لقد سعدتْ منطقة الباحة، كما سعدت غيرها من مناطق المملكة، بافتتاح النادي الأدبي، وتفاعل مع خبر افتتاحه عددٌ من أدباء المنطقة ومثقفيها، حيث نُشرت مقالات في أكثر من صحيفة تُعبِّر عن الفرحة بوجود مصدر إضاءة ثقافية في منطقة مترامية الأطراف، كثيفة العدد، اضافة إلى كونها احدى مناطق الاصطياف المهمة في المملكة.
وحُقَّ للناس أن يستبشروا بافتتاح النادي وأن يتفاعلوا معه، وأنْ يعلِّقوا على افتتاحه آمالاً كبيرة في نشر الوعي الثقافي والأدبي، واستضافة الشخصيات المؤثرة في مجالات الفكر والأدب والثقافة.. وحُقَّ لهم أيضاً أن يتابعوا نشاطه، ويوجهوا نصائحهم إلى القائمين عليه وأن يشيدوا بلا مبالغة، وينتقدوا بلا إجحاف، ويشيروا إلى جوانب النقص والتقصير بلا إساءةٍ وإسفاف، فذلك حقٌ لكل مثقفٍ أو أديب أو مفكر يحمل همَّ الرسالة الثقافية الواعية.
ولكنَّ هنالك حقاً للنادي مقابل هذا الحقِّ، في أن يتلقى الدَّعم الماديَّ والمعنويَّ، وأن يجد من حضور مثقفي المنطقة وأدبائها ما يدفع مسيرته إلى الأمام ويشجع القائمين عليه، الذين يجتهدون في بذل ما يستطيعون، ولكنهم لا يستغنون عن دعم أصحاب الرأي والمشورة والمكانة من أبناء المنطقة.
هل أدَّى نادي الباحة الأدبي رسالته أداء كاملاً غير منقوص؟ أكاد أجزم أن هذا السؤال لو طرح على رئيس النادي، سعادة الأستاذ سعد الملّيص، لكان جوابه: كلاَّ؛ لأن النادي الأدبي - كغيره من الأندية والمراكز الثقافية - لا يمكن أن يؤدي رسالته دون تضافر الجهود والتعاون المثمر من روَّاد الثقافة وأصحاب الكلمة.
وإن جميع الأندية الأدبية في المملكة لا تستطيع أن تؤدي رسالتها دون ذلك التعاون الذي أشرنا إليه.
إن السلبيات موجودة والتقصير حاصل، ولا يمكن أن يزول التقصير وتعالج السلبيات بالهجمات النقدية التي تقطع حبال التواصل، وتستخدم أقسى العبارات، وتقدم سوء الظنّ، وتغالي في تضخيم جانب التقصير، وتوغل في دروب الأحكام العامَّة التي تنافي العدل، وتخالف أيسر قواعد النقد البنَّاء.
إنني في مقدمة المقصرين مع نادي الباحة الأدبي، ومع ذلك فأنا أرى له من الأنشطة والمحاضرات والندوات - خاصة في الصيف - ما يمكن أن يكون نواة لعمل شامل متكامل، وما على القادرين من أبناء المنطقة إلا أن يمدُّوا يد العون، ويرفعوا شعار التعاون, ويستخدموا أساليب النقد البعيد عن التحامل والمبالغات، وأن يترفعوا عن الشِّلليَّة المقيتة التي فرَّقت الصفوف، وتحاملت على أهل الفضل والعلم، وأشاعت روح التعصُّب زمناً.
إن من أسهل ما يمكن أن يصل إليه قلم الناقد - غير المنصف - أسلوب التجريح وتحويل النقد إلى خصامٍ شخصي، وعِراكٍ شلليٍّ لا يخدم ثقافةً، ولا يرفع راية لأدبٍ أصيلٍ سليم المنهج قويِّ الأسلوب، رائع الفنِّ والإبداع.
نادي الباحة الأدبي نادٍ مهم يقوم عليه رجالٌ معروفون بحرصهم على الثقافة الواعية والفكر السليم، وفي مقدمتهم الشيخ الفاضل سعد المليص.. فما علينا جميعاً إلا أن نمدَّ يد العون، مهما اختلفنا في الرأي.
إشارة:
شتَّان بين التصحيح والتجريح |
|