في السنوات الأخيرة اتجه عدد من الباحثين والمؤرخين إلى الكتابة في تاريخنا المحلي، والكتابة عن رموز هذه البلاد في شتى الميادين والمجالات ومنها المجالات الثقافية والفكرية والعلمية الشرعية، وقد تصدى عدد من المؤرخين والكتّاب والإعلاميين لهذا الجانب فأبدعوا وسجلوا ملامح ومعلومات كانت غائبة عن المتلقي، وكانت بالفعل إضافات تستحق القراءة.
وقبل أيام صدر كتاب حمل اسم (عن الشيخ) بقلم الصحفي عبدالعزيز بن زيد الداود تحدث فيه عن ملامح من حياة سماحة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة ورئيس القضاة ورئيس علمائها الأسبق.
وقد جاء الكتاب في حوالي (120) صفحة من الحجم الصغير وقدم له معالي وزير العدل الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ نجل سماحة المفتي، فقال في مقدمة الكتاب:
(باطلاعي على هذا الكتاب وجدت أنه في الجملة قد أبرز بعضاً من الجوانب العلمية والتربوية لسماحته، وبعضاً من مواقفه في الدعوة إلى الله والنصح لأئمة المسلمين وعامتهم وجهوده الإصلاحية المزامنة للتأسيس.
وألمح الكاتب إلى بيان مكانة العلماء والدعاة الربانيين وما لها من أثر طيب ومبارك في مجتمعهم وأمتهم وما لهم من صدارة وتقدير وتميز لدى المسلمين، ولاة أمر وعامة.
وفيه إشارة وتوضيح لحاجة الأمة إلى القدوة الحسنة وإلى الداعية الذي يمتلك الرغبة الشديدة في خدمة المسلمين، والسعي إلى إعزاز الدين في كل زمان ومكان.
ولقد قدم الكتاب هذه السيرة بأسلوب لا يعتمد التسلسل الزمني للأحداث وإنما يعني في كل تفصيلاته بالأثر في الجهود الإصلاحية وإبراز جانب التميز لدى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - وفق رؤية واعية لحياة عَلَم من أعلام أئمة الدعوة ورجل إصلاح وفقه.
وأولى اهتماماً أكبر بسيرته العلمية والتعليمية وبالتحديد أثرها في مسار التنمية الحضارية والفكرية في المملكة العربية السعودية) ا.هـ.
غير أن من أبرز ما جاء في هذا الكتاب هو ما ذكره المؤلف عندما تحدث في أحد فصول الكتاب عن علاقة جمعت بين سماحة الشيخ والشيخ عبدالله العقيل الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي سابقاً، حيث أورد المؤلف ذكريات جمعت بين الشيخين وكان من أبرزها ما ذكرها الشيخ عبدالله العقيل عندما قال:
(وحين زرت الرياض 1384هـ - 1964م برفقة الشيخ عبدالرحمن الدوسري، نزلنا في ضيافة سماحة الشيخ ابن إبراهيم، وحضرنا مجالسه العلمية، طيلة فترة بقائنا في الرياض، واستفدنا من الدروس العلمية والمناقشات الفقهية في تلك المجالس، وكان للشيخ الدوسري حضوره المتميز ومشاركته الفعالة التي لقيت التقدير من سماحته لما يتمتع به من علم واسع وفقه عميق، وسعة في الصدر، وحلم وطول اناة وإكرام للعلماء، وبذل العلم لطالبيه ونجدة ومروءة.. وقد سررت غاية السرور حين عرفت من إخواننا عن تبرعه بقطعة أرض كبيرة جداً في حي النسيم لتكون مقبرة للمسلمين بعد أن ضاقت (مقبرة العود) لكثرة من دفن فيها) ا.هـ.
ويظهر أن هذه هي بداية فكرة مقبرة النسيم عام 1384هـ أي منذ أكثر من أربعين عاماً، كما جاء في الكتاب.
|