Friday 28th May,200411565العددالجمعة 9 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

حادثة وحديث حادثة وحديث
استغلال آخر العمر
عبيد بن عساف الطوياوي ( * )

تجاوز الستين، وكثرت منه الشكاية والأنين، وابيض شعره، واحدودب ظهره، ولم يزل على ما كان عليه قبل عشرات السنين، عاداته هي عاداته، ومعاصيه وذنوبه التي اعتاد عليها ما زال يرتكبها، ولم تخطر له التوبة على بال، مضى به العمر، واقترب من الأجل، وهو في غفلة! وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(أعمار أمتي) - يعني نحن وأمثالنا -(ما بين الستين والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك) فالأجدر به ان يكون عاقلاً، كيساً فطناً، كلما تقدمت به السن، كلما ازداد عملاً للآخرة، وكلما طوى صفحة من عمره، كلما ضاعف جهده، وبذل ما باستطاعته، متزوداً من فعل الخيرات وعمل الصالحات، لأن المدار على آخر العمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه). فكلما طال بالإنسان العمر، كان أولى به أن يتذكر، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} يقول ابن عباس رضي الله عنه: أو لم نعمركم ستين سنة؟ ستون سنة وأنتم في شهواتكم وملذاتكم، فلما رأيتم النار، وأحسستم بعذابها، تطلبون الرجوع! فيكفي غفلة ويكفي إعراضاً، يكفي بعداً عن الله، إلى متى وأنت تسير في مكانك؟ أما كفتك هذه الأعوام التي أمضيتها؟ أما علمت بان الإنسان يبعث يوم القيامة على ما مات عليه؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: (يبعث كل عبد على ما مات عليه).
ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم، أسوة وقدوة، فقد كان صلوات ربي وسلامه عليه، في آخر عمره، يجتهد في عبادة ربه، ويكثر من طاعته، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي). وفي رواية في الصحيحين عن عائشة أيضا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) يتأول القرآن، ومعنى يتأول القرآن، أي يعمل ما أمر به في القرآن، في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

( * ) حائل ص ب 3998


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved