Saturday 29th May,200411566العددالسبت 10 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دعا المسلمين لحفظ شريعة الله ومناهجه وأوصى بتقوى الله دعا المسلمين لحفظ شريعة الله ومناهجه وأوصى بتقوى الله
د.الشريم بخطبة الجمعة: الواجب على الولاة والعلماء والدعاة أن يكونوا حماة لجناب الشريعة وأن يتصدوا لكل غارة على حماها

* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
اوصى امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن ابراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وان يقدروا الله حق قدره وان يؤمنوا بالله ورسوله ومن تولى عن ذلك فإنما اتبع هواه ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله.
وقال في خطبة الجمعة التي القاها يوم أمس في المسجد الحرام: ان المسلمين بحكم شريعتهم ونصوصها الناصعة الصريحة مطالبون عند الله بالتمسك بها والعض عليها بالتواجذ وحماية جانبها عن ان يخدش او ان تتسلل اليها ايدي العابثين يقلبون نصوصها وثوابتها ويتلاعبون باحكامها ومسلماتها كيف شاؤوا على حين غفلة عن استشعار هيبة القرآن الكريم في النفوس وابان غياب غير قليل لما يزعه الله بالسلطان من القوة والتأديب لان من امن العقوبة اساء الادب ومن عدم النور والهداية تخبط في دياجير الظلم ولا عاصم حينئذ من امر الانزلاق بعد الله الا بالتمسك بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فإن كل محدثة بدعة) (رواه أحمد).
وبين ان للمسلمين شدة في دينهم وقوة في ايمانهم يباهون بهما من عاداهم من اهل الملل وان في عقيدتهم ونصوص الوحيين عندهم اوثق العرى لارتباط بعضهم ببعض ودفاع بعضهم عن بعض تحت جامعة الإسلام الحقة وان مما رسخ في نفوس المسلمين ان في الإيمان بالله وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم على وجه الانقياد والتسليم كفالة لسعادة الدارين وان من حرم ذلك التمسك والانقياد فقد حرم التوفيق والسعادة ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول :(ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا).
وقال فضيلته: انه لا طعم بلا ايمان ولا ايمان بلا رضا بشريعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبلا عمل بها في جميع شؤون الحياة بلا استثناء ان المسلمين جميعاً مأمورون بذلك كل ما من شأنه المحافظة على شريعتهم الغراء عن أن يزلوا بتهميشها بعد ثبوتهم عليها ويذوقوا السوء بما صدوا عنها كما انهم في الوقت نفسه ان لم يقوموا بالحماية عن حوزة الشريعة فانهم سيأثمون جميعاً إن لم يقم بهذا الفرض الكفائي من يكفي في ترسيخ تحكيم الشريعة وصد الايدي العابثة بها بين الحين والآخر.
واضاف قائلاً: ان المدلهمات الحديثة والخطوب التي اعترت حياض المسلمين وقوضت روابطهم استطاعت ان تكون في انفسهم شيئا من الذعر والفرق اللذين افرزا في نفوس بعض المسلمين احساسا بالانهيار وترددا في القناعات ببعض الجوانب في الشريعة واستحياء في التمسك بالدين والاعتزاز بالشريعة الحية بل لقد تعدى الامر إلى أكثر من ذلك حيث نبتت نابتة تريد عزو اسباب الانهيار والضعف لدى المسلمين إلى ما يحملون في انفسهم من تطبيق لشريعة الإسلام في عصر العولمة وتصارع الحضارات فأخذوا يلفقون التهم لعقيدة الأمة ولاصالتها وعالمية رسالتها ورأوا أن في تطبيق الشريعة على ما عهده المسلمون في القديم والحديث مانعا من تعانق الحضارات ونوع تخلف ورجعية لا ترضي شعوب الكفر ودوله والتي لن ترض عن امتنا حتى تتبع مللهم فلا تسألوا حينئذ عباد الله عن البدء في النقض للعرى والتشكيك في المسلمات والاصول وتعميم الفوضى في المرجعية الشرعية والتشويش في اثارة مراجعات وتبديل القناعات بأن ما كان حراما بالامس يمكن ان يكون اليوم حلالا وما كان بالامس اعتزازا وفخرا يمكن ان يكون اليوم خواء وانكسارا لقد اختلطت مصادر التقرير في صفوف المتحدثين حتى تحول الصحفي فقيها ومرجعية دينية تضع المعايير للمصيب والمخطئ كيفما اتفق وانقلب السياسي مشرعا والعامي ناقدا وفقدت المرجعية الشرعية بعد تهميشها بين اوساط الناس.
وأكد امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الشريم ان ذلك كله بسبب بُعد العلماء وغياب قوة السلطان وترفع الوضعاء والجهال والمتبيهيقين ليبرز لنا الواقع المرير صورة جلية من الوصف النبوي الكريم لما يكون في آخر الزمان على حد قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ان الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقى في الناس رؤساء جهالا يفتوننهم بغير علم فيضلون ويضلون وعلى حد قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:( انها ستأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الامين وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال السفيه يتكلم في امر العامة).
وقال فضيلته: ان طريقة هؤلاء المتبيهيقين هي استخراج معاني النصوص وصرفها عن حقائقها التي فهمها السلف الصالح بأنواع المجازات وغرائب اللغات ومستنكر التأويلات فهذا الظن الفاسد اوجب حال المتشبثين به أن يكون مضمونه نبذ الكتاب والسنة واقوال الصحابة والتابعين وراء ظهورهم فكانت النتيجة الحاصلة بفعلهم اثارة الشبهات وتحريك العقائد وازالتها عن الجزم والتصميم ونتج من هذا المنطلق دعوات وشعارات لاقت رجع الصدى في غير ما قدر إسلامي وعربي عما يسمى بالعولمة الثقافية المعرفية التي مفادها تهميش هيمنة الشريعة الإسلامية وحجب الثقة عنها لتتلاقح المعارف والثقافات دون قيود ولا حدود حاملين خلالها شعارات التجديد والاصلاح وتطوير الشريعة وتصحيح الخطاب الديني واصلاحه ونشر ذلك كله عما يسمى بالجود النصي والواقع ان البلاء لا يكمن خطره في تلك الشعارات المرفوعة بحسب وانما يكمن ايضا في الرؤى والمضامين وقديما قيل تحت الرغوة اللبن الصريح ثم انه ما صار الذي صار إلا بضعف الهيمنة العلمية الموثوقة والمرجعية الشرعية النزيهة ولسان حال المرجعية المهمشة وسط هذه الزوابع والشعارات يردد قول القائل: (وكانوا بني عم يقولون مرحباً فلما رأوني مفلسا ما تمرحبوا) ورحم الله ابن القيم وهو يصف مثل هذه الحال بقوله: (فلو رأيت ما يصرف إليه المحرفون احسن الكلام وابينه وافصحه واحقه بكل هدى وبيان وعلم من المعاني الباطلة والتأويلات الفاسدة لكدت تقضي من ذلك عجبا وتتخذ في الارض سربا فتارة تعجب وتارة تغضب وتارة تبكي وتارة تضحك وتارة تتوجع لما نزل بالإسلام وحل بساحة الوحي).
واكد الشيخ الدكتور الشريم ان الواجب على الولاة والعلماء والدعاة ان يكونوا حماة لجناب الشريعة وان يتصدوا لكل غارة على حماها وان يقفوا في وجوه العابثين بها وباحكامها وثوابتها وبيان الحق لهم ودعوتهم اليه بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالتي هي أحسن كما انه لا ينبغي التهوين من شأن أولئك او ان يقال ان الرد عليهم والتصدي لهم فيه نوع تنزل واعطاء للشخص اكثر من حقه فإن الدفاع عن الشريعة اعم من ان يحد بشخص دون آخر اذ الحق هو الضالة التي ينشدها المؤمن ويتحدث ابن القيم رحمه الله عن الوقوف في وجوه المحرفين والعابثين بنصوص الشريعة والحاطين من هيبتها قائلاً (فكشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من افضل الجهاد في سبيل الله).
ودعا فضيلته المسلمين إلى حفظ شريعة الله ومناهجه في واقع حياتهم والذود عن حماهما فلا نجاة لسفينة الإسلام إلا بالتمسك بهما على وجه الانقياد والتسليم والتعظيم والطاعة ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
وان الله يقول: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (115) سورة النساء وقد امرنا الله باخلاص الطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولورثة الأنبياء من العلماء الربانيين حيث يقول سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved