** بريدة - ناصر الفهيد:
السجن تهذيب وإصلاح.. ولكن تعامل المجتمع مع من يخرج من السجن هو الأهم في مسيرة حياته، ومع ذلك يجد السجناء تعاملا بعيداً عن الإنسانية.. فهذا يرفض توظيفه.. وهذا يرمي عليه كلمة قد تهز كيانه.. وهذا يرفض تزويجه.. إلخ.
مع أن هذا السجين قد تكون أخلاقه أفضل من غيره ممن لم يدخلوا السجن ولكن الظروف هي التي رمته خلف القضبان، إما في لحظة غضب.. أو دين لم يدفعه أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.
هذه النظرة السلبية للسجين من قبل المجتمع لابد لها وأن تتبدل.. ولابد أن يفتح المجتمع صدره لهذا السجين، ليكون عضواً فاعلاً في مجتمعه بالاحتواء والمساعدة والحب.
ولعل قرار مجلس الوزراء رقم 2 في 1- 1-1423هـ هو البداية الحقيقية لتغيير نظرة المجتمع، وذلك عندما قرر إنشاء لجنة وطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم التي تهدف إلى تأهيلهم وإعدادهم ومساعدتهم، وهو الشيء الذي يجب أن يتعاون فيه المجتمع مع الجهات المسئولة حول هذه اللجنة الوطنية لرعاية السجناء تستضيف اليوم الأستاذ محمد بن علي العريفي رئيس اللجنة الفرعية للجنة الوطنية لرعاية السجناء بمنطقة القصيم للحديث عن هذه اللجنة وأهدافها وبرامجها وعن الأدوار المطلوبة من الجهات المسئولة وأفراد المجتمع.
حيث يقول عن هذه اللجنة: إنها تأسست بموافقة المقام السامي للعناية بأسر السجناء والمفرج عنهم بحيث تقوم على تأهيلهم وإعدادهم للعمل في إطار المجتمع، وهذا الشيء لن يتأتى إلا بتكاتف الجهود ودعم المواطنين والمجتمع بأكمله بقبولهم واحتوائهم لتكوين مجتمع مثالي.. وهذه اللجنة تتكون من أعضاء فضلاء لهم باع في الدراسات الاجتماعية الذين يعملون جاهدين مع أهل الخير في إنشاء مشاريع خيرية تساعد على تأهيل المفرج عنهم من السجون ومساعدة أسرهم على التكيف في فترة غياب عائلهم.. وهذا سيكون على مستوى المملكة حيث تم إنشاء العديد من اللجان الفرعية في مختلف مناطق المملكة من ضمنها منطقة القصيم.
مهام إنسانية
وما هي مهام اللجنة الفرعية بمنطقة القصيم؟
- اللجنة الفرعية بالقصيم تتولى تطوير البرامج داخل السجن بالتعاون مع إدارة السجون ممثلة في الخدمات الاجتماعية بحيث يتم تأهيل السجين معرفياً وفكرياً ومهنياً حتى نساعد على اندماجه داخل المجتمع إضافة إلى أننا سنكون بجانب المفرج عنه للبحث عن فرص العمل وتنمية مصادر دخل الأسرة، ونحن عازمون- إن شاء الله تعالى- على ربط علاقات مع مؤسسات المجتمع لاستقطاب هذه الفئة والبحث عن عمل ومساعدة أبناء السجناء كخطوة في مساعدته على تحمل مسئولياته.
تنسيق مستمر
** وما هي علاقة اللجنة مع إدارة السجون؟
- اللجنة والسجون جزء لا يتجزأ، فقد تم عقد اجتماع مع سعادة مدير عام إدارة سجون منطقة القصيم ومع مديري الشعب، وقد شرحنا لهم سياسات اللجنة وأهدافها، وتم الاتفاق على عمل برنامج كامل حول ذلك لتحقيق أكبر درجات النجاح إن شاء الله.
وقد تم وضع بعض المقترحات لخطة عمل مستقبلية، وتشمل رصد وحصر السجناء الذين تنطبق عليهم شروط الرعاية الاجتماعية، كذلك القيام بالحملات الإعلامية داخل حدود المنطقة أسوة بالجمعيات الخيرية القائمة، وجمع التبرعات، وغيرها من مصادر الدعم المادي.. كذلك القيام بالزيارات المتواصلة للسجناء للاطلاع على أحوالهم إضافة إلى اقتراح البرامج التوعوية للسجناء دينياً واجتماعياً وصحيا، كذلك الاطلاع على أوضاع أسرة السجين من ملف دراسة الحالة أثناء فترة سجنه، ومساعدة الأسرة على تقبل صدمة سجن عائلهم، وتجاوز هذه الصدمة.. كذلك من الخطط تهيئة السجين المفرج عنه في حصوله على عمل مناسب إضافة إلى تأسيس قاعدة بيانات بأعمال اللجنة والتنسيق مع الجهات الأخرى، وذلك لرسم خطوة سنوية، كذلك إجراء الدراسات والأبحاث لرفع مستوى الخدمات للمسجونين وغير ذلك من الخطط والأهداف التي تصب في صالح هذه الفئة.
عدة جهات
** وما هي الجهات التي ستكون رافداً لعملكم والمساهمة في ذلك؟
- هناك عدة جهات متداخلة ومترابطة في عملنا، وقد تم التنسيق معها للوصول إلى أفضل النتائج، ومن هذه المؤسسات إدارة السجون، والهيئات الصحية والجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي والشئون الإسلامية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم والجمعيات الخيرية النسائية، والجامعات وأصحاب الفكر وذلك لتسهيل ودعم وتطوير عمل اللجنة، وكذلك يتم التنسيق دائما مع اللجنة الرئيسة، وباقي اللجان لتحسين الخدمات المقدمة.
** اللجنة تحتاج إلى موارد مالية كبيرة لهذا العمل الإنساني الكبير.. فما هي مواردكم؟
ونحن على الله، ثم على وقفات أهل الخير في منطقة القصيم السباقين دائما إلى هذه الأعمال الخيرية، وقد تم فتح حساب في شركة الراجحي المصرفية للزكاة وبرقم 6-98، وللتبرع العام برقم 8-97، ونحن واثقون- إن شاء الله - بدعم أهل الخير في المنطقة وفي المملكة.
الحالات بها توصي الإدارة
** وكيف يتم استقبال الحالات؟
- تم عمل استمارة بحث اجتماعي، وسوف يكون تحويل الحالات من خلال ما توصي به إدارة السجون، وما يتم اكتشافه من حالات تحتاج إلى الدعم والمساعدة سواء للسجين أو لأسرته، وهذا ما تم إقراره مع مدير عام السجون بمنطقة القصيم.
وختاماً فإن هذه المؤسسة الخيرية متطلب لظروف اجتماعية حينما لاحظ ولاة الأمر ما يكابده السجين وذووه من نبذ وعدم احتواء فصدرت التوجيهات الكريمة بإنشاء هذه اللجنة.. وإنني أهيب برجال الأعمال ورجال الخير بأن ينظروا للمفرج عنه رجلا تائبا، وأن نتفاعل مع هذا السجين، وألا ندعهم للشيطان يعبث بهم، بل يجب أن نحتويهم، فهم إخواننا وأبناؤنا، وعندما نقف معهم ونساعدهم، فسوف نبني مجتمعا قويا صالحا يسوده الحب والطيبة والنقاء.
|