Saturday 29th May,200411566العددالسبت 10 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

وعاد إلينا أمير القلوب معافى وعاد إلينا أمير القلوب معافى
اللواء د. إبراهيم بن محمد المالك(**)

ما من شدة إلا ويعقبها يسر، هذه بشرى المولى عز وجل في قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وهي سنة من سنن الله في الكون تتجدد في كل حين، وهكذا كما الغيمة تنقشع عن المطر المهطال انقشعت الأيام العصيبة وهطلت الأفراح بخروج أمير القلوب من المستشفى بصحة وسلامة وسعادة ممهورة في الجباه، مختومة في القلوب.
إنها عشرون يوما لزم فيها صاحب القلب الكبير وأمير الخير والعطاء ورمز الأبوة المخلصة الصادقة سرير المستشفى بسبب وعكة عارضة ألمت به، هي قدر من أقدار الله لا تنتظر إذنا ولا تمنعها إرادة بشر، وهي خير بإذن الله لمن رضي بقضاء الله وقدره، وإلا لو أن تلك الوعكة لا تدخل إلا بإذن أو تقدم طلبا لدخول الأجسام البشرية لوقفت في وجهها الجموع المحبة دون السماح لها بإيذاء جسد سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، لكنها إرادة الله التي لا ترد، وحكمه الذي لا يقبل تحويلا ولا تبديلا، وقد آمن الجميع بحكم مالك الملك ذي الجلال والإكرام، فله الحمد والمنة وله الفضل في الأولى والأخرى، فقد استجاب سبحانه لدعاء الأمة التي تبتلت إليه تبتيلا فأسبغ لباس عافيته وأسبل ثوب ستره على محبوب القلوب وأبرأه مما ألم به ليعود إلى محبيه سليما معافى يتمتع بحيويته ونشاطه وابتسامته الصادقة التي تنثر أريج السعادة بوجوه خلق الله أجمعين، عاد سلطان الخير ليبذل الخير للأرامل والمساكين والفقراء وأصحاب الحاجات ولينفق سرا وعلانية إنفاق من
لا يخشى الفاقة أبدا، فهو يجبر عثرات الكرام بجود كالبحر لإيمانه بأن أعمال البر في الدنيا ستبنى قصورا في جنات الخلد وتتحول حسنات وأجورا كتلال تهامة وجبال مكة ورمال الربع الخالي وتقي صاحبها مصائب الدنيا وعوارضها الفانية وعيون الحاسدين التي لا تذكر الله حين ترى بعضا من بني آدم في نعمة من بذل الخير والمال لا يرجون جزاء ولا شكورا من أحد، بل يطعمون الطعام ويبذلون العطاء سخيا ابتغاء مرضات الله وطلبا للفوز برؤية البارئ وتحقيق رضاه يوم البعث والنشور، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومعروف أن المال إذا لم ينتفع به الآخرون يبقى حجة أساسية على المؤمن الصادق، ولا يعرف قدر الاقتدار وفضله إلا إذا عم نفعه وانتشر أثره، وتحت ظلال تلك المعاني السامية امتدت أيادي سلطان بأعمال خير وبركة عائدة بالمنفعة والفائدة على المحتاجين من المعاقين وكبار السن ومن المرضى واليتامى الذين يذكرون لمسة سموه الحانية ونظرته الإنسانية الشاملة ورحابة صدره وانبساط أساريره، ليسكن سلطان الإنسان في القلوب بحنانه ونبله ومكارم أخلاقه وعطفه وعطائه، وترتفع الأكف الطاهرة والقلوب المحبة بالدعاء الصادق لأمير الخير ونهر العطاء المتدفق الذي امتلأ قلبه حبا ووفاء، وزين أيامنا ببشاشة المحيا، وتدثر بصفات الخير ورفيع الخلق.
أكتب عن صفات ومناقب سمو سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، سيد المجد والإباء والشموخ، رجل الدولة وسليل دولة الرجال، صاحب المكارم والأعمال الإنسانية والمواقف النبيلة، ولكن يبقى الحديث عن سموه حديثا لا تحيط بمنتهاه إلا لغة الإنجاز، ولهجة الإعجاز، حيث يستعصي قلمي وتنوء حروفي عن التعبير عن الفرحة العامرة بسلامة سلطان الخير الذي عاد مجددا ليحمل الخير الوفير للوطن وللناس أجمعين، ولينثر عطاءاته الحانية على كل صغير وكبير وليواسي المرضى ويدعم المحتاجين ويشجع المبدعين.
لذا أحتفي كما الملايين غيري من أبناء وبنات الوطن بوداع سلطان للمستشفى الذي بقي فيه عشرين يوما اعتصرنا فيها الألم واحتبسنا الأنفاس في صدورنا، نعم عشرون يوما والقلوب تابعت بوجل حالة سموه الصحية وخفقت فيها الأفئدة خوفا وحبا، وبرغم ما مضى من أيام عصيات على الجميع إلا أنها كشفت بجلاء وأكدت على مدى الحب الكبير العميق الذي يتمتع به سلطان الخير لدى القيادة الحكيمة والشعب السعودي الأصيل، فكم رأينا من زحام وتواصل وزيارات وأرجل لا تمل الوقوف أبدا في انتظار طوابير الزيارة التي تسأل وتستفسر عن صاحب القلب الحاني الذي أبكى الجميع حين تواترت الأنباء عبر بيان الديوان الملكي حينها بدخول سموه إلى المستشفى لكن الحمد لله فقد كان أمر الله قدرا مقدورا، وقد ردد محبوه (كلنا سلطان.. نحن فداك يا سلطان.. عشت يا سلطان)، وبعدها انقشعت الغمة وازدانت الدنيا بالأخبار المفرحة التي أطلت على الجميع كنسمة صباحية من الديوان الملكي تبشرهم بخروج أمير الإنسانية من المستشفى إلى غير رجعة إن شاء الله، فعمت البهجة أرجاء الوطن ودخل الفرح إلى قلوب كل الناس، وسعد المعوقون بعودته سليما معافى وطرب بشفائه محبوه من اليتامى الذين ينتظرون رعايته السامية التي لا تنقطع أبدا.
سيدي سلطان العطاء ستبقى بكل مكان ولكل زمان جملة لها معنى ورصيدا في تاريخ الخدمات الوطنية والإنسانية، فقد نذرت نفسك ووقتك لخدمة الإنسان والإنسانية، وغمرت أبناء وطنك بالحب والعطف والرعاية، وامتدت أياديك الكريمة إلى اليتيم لتمسح دمعته وإلى الفقير لتخفف حاجته وإلى المريض لتسهم في علاجه، وكنت يا سيدي ينبوع خير يتدفق عطاؤك في كل اتجاه ولكل أصقاع العالم، عم خيرك كل ناحية وشعر بدفء عواطفك كل المسلمين في أرجاء المعمورة، حيث اختصك الله بقضاء حوائج الناس فكنت المثل والمثال، أكدت للبشرية أننا نعيش في وطن متحضر يهتم بالإنسان ويجعله الركيزة الأساسية في البناء والتنمية والنهوض، وقد زرعت الخير في كل مكان ببذلك السخي وعطائك المعهود الذي فاق كل الحدود ليدعو لك الجميع بظهر الغيب، فأنت يا سيدي أعمال خيرية مستقلة، وأنت مجموعة قلوب تحن، ومجموعة عقول تفكر فيما يكون فيه خير وسؤدد ونمو وتطوير للوطن وللأمة وللإنسانية، وفي كل صفحة من صفحات تاريخك وعمرك المديد نرى لك مواقف رحيمة تعكس ما تتمتع به من إنسانية مرهفة وإحساس صادق تجاه المواطن والإنسان من حولك، ستبقى يا سلطان شخصية استثنائية ورمزا من رموز المملكة العربية السعودية وتاريخها المضيء، وما كثرة محبيك إلا تعبير صادق عن مكانتك السامقة، فأنت سيد أعمال الخير وداعم شتى أبواب البر، عد إلينا يا سلطان بأياديك البيضاء الحانية وقلبك الكبير وعقلك المستنير وبصيرتك النافذة ونظرتك البعيدة، فأنت يا سلطان البهاء جمع كريم من الصفات الحسنة والسيرة العطرة والأخلاق الحميدة والسجايا الكريمة، تعددت مآثرك وتنوعت أفضالك الإنسانية، ترسم الابتسامات على شفاه المكروبين والحزانى، وتزرع الآمال في قلوب اليائسين، وتعيد دبيب الحياة إلى نفوس الذين لا أمل لهم في علاج، وتنثر البهجة على وجوه شحبت بها الأمراض، وتدخل الفرحة على قلوب قرحتها معاناة المرض وعجز ذووها عن علاجها، وتمتد أياديك الحانية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة لتحقق لهم ما تصبو إليه نفوسهم من خدمات ليعيشوا حياة كريمة.عد يا سيدي سلطان لتبعث فينا دفء العواطف بعد أن منّ الله عليك بالشفاء وطوقك بحب الناس لك، تطل علينا من جديد باشراقتك البهية وابتسامتك المعهودة، وها هي قلوبنا تحفك بفيض من المشاعر وعميق المحبة، فأنت قائدنا الحكيم وأنت الشخصية الملهمة ورمز الخير والحب والعطاء، فحمدا لله على سلامتك يا أمير الإنسانية ومرحبا بعودتك الميمونة لتعود نشاطك وعطاءاتك الخيرة، أرجو الله أن يجعل أعمالك يا سلطان الخير في موازين حسناتك، وأن يحفظك من كل سوء ومكروه وأن يديم عليك نعمة الصحة والعافية وأن يبقيك ذخرا لهذه البلاد التي تتدفق حبا وتحنانا وعزة وفخارا لأبنائها البررة، فأهلا بك يا سيد الأيام المشرقة فقد حللت أهلا ووطأت سهلا، ولله الحمد والشكر من قبل ومن بعد.

(**) مدير عام إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved