Saturday 29th May,200411566العددالسبت 10 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

ليس دفاعاً عن ابن بخيت ولكنني أتكلم عن محض لغة!! ليس دفاعاً عن ابن بخيت ولكنني أتكلم عن محض لغة!!

في العدد (11561) من هذه الصحيفة، وفي هذه الصفحة عُرضَ لي مقالٌ لفتني إليه، فقرأتُه كلَّه، وهو عبارة عن نقدٍ كتبه الأخ (أحمد المهوس) في (ابنِ بخيتٍ) من حيث مضمونُ وأسلوبُ مقالٍ من مقالاته، غيرَ أني وجدتُه قد أنكَر من العربيّة ما لا يُنكر، وأراد أن يحقّق قولَه في (ابن بخيتٍ) فركبَ أغاليطَ فاحشةً في سبيل ذلك، ولولا رجعَ إلى أدنى معجم قريبٍ إليه، إذاً لكفى نفسَه مشقةَ كثير مما انتقد!!.
وإني أرى لزاماً مفروضاً عليّ أن أحقّ ما آراه حقاً، وأبطل ما آراه باطلاً، حيث إن الله تعالى أمرَ بالعدل ونهى عن الظلم إذ قال: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ولا يُفهم من هذا مناصرتي ابنَ بخيتٍ، كلا!! وسيكون تعقيبي مقصوراً على الأخطاء اللغوية وحسبُ:
1- أنكر الناقدُ (المهوّس) أن يجيء (البال) بمعنى الفكر أو الخلد أو اللبّ أو فيما هو من معناها، ولو أنه مدّ يده إلى ما شاء من المعاجم لوجد أنَّ (البالَ) يجيء بهذا المعنى، ففي (اللسان/ مادة بول) أن البال يأتي على معانٍ منها (الحال والشأن، والخاطر، والأمل، والقلب، والنفس وغيرها) فانظرْه، وكذا في (القاموس) وغيره من المعاجم!.
2- زعمه أن (الجلوس) إنما هو من اضطجاع، و(القعود) إنما هو من قيام هو زعمٌ باطلٌ حينما يُطلق، وينقضه قولُ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ...} حيث إن (المجالس) إنما هي نوادي القوم وأماكن اجتماعهم، ومن المتعالَم عليه أن جلوس القوم في المجلس إنما هو من قيام لا من اضطجاع، وكذا هو معنى الآية، ومن ذلك ما جاء في (الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) وهل المرءُ يدخل المسجد وهو مضطجع؟!.
وكذلك ورد في (الصحيحين) عن أبي واقد الليثي قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهبَ واحدٌ، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس...) والأحاديث كثيرة جداً جداً، بل متواترة في تأييد هذا المعنى.
أما إثباتُ أن (القعود) قد يكون من اضطجاع فكثيرٌ، منه ما جاء في (الصحيحين) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العبدُ إذا وُضع في قبره... أتاه ملكان فأقعداه...) وهل هذا القعود من قيام؟!.
3- أنكر الكاتب على ابنِ بخيتٍ تحوّلَ خطابه من المتكلّم إلى المخاطَب، وهذا مما أحسبُه لا يُنكر، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم...} فهذا انتقال من الشاهد إلى الغائب وهو أبينُ من الانتقال من شاهدٍ إلى شاهدٍ آخر، غيرَ أني لا أستحسن الإكثار من ذلك!.
ومثلُ ما سبقَ قولُ النابغة:


يا دارَ ميّة بالعلياء فالسندِ
أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأمدِ

4- زعم الكاتب أن الذي هو (أمامك) لابد أن يكون ظهرُه قِبَل وجهِك، ولا أدري من أين هذا، وإني أسالُه أن يحيلنا إلى مصدر في ذلك موثوق!.
5- أنكر الكاتبُ أن تكون لفظة (الشباب) جمعاً، وهذا قولٌ لا يُدرى له ما أَثَر، والصحيح أن هذه اللفظة جمع أو اسم جمع كما أنها مصدرٌ أيضاً، كما في المعاجم كاللسان والقاموس وغيرها، وفي (الصحيحين) أيضاً عن عبدالله بن مسعود قال: (كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- شباباً لا نجد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا معشرَ الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج..) وفي (مسلم) عن الأسود قال: (دخل شبابٌ من قريش على عائشة...) وروى الذهبي وغيره حديث: (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة)، وقال جذيمة الأبرش، وهو من أوليّة مَن أُثرَ عنه شعرٌ:


ربما أوفيتُ في علم
ترفعن ثوبي شمالاتُ
في شبابٍ أنا رابئهم
هم لدى العورة صمّاتُ
وقال النابغة الشيباني:
من شبابٍ وكهولٍ
حكموا رأسَ المدير

والأمثلة غير ما ذكرت كثيرة كثيرة!.
وختام قولي هذا التأكيدُ على أن تعقيبي على أخي الحبيب (أحمد المهوس) لا يعني البتة ولائي لابن بخيت، بل إني أختلف معه اختلافاً كثيراً، ولكني إنما أتكلم على محض لغة مهما يكن كاتبها!.
وأشكر لأخي أحمدَ بالغَ الشكر على نقده المتين.
فيصل بن علي المنصور
بريدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved