Friday 28th May,200411565العددالجمعة 9 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

نريد حلاً سريعاً لا مؤلماً لمشكلة البطالة «7-7» نريد حلاً سريعاً لا مؤلماً لمشكلة البطالة «7-7»
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

المسار السادس:
المسار التوعوي
يقول خبراء التسويق: إنه من الغباء أن تنتج منتجاً متفرداً.. أو تقدم خدمة متميزة.. أو تؤمن بمفاهيم وأفكار حضارية راقية ومحفزة.. وتظن أن الجميع سيتهافتون على منتجك أو خدمتك أو أن يؤمنوا بمفاهيمك وأفكارك.. ويجعلوها دافعاً لسلوكهم.. دون أن تعمل على التعريف بالمنتج أو الخدمة أو التبشير بالمفاهيم والأفكار.. من خلال الوسائل الاتصالية المختلفة.
يجب أن تجعل الشرائح المستهدفة تعرف، تعلم، تنجذب، تؤمن.. لكي تتمكن من تسويق المنتج أو الخدمة أو الأفكار.
ولأسقط هذا على قضيتنا.. أقول: إنني دائماً ألتقي بشباب عاطلين عن العمل بعد أن أنهوا دراستهم.. وشباب لا زالوا على مقاعد الدراسة لكنهم محبطون كل الإحباط من المستقبل.. وعندما أتحدث إليهم.. أجد أنهم لا يعرفون سبباً لذلك الإحباط.. كما وجدت أن المعلومة تنقصهم.. ولا يعرفون ماذا تقدم الدولة من فرص تأهيلية وخدمات توظيفية للشاب السعودي.. لكي يحصل على الوظيفة المناسبة.
كذلك وجدت أن هؤلاء الشباب لديهم أفكار ومفاهيم وقيم مقلوبة رأساً على عقب.. وهذه تشكل حواجز معيقة في أذهانهم.. مما يفوت عليهم اغتنام الفرص التدريبية المناسبة.. التي تؤهلهم للفوز بالفرص الوظيفية المتاحة.
إذا أردنا تغيير أوضاع الشباب السعودي الذي يعاني من البطالة.. يجب أن نغير ما بأنفسهم أولاً.. هذه حقيقة أقرَّها المولى -عز وجل- في قوله {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11).. ومن أجل التغيير الفعاللما بأنفسهم.. يتوجب علينا أن نعزز القيم والمفاهيم السليمة.. ونعالج غير المرغوب أو الخاطئ منها. لماذا؟ وكيف؟
الباحثون في مجالات التنمية الاجتماعية لاحظوا وجود علاقة عكسية بين النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي.. وخصوصاً في المجتمعات الحديثة ذات النمو المتسارع.. حيث تم رصد تراجع مجموعة من القيم الإنتاجية السائدة في تلك المجتمعات قبل حدوث عملية التنمية الاقتصادية.
في المملكة مر المجتمع السعودي إبان الطفرة الاقتصادية بفترة زمنية قصيرة تزامنت مع الارتفاع الكبير والمفاجئ في أسعار النفط.. وفي هذه الفترة لم يتمكن المجتمع من استيعاب حجم هذا التطور الاقتصادي.. ومن ثَمَّ مواكبته بتطور آخر وبنفس المستوى على الجانب الاجتماعي.. مما خلق فجوة كبيرة على مستوى الحركة في الجانبين، زاد من اتساعها سخاء الدولة مع المواطنين آنذاك في التوظيف والتسليف ودعم المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية والعقارية.. ورغم نبل المقصد في ذلك.. فقد أدى هذا السخاء إلى انحسار للقيم الإنتاجية واندثار لمفاهيم العمل السليمة، التي كان يملكها ويتغنى بها مجتمع ما قبل النفط.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى ترسيخ قيم استهلاكية سلبية.. شوهت معالم الشخصية السعودية وحولتها من شخصية تعودت العطاء إلى شخصية استمرأت الأخذ.. ومن شخصية ذاتية الاندفاع إلى شخصية اتكالية.. ومن شخصية تعتز بالعمل والحرفة إلى شخصية تتعالى على العمل.. وتستنقص الحرفة والعمل المهني واليدوي.
إن التطور الاجتماعي العشوائي كان حصاده أجيال متعاقبة تربت على النمط الاستهلاكي، تتشبث ببقايا دولة الرفاه.. وترفض التسليم بمعطيات اليوم ومتغيرات الغد المنتظرة.. أجيال تعاني من حواجز ذهنية لتغير سلبي في منظومة القيم والمفاهيم السائدة.. مما جعلها ترمي بكل مشاكلها التي لها حظ وافر في أسبابها، ترمي بها على الآخر أيا كان.
إن الفهم الخاطئ يؤدي لسلوكيات خاطئة.. وإن إلقاء أسباب المشكلة على الأطراف الأخرى.. يؤدي إلى الجمود والتكلس وعدم التفكير في كيفية حلها والتخلص منها.
إن شاباً همه الحصول على الشهادة، لا على المعارف والمهارات أثناء فترة التعليم والتدريب، ماذا يظن؟ هل يظن أن القطاع الخاص سيفتح له ذراعيه ويعتبره الجوهرة الثمينة التي يجب أن يحتفظ بها؟!
ورجال أعمال يركزون على العائد الاقتصادي ويغفلون الآثار الاجتماعيةوالاقتصادية للبطالة، ماذا يظنون؟ أن الحكومة قادرة وحدها على حل المشاكلالمجتمعية؟.. أم أن تخصيب البيئة التي ينشطون بها ويعملون.. ليست من مسؤولياتهم؟!
ومجتمع لا يقدر المهن والأعمال الفنية واليدوية والحرفية.. ويستنقص من شأن العاملين بها، ماذا يظن؟ أن يكون مجتمعاً بلا بطالة، أليس هذا مدعاة لتكدس الشباب السعودي في الوظائف الكتابية والخدمية غير الكافية، وتهربهم من الوظائف الفنية والمهنية التي يتكدس فيها الوافدون؟!
إن الصورة المبينة أعلاه رغم سوداويتها.. إلا أنه من الإنصاف العلمي والموضوعي القول بأن هناك قيماً إيجابية.. ومفاهيم سليمة نشأت في تلك الحقبة الزمنية، لا زلنا محافظين عليه من موروثنا.. كما أن هناك نماذج وطنية من الشباب العاملين.. وأصحاب العمل.. وأفراد المجتمع.. يمكن أن نعتبرها نموذجاً يقتدى به في المساهمة في حل مشكلة البطالة.. كل ذلك يمكناستثماره وتفعيله ليكون مصدراً لصياغة شخصية المواطن السعودي المنتج الفعال المعطاء.
المواطن السعودي نشط وفعال.. وله حضوره المحلي والعالمي.. ويملك القدرة على العطاء والبذل والابتكار والإبداع متى ما تهيأت له الظروف المناسبة.. وقادر على أن يكتب بأسطر من نور ملحمة تاريخية في القضاء على البطالة في وقت قياسي.
الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها بالعمل على توعية أطراف القضية.. وخاصة طالبي العمل، وهم الطرف المحوري.. توعيتهم بماهية وأهمية دورهم وما ينتج عن تعاونهم من إيجابيات في سرعة حلها وتناقصها.. وما يترتب على تهاونهم من سلبيات تؤدي إلى تعقيدها وتفاقمها.. وذلك من خلال خطة استراتيجية اتصالية.. فهي القائدة لعملية توطين الوظائف في القطاع الخاص كحل استراتيجي لمشكلة البطالة.. والتي استحدثت وزارة للعمل مستقلة لأهمية وحساسية المشكلة.
وقبل التفصيل في المسار التوعوي.. دعونا نتفق على بعض المسلمات:
** أن وزارة العمل هي الجهة الأولى المعنية بقيادة استراتيجية التوعية بالسعودة والتدريب، وأن الجهات الأخرى دورها تعاون وإسناد.
** أن الإعلام سلاح ذو حدين.. فإن استخدم استخداماً خاطئاً كانت نتائجه عكسية ووبالاً على مستخدمه.
** أن وعي أطرف أي قضية بأسبابها وأبعادها وكيفية التعاون في حلها سبب رئيسي في نجاح خطط علاجها.
** الخطاب الإعلامي الموحد يركز الرسالة في أذهان المتلقين.. والخطاب الإعلامي المتعدد الاتجاهات يشتتها.
** الحفاظ على الصورة العامة للمملكة العربية السعودية وتدعيمها قضية جوهرية؛ فالإعلام مسموع محلياً وعالمياً.
** أن الشريحة المستهدفة الكبرى، وهم طالبو العمل، معظمهم من الشباب والمراهقين.
** لمخاطبة المراهقين فإن الخطاب الإيجابي المستثير للهمم أفضل من السلبي الصدامي.
** الوافدون النظاميون ساهموا في تنمية البلاد، وجاؤوا بناءً على رغبتنا، وساهموا في بناء نهضتنا، فيجب احترامهم وتقدير مشاعرهم.
