ليس من المناسب تسمية الحقد وما ينتج عنه من سلوكيات وألفاظ بأنها جميعاً (ثقافة)، ولكن نسميها كذلك تجاوزاً باعتبارها ثقافة سلبية وضارة بالمجتمع.
والحقد، كما هو معلوم، صفة ذميمة وخُلُقٌ مَشِينٌ لا تتصف به إلا النفس غير السوية المليئة بمخلفات الحسد وتراكمات العقد النفسية والمرض النفسي المزمن، وهو سمة النفوس البغيضة التي تعيش وهي في الحقيقة ميتة، في بيئة خالية من الخُلُقِ الفاضل والتربية السليمة والوعي الرفيع.
هذه النفوس الحاقدة، وهي قليلة بحمد الله في مجتمعنا، لا تتنفس إلا بالغيبة ولا تُروى إلا بأذية الآخرين والنقص من قَدْرهم، وظلمهم.. ولا تنام إلا بدفن تفوق الآخرين وصعودها على أكتافهم.
ومن المواقف التي تجسد هذه المعاني الرخيصة تهميش المبدعين والمخلصين والتفرد بالسلطة وحب الزعامة، وشراء الذمم وتقمص الشخصية الحازمة، وهي في الحقيقة دكتاتوريةٌ مكشوفةٌ وضعفٌ بيِّنٌ لنفس ضائعة بين رغبات النفس وأهوائها وعقدها، وبقايا ماضٍ أسود بسواد قلوبها.
إن القلوب التي تمتلئ بالحقد لا يمكن غسلها أو تنظيف ما بها من أدران الأمراض، بل إن علاجها - كما تقول العرب: (آخر الدواء الكيُّ).. فكيُّها كشف ألاعيبها ووزنها بميزان الشرف والنزاهة، والتي لن تزن في هذا الميزان شيئاً، بل فضحها أمام الناس وتحذيرهم من أذاها.. فهي نبتة سيئة في تربة وطن لا مكان به للحاقدين والمتسلطين.
لتَجْنِ هذه النفوس ما زرعت، وتحصد ثمار كرهها للناس وكره الناس لها.. ولا عزاء لها.
|