* دمشق - الجزيرة- عبد الكريم العفنان:
اتفاق الشراكة الأوروبية مع سورية بات محكوما بصيغة سياسية معقدة.
فالشرط الأوروبي بشأن أسلحة الدمار السورية يشكل خلافا في النظرة إلى طبيعة الأزمة الأساسية في الشرق الأوسط.
لأن سورية ليس لديها مانع بشأن التوقيع على البروتكول الإضافي لأسلحة الدمار الشامل.
لكنها تريد لهذا الشأن ان يكون عاما وشاملا لإسرائيل كونها المهدد الرئيس للاستقرار في المنطقة.
الرؤية الأوروبية ربما لا تتناقض جذريا مع ما تراه دمشق، لكنها تجد ان توقيع إسرائيل سيكون لاحقا، أي مع توقيع اتفاقيات السلام في الشرق الأوسط.
وبهذه الصورة فإن أوروبا تؤكد التزامها بأمن ووجود إسرائيل، كما كان عليه هذا الالتزام قبل أكثر من نصف قرن؛ عندما كانت الدول العربية متسلحة بموقف سياسي أكثر تصلبا.
فالخلاف السوري - الأوروبي يبدو مرتبطا بمجال أوسع من العلاقات السورية مع دول الاتحاد، فهو أساسا يتبادل التأثير مع الوضع الإقليمي عموما.
ووفق مصدر اقتصادي في غرفة تجارة دمشق، فإن ما يحدث اليوم خارج تماما عن السياق الذي حكم مفاوضات الشراكة.
وقال المصدر للجزيرة أن المستجد الحالي متأثر إلى حد بعيد بالتوتر الحاصل في الشرق الأوسط، وبإثارة الأمريكيين لمسألة أسلحة الدمار الشامل السورية.
الاتحاد الأوروبي بمجمله حاول التنحي عن كافة الاتهامات الأمريكية لسورية بإخفائها أسلحة صدام.ولم يستخدم هذه الورقة في التفاوض مع سورية. لكن مسار التفاوض خضع في النهاية للعمليات الدولية، ولعلاقة الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة.
فكان التشديد على بند أسلحة الدمار الشامل نوعا من التأثير المتبادل ما بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.
في دمشق ليس هناك ما يدل على وجود أزمة حقيقية، فالرئيس السوري سيزور اسبانيا، بينما عقد أول أمس مؤتمرا حول تطوير العمل المصرفي واستثمارتها في سورية بمشاركة أوروبية واضحة، وبريطانية على وجه التحديد.
أما المساعدات الأوروبية لسورية فلم تعلق بشكل رسمي. هذه المؤشرات تحمل أكثر من معنى حسب المصادر السياسية السورية:
- فالأوربيون وإن طالبوا سورية بالتوقيع على البروتوكول الإضافي للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، لكنهم لا يرون هذا الأمر موجها لدمشق، بل لمستقبل العلاقات الأوروبية مع باقي دول العالم. فالمسألة تتعلق بسياق دبلوماسي اعتادته دول الاتحاد.
- سورية بدورها تعتبر المسألة معرقلة لاحتمالات التطوير المستقبلي، وتعتبرها مسالة سياسية يمكن حلها.لكنها في نفس الوقت لا تريد لمستقبل علاقاتها مع أوروبا أن يكون حالة ضاغطة ضدها.
- الولايات المتحدة تسعى لتعميم عقوباتها.. لكن أوروبا لا تجد أن شرطها امتداد للعقوبات الأمريكية، بل ربما تطويق لأي اتهامات لاحقة من قبل واشنطن ضدها.
هذه الصورة ليست قاتمة، لأن بروكسل أعربت عن قرب توقيع الاتفاق رغم كافة العوائق، إلا أن الحل بات سياسيا حسب مصدر سوري مطلع، قال للجزيرة أن زيارة الرئيس السوري لإسبانيا ستشكل بداية لبحث هذه المسألة بشكل أوسع وسريع أيضا. الاقتصاديون السوريون مجمعون على ان اتفاقيات الشراكة قريبة، وأن العوائق السياسية يمكن حلها.
وهم متفائلون بقرب دخول سورية إلى كافة الاتفاقيات العالمية، لأن الأزمات الحالية ليست عصية على الحل حتى ولو كانت معقدة.
|