في مثل هذا اليوم 28 مايو من عام 1987م، أقلع الطيار الهاوي ماتياس رست من غرب ألمانيا والبالغ من العمر 19 عاماً، من هلسنكي بفنلندا وطار حوالي 400 ميل في المجال الجوي الروسي قبل أن يهبط بطائرته (السيسنا) الصغيرة في الميدان الأحمر أمام الكرملين. وقد تسبب هذا الحادث في إحراج كبير للحكومة والقوات المسلحة السوفيتية.
ويبدو أن رست، الذي تصفه أمه بأنه (شاب مسالم وهادئ ويعشق الطيران)، لم تكن لديه ميول سياسية أو اجتماعية عندما أقلع بالطائرة من المطار الدولي في هلسنكي متجهاً إلى موسكو.
اخترق رست المجال الجوي السوفيتي، لكنه لم يُكتشف أو يبدو أنه قد تم تجاهله أثناء توغله داخل الأراضي السوفيتية. ومع بواكير صباح يوم 28 مايو- أيار عام 1987، وصل رست إلى موسكو ودار حول الميدان الأحمر عدة مرات ثم هبط على بُعد بضع مئات من الياردات عن الكرملين. وعلى الفور قام المشاهدون والسائحون الفضوليون بالإحاطة ب رست، واعتقد العديد أن رست كان جزءاً من عرض جوي. بيد أن رست سُرعان ما تم القبض عليه. وتمت محاكمته بتهمة اختراق المجال الجوي السوفيتي وحُكم عليه بالسجن. وقضى 18 شهراً قبل أن يتم إطلاق سراحه. وجاءت ردود الفعل في الاتحاد السوفيتي سريعة. وعزل الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف وزير الدفاع وتعرضت الهيئة العسكرية الروسية برمتها للإذلال بسبب رحلة رست فوق أجواء موسكو. وكان هذا اليوم بالنسبة للمسؤولين الأمريكان يوماً مشهوداً، وقال أحد الدبلوماسيين الأمريكان في الاتحاد السوفيتي ضاحكاً:(ربما يكون من الواجب علينا بناء العديد من طائرات سيسنا)، الأمر الذي جعل المسؤولين السوفيت يشعرون بالضيق. وقبل أربع سنوات، تم توجيه انتقادات حادة للسوفيت بسبب إسقاطهم لطائرة ركاب نفاثة تابعة للخطوط الجوية الكورية كانت قد غيرت اتجاهها وعبرت المجال الجوي الروسي. والآن أصبح السوفيت أضحوكة لعدم قدرتهم على إيقاف (غزو) أحد المراهقين للبلاد. وأعلن أحد المتحدثين الروس عن ضيقه بقوله:(لقد انتقدتمونا بسبب إسقاط طائرة، والآن تنتقدوننا لعدم إسقاط طائرة أخرى، يا له من أمر عجيب).
|