إساءة الأدب.. لغياب العقوبة!!

من أَمن العقوبة أساء الأدب.. هكذا هي إسرائيل!!، والتي رغم الانتهاكات العديدة التي يرتكبها مسؤولوها وأجهزتها الأمنية.. حتى بعثاتها الدبلوماسية، وبعضها تم على أراضي دول أجنبية، إلا أن تلك الدول لا تجرؤ على معاقبة إسرائيل متذرعة بأسباب واهية. إلا أن الخوف من ضغوط حلفاء إسرائيل وتُهم معاداة السامية تجعل تلك الدول تغضُّ النظر عن الممارسات السيئة والخارجة على القوانين والأعراف.
آخر سلوك مشين لإسرائيل والذي لم يجد أي احتجاج ولا حتى امتعاض، إقدام أجهزة الأمن على اعتقال الصحفي البريطاني المشهور بيترهونام مراسل ال(بي. بي. سي) وصاندي تايمز البريطانيتين ، والتحقيق معه لمدة يومين والسبب الذي دفع أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى اعتقال هذا الصحفي والتحقيق معه هو دوره في كشف أسرار امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية؛ ففي السادس من تشرين الأول - اكتوبر من عام 1986 نشر الصحفي البريطاني شهادة خبير الذرة الإسرائيلي مردخاي فعنونو والتي كشفت التفاصيل الدقيقة عن ترسانة الأسلحة النووية الإسرائيلية والتي نشرها آنذاك في صحيفة الصاندي تايمز ؛ حيث أثارت في وقتها ضجة كبرى، قامت على إثرها المخابرات الإسرائيلية باختطاف الخبير الإسرائيلي مردخاي فعنونو من الأراضي البريطانية وأحضرته إلى فلسطين المحتلة حيث جرت محاكمته وسجنه في ظروف سيئة، ولم يطلق سراحه إلا قبل حوالي شهرين في 21 نيسان - ابريل من هذا العام أي بعد 18 عاماً.
الشاباك الإسرائيلي (المخابرات الإسرائيلية) والتي رصدت وجود الصحفي البريطاني في القدس المحتلة لحضور مناسبة إطلاق سراح فعنونو قررت الانتقام من الصحفي هونام والذي يعتبر كاتم أسرار فعنونو؛ إذ يعد الصحفي الوحيد الذي حافظ على علاقة معه طوال فترة اعتقاله في سجنه، وكان ينتظر أن يكشف فعنونو له عن ظروف اعتقاله ، وما تعرض له من تعذيب وتحقيق طوال ثمانية عشر عاما، ولهذا السبب تحاول أجهزة المخابرات الإسرائيلية إرهاب الصحفي البريطاني، وذلك باختطافه من فندقه في القدس المحتلة، مثلما اختطف فعنونو من بريطانيا، وكان من المفترض أن تتحرك السفارة البريطانية في الكيان الإسرائيلي أو الأجهزة البريطانية المسؤولة خاصة وأن اعتقال صحفي كبير مثل بيتر هونام يعد اختطافاً ومحاولة فاضحة لتكميم أفواه الصحفيين الذين يحاولون كشف الحقيقة.
وهكذا تخلت بريطانيا عن مسؤولية حماية مواطنيها، مثلما تخلت عن واجب حماية حرمة وسيادة أراضيها التي انتهكتها المخابرات الإسرائيلية باختطاف إنسان ونقله إلى خارج الأراضي البريطانية على غير إرادته، وتعريض حياته للخطر حيث كان مهدداً بالقتل أو الاعتقال لفترة طويلة وهذا ما حصل، ومع هذا صمتت بريطانيا مثلما هي صامتة الآن عن رفع الغبن عن مواطن بريطاني يؤدي واجبه وفق أصول مهنته الصحفية التي لا تتطلب الحماية من مخابرات دولة إرهابية في أعمالها الخارجة على القانون والأعراف فقط، بل المؤازرة والدعم من دولة متحضرة !!