** المعالجة القيمية أسلوب ناجح في التصدي للقضايا والظواهر المجتمعية.
** هناك قيم ومفاهيم يجب تأصيلها بشكل تراكمي.. وهناك معارف ومعلومات يجب تحديثها باستمرار في أذهان الشرائح المستهدفة.
** أن رجال الأعمال لا يتحمسون لدعم حملات توعوية تخالف قناعاتهم.
والآن دعونا كما تعودنا نضع الأسئلة.. ثم نحاول الإجابة عليها بموضوعية.. لنبتكر الحلول القابلة للتطبيق:
1- ماذا نعني بالمسار التوعوي؟ وما أهميته؟
2- مَن هي الجهات القائمة حالياً على الحملات التوعوية؟ وهل جهودها متكاملة ومتناسقة أم متنافسة ومتناقضة؟.. وما نوعية الخطاب المستخدم؟.. موحَّد أم متعدد ؟.. متراكم أم عشوائي؟
3- هل هناك حملة وطنية للسعودة؟ وما حجم الإنفاق عليها؟ وما هو الحجم المالي القياسي لإنجاحها؟ ومَن هي الجهات المشاركة بها؟ ومَن هم أعضاؤها الممثلون لتلك الجهات؟ وما مؤهلاتهم للمشاركة في اللجان المشرفة علىالحملة؟
4- كيف يتم توفير التمويل اللازم للحملات التوعوية حالياً؟ وكيف يجب أنتوفر لتفعيلها؟
5- ما هي مشكلة كل طرف؟ وما هي أهداف الحملة التوعوية التي نرجوتحقيقها لمعالجة هذه المشاكل؟
6- هل هناك تجارب عالمية أو إقليمية تم الاطلاع عليها والاستفادة منها؟
7- مَن هي الجهات التعاونية؟ وهل هي متعاونة؟ وما هي الطريقة الأنسب للتعاون معها؟
8- ما هي مقومات الحملة الوطنية للتوعية بالسعودة الناجحة؟
9- كيف نعمل وبسرعة للبدء في تنفيذ حملة وطنية فعالة للتوعية بالسعودة؟
أهداف المسار التوعوي
1- حث أصحاب العمل بأهمية استقطاب وتدريب وتوظيف العمالة الوطنية في القطاع الأهلي.. وإبراز مردود ذلك الأمر.
2- توضيح أبعاد الاعتماد المستمر على العمالة الوافدة.
3- تغيير اتجاهات وسلوكيات طالبي العمل من المواطنين؛ لتكون أكثر إيجابية نحوه.
4- تأصيل مبدأ تقدير العمل بكافة أشكاله وصوره لدى أفراد المجتمع.
المسار التوعوي هو المسار المحوري لبقية المسارات.. لما لتهيئة جميعالأطراف للعلاج من أهمية في تحقيق التفاعل الإيجابي البناء فيما بينها.. وأثرذلك على السرعة في تحقيق الأهداف المرسومة.
إن مجلس القوى العاملة الذي تم تحويله إلى وكالة للتخطيط في وزارة العمل بعد تأسيسها هو الجهة الرئيسية المسؤولة عن تفعيل المسار التوعوي.. ومنذ أكثر من سبع سنوات وهناك توصية بضرورة تنفيذ حملة وطنية شاملة للتدريب والسعودة.. إلا أن كثيراً من الظروف حالت دون تنفيذها.. وأهمها البيروقراطية القاتلة.. وعدم توفر الميزانيات اللازمة لذلك.. مما حدا بهم للتنسيق مع وزارة الإعلام للقيام بجهود عشوائية غير متكاملة أو متناسقة.. يغلب عليها الاجتهاد من القائمين على البرامج في وزارة الإعلام.. إضافة لجهود مبعثرة قامت بها وسائل الإعلام الأخرى كالصحف والمجلات.. بطرح هذه القضية وتحليلها وتشخيصها، واقتراح الحلول.. وحافزها في ذلك أهمية البطالة للقارئ تارة.. ودور الصحيفة في خدمة المجتمع تارة أخرى.
رغم حماس جميع الجهات التعاونية المساندة للمسار التوعوي.. إلا أنه لا يوجد مشروع توعوي متكامل لتنسيق الجهود لتتكامل مع بعضها البعض.. لتعطي أفضل النتائج المحققة للتراكمية المعرفية والتجاربية.. أي أن الجهود كانت عشوائية لا تستند لخطة استراتيجية.. وهذا ما جعلها تنفذ بشكل فوضوي غير منظم.. فكانت نتائجها سلبية.. وفي أحيانٍ كثيرة مؤلمة تحتاج لحملات توعوية لإزالة آثارها.
الخطابات المتعددة غير المدروسة.. والتي لا تنتظم في خطة متكاملة.. لها تأثير سيئ على الشريحة المستهدفة.. فلو أخذنا أصحاب العمل.. لوجدنا أنهم في حيرة من أمرهم، فتارة يخاطبون باسم الوطنية.. وثانية باسم الإنتاجية.. وثالثة بالتهديد والوعيد.. ورابعة بالتحفيز.. رغم أن الخطاب العالمي الموجه لأصحاب الأعمال يجب ألا يخرج عن لغة الأرباح.
وللعلم، حتى الخدمات الاجتماعية التي تقوم بها الشركات العالمية.. تنضوي تحت لغة