملته من توجه يشرك مخافة الله مع رقابة الشعوب ومحاسبة الضمير ، إنجاز يستحق الحديث والكتابة عنه وليس البحث عن السلبيات وهو ما سنواصل عمله.
|