* تحقيق-فهد عبدالرحمن الجخيدب:
اضحى الارهاب ظاهرة عالمية حتى اصبحت تهدد أمن واستقرار المجتمعات بأسلوبها الغوغائي الذي يخفي وراءه مظاهر الحقد الدفين والتي يسير الارهابيون بتنفيذها تحت ستار الدين مع أن الجميع يمقتها ويستنكرها ويحاربها ، فبمشيئة الله تعالى لن تستمر هذه العمليات الإرهابية في بلادنا كما يجزم الجميع أنها سوف تنتهي قريباً جداً.
ولكن بعد أن اتضح كفر هؤلاء المجرمين باستهداف رجال الأمن حماة الحرمين الشريفين وترويع الآمنين وقتل الأطفال والهجوم على المنازل السكانية يبقى الموضوع التالي الذي فرض نفسه ونطرحه لكم بكل تداعياته..فما هو (الآثار النفسية للعمليات الارهابية وانعكاساتها على المجتمع).
* وما مدى تأثيرها على وحدة مجتمعنا وترابطه بسبب تورط بعض أفراد الاسر بهذه العمليات؟
* وما مدى انعكاس التغطية الاعلامية لكل جريمة إرهابية على نفسية المواطن؟
* وما دور المؤسسات التربوية التعليمية (للبنين والبنات) في التصدي لهذه العمليات الاجرامية؟
هذه الاسئلة وغيرها تم طرحها وأخذ آراء المتخصصين في ذلك.. فماذا قالوا..
بداية التقينا بأستاذ علم الإجرام والبحث الجنائي الدكتور يوسف بن أحمد الرميح وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية في القصيم حيث قال: الإرهاب ظاهرة عالمية وتحدث يومياً تقريباً حوادث إرهابية حول العالم، ولكن هنا في المملكة لم نعطها حجمها الحقيقي حتى شاهدناها في عقر دارنا.
من صفات قادة المجموعة الارهابية
وليس للإرهاب سبب وجيه معين وإنما تفتعل الأسباب لأمور تافهة يمكن ان تحل عن طريق الحوار والتفاهم ولكن هناك فئات من المغرر بهم وخاصة المراهقين والمغسولة عقولهم لا تستطيع حل مشاكلها من دون العنف.. فعندما يجتمع عدد من هؤلاء المنحرفين الذين يستخدمون العنف بدلاً من الحوار يتكون بينهم قائد لهذه المجموعة الارهابية ومن صفات هذا القائد انه قد يكون قاتلاً سابقاً أو من اصحاب السوابق او ممن تعرض لمشاكل أسرية عنيفة جعلته يتجه دائماً للعنف لحل أي اشكال بسيط. وللأسف يكون هذا قائد المجموعة والتي يختار لها أهدافاً تنقى لايجاد أكبر قدر من الدمار في الأنفس والممتلكات.. ويجب على السلطات مجابهة هذه المنظمات الارهابية بعدما يثبت تورطها بكل صرامة وقوة لأن هذا هو الطريق الوحيد لارجاعها للحق وإنهاء نشاطها الاجرامي.
نهاية قريبة للإرهاب
ولا توجد أسباب معينة لقيام هذه الجماعات الإرهابية حيث تختار الطريق الدموي العنيف لاثبات ذلك، واتوقع ألا تستمر هذه العمليات الارهابية طويلاً بل اجزم انها سوف تنتهي قريباً جداً، ولكن هذا يتطلب عدة أمور لعل من أهمها التعاون التام بين المواطنين ورجل الأمن وذلك لان المواطن هو بالأصل رجل أمن ورجل الأمن هو مواطن بالأصل فكل منهما يكمل الآخر فيجب تعاون الجميع لاجتثاث هذه البذرة الخبيثة.
لابد من تثقيف الجميع وتعبئة الجماهير:
ومن هذا المنطلق أرى أن يتفق الجميع بما فيهم الأطفال وطلاب المدارس عن الإرهاب حتى توجد حاجز وجدار مانع من دخول الأفكار الإرهابية لهذه الفصول الصغيرة، ويجب أن يصارح الأطفال بهذه الفئة الفاسدة حتى يتكون لديهم حصانة ضها.
تماماً مثل التطعيم فأنت تدخل طُعماً فيه من نفس المرض أو الجرثومة حتى يتعرف عليها الجسم ليستطيع مقاومتها. وفي الارهاب لابد من تعريف الجميع صغاراً وكباراً بخطورته حتى يبتعد عنه الجميع ونضمن انتهائه عاجلاً ان شاء الله.
وكذلك لابد من التعبئة الجماهيرية ضد الإرهاب عن طريق وسائل الإعلام والمساجد وخطب الجمعة والمنتديات والأندية الأدبية وغيرها ونستفيد من هذا في عدة أمور من أهمها ايجاد حصانة قوية لدى أفراد المجتمع ضد الإرهاب وكذلك ضمان عدم تعاون أي فرد مع هذه الفئة الباغية وكذلك تعاون أفراد المجتمع عند رؤيتهم أي إرهابي للتبليغ عنه سريعاً.
كذلك محاصرة هذه الفئة الباغية حتى لا تستطيع أن تجد مأوى لها نهائياً حيث يتحتم عيلها التسليم للسلطات الأمنية في البلد، كذلك من المهم جداً وضوح الرؤية والحكم الشرعي في هذه المسألة حتى يتضح للناس فساد هذه الفئة الضالة وتحريم التعامل والتعاون معها لأي غرض كان.
ويجب كما ذكر تضافر جهود الجميع وأقولها ثانية الجميع بلا استثناء لاجتثاث هذه النبتة الخبيثة من المجتمع وحتى نعود وتعود تنميتنا الحقيقية ومجتمعنا الصافي الرائع والذي كان مضرب المثل في الأمن والسكينة والهدوء ولكن رب ضارة نافعة ورب محنة تكون منحة من رب العالمين ليعرفنا قيمة الأمن والذي يأخذه الكثير كحق مكتسب بدون تقدير قيمته وأهميته للجميع فهذه الحالة الطارئة الآن عرفتنا ان الامن له ثمن يدفع بالدماء.
كما التقينا الدكتور احمد بن عبدالله العجلان رئيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في القصيم حيث قال ان الارهاب ظاهرة خطيرة تهدد أمن واستقرار المجتمعات، واضحى اسلوباً غوغائياً يخفي وراءه مظاهر شتى لعل أوضحها ذلك الحقد الدفين الذي يحرك من هم خلف هذه العمليات الدنيئة والذين يتسترون أحياناً بستار الدين وأحياناً بذرائع أخرى.
ولعل خطورة ما في هذه الظاهرة أعني ظاهرة الارهاب والعنف انها احتوت فئات من المجتمع غير واعية غاب عنها العقل السليم، وتحجرت أفكارها فأصبحت قاسية لا ترى ولا تسمع إلا ما يبثه إليها جماعات متشرذمة في جحور تؤويهم.. دونما إعمال لأدنى قواعد العقل والمنطق حول عملية قتل النفس بغير حق أو إفساد في الأرض أو تخريب المرافق العامة التي عن طريقها تقضى على مصالح المواطنين والمقيمين أو تقويض الأمن الذي هو من أفضل النعم.
الإرهاب وآثاره على العائلة
وبدون أدنى شك أن لظاهرة الارهاب آثاراً نفسية واجتماعية واقتصادية تنعكس على المجتمع بكل أطيافه وفئاته.. منها أنه يجرد الفرد من انسانيته ومن الشعور بالأمان هذا الشعور ضروري من أجل تطور نفسي اجتماعي سليم.. وتؤثر على العائلة من ناحية التماسك الأسري وتوفير أطر الدعم الاجتماعي والنفسي.. وكانت الأسرة والعائلة في الماضي الوحدتين الاجتماعيتين اللتين تبلغ درجة التفاعل بين أعضائها مستوى عالياً قد لا يصل إليه أي شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي يحدث في داخل أي وحدة اجتماعية أخرى، ولا تزال هذه الحالة هي السائدة في مجتمع المملكة العربية السعودية إلا أنه وبسبب عمليات الارهاب والعنف قد تفقد الأسرة بل والمجتمع الكثير من خصائصه ووظائفه المهمة.إن آثار الارهاب والعنف لا تنتهي سواء آثار نفسية أو اجتماعية أو اسرية مثل الخوف الاجتماعي أو الإرهاب الاجتماعي ومن آثاره ترمل النساء وتيتم الاطفال وخوف الآباء والامهات والاسر على ابنائهم. ان هؤلاء يروعون اطفالاً ونساء ورجالاً ابرياء ويرملون نساء كن بالأمس قريرات مطمئنات، وييتمون اطفالاً وابناء كانوا بالأمس القريب براعم نامية في حدائق الآباء والامهات. فهل هذه هي اخلاق المسلم والمواطن الصالح، ولكن هؤلاء يساعدون اللئام الذين لا يريدون استقرار وامن هذا الوطن.
واضاف العجلان قوله: إلى كل محب لهذا الوطن العزيز الذي هو قبلة للمسلمين والذي حماه الله ورعاه وكرمه بالحرمين الشريفين إلى كل مواطن ومقيم اقول يجب ان نتعاون مع رجال الأمن الساهرين على أمننا ويجب رد الجميل عن طريق التماسك والتحلي بالصبر وبذل الجهد ليظل هذا الوطن اطعاماً من جوع وأمناً من خوف.
(حكمة)
وقال د. أحمد بن صالح البراك اخصائي نفسي اكلينيكي بمركز التأهيل النفسي بمستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة إن الفكر الانساني هو نتاج جميع مراحل العمر التي تتكون فيها شخصية الإنسان مع العلم ان معالم الشخصية تبدأ بالتكوين خلال السنوات الأولى من العمر التي تحدد شخصية الإنسان من خلال ما يتواجد في البيئة حوله من والدين وأقران.فالشخصية تتكون من خلال عنصرين:
الجانب الوراثي : فقد أكدت الابحاث ان هناك علاقة قوية للجانب الوراثي في تكوين الشخصية.
الجانب البيئي: اكدت الدراسات العلمية مدى أهمية البيئة المحيطة في تكوين شخصية الإنسان وأن البيئة المحيطة كفيلة بتكوين الشخصية الانسانية من خلال ما يتعلمه الشخص وما يفرض عليه وكذلك هناك دراسات تؤكد بأن البيئة هي التي تفرز (أشخاص اسوياء متميزين بعقليات مستنيرة مثل الطبيب والمهندس والعالم).كما ان البيئة هي التي تفرز (أشخاصاً غير أسوياء يكون الاجرام متأصلاً لديهم حسب ما يتلقونه).
وأضاف البراك بأن المرحلة المهمة والحاسمة في تقبل الأفكار هي مرحلة المراهقة فهي أخطر المراحل العمرية والتي يبحث فيها الشخص عن موقع له في المجتمع. وان التعامل مع المراهق حسب ما تتطلبه المرحلة العمرية وتوجيهه التوجيه المناسب وحسب ما يستثمر طاقاته يعتبر أفضل وسيلة لتقبل هؤلاء وذلك من خلال الاسرة والمدرسة وكذلك المجتمع.إن عملية تكوين الاتجاهات والمعتقدات من أصعب الامور التي يمكن أن تتغير أو تغير ما لم يكن هناك تفاعل تام وغير صدامي مع المراهق. إن احتواء الاسرة أو المجتمع للأفراد يعتبر هو افضل طريقة لتعليمهم دون تركهم للآخرين ومن يغرر بهم وتقبل اخطاء المراهق لتكوين شخصيته واستمرار التعليم والمتابعة.
وقال البراك ان برامج التعليم الخاصة بالاطفال خطوة على الطريق الدائم والمستمر إذا امنا بأن التعليم وتكوين الشخصية هي عملية مستمرة ودائمة تبدأ منذ الصغر وتستمر مع الفرد حيث تتميز الشخصية بالتأثر في المراحل الاولى بينما تكون أكثر تأثيراً على الآخرين في المراحل المتأخرة.
وعن مدى انعكاس التغطية الاعلامية لكل جريمة ارهابية على نفسية المواطن قال البراك: تعتبر التغطية الاعلامية ايجابية ومؤثرة في الرأي العام إذا نقلت بمصداقية تامة وفي وقت مناسب وقدمت الحقائق التي تدعم التوجه العام الذي يعتنقه المجتمع. فمن خلال الاعلام غير الموجه الذي يمكن ان ينقل الحقائق يستطيع تكوين توجه عام لدى المجتمع يستطيع من خلاله مقاومة أي توجهات او آراء دخيلة مرسومة من قبل الاعداء سواء داخل المجتمع أو خارجه.
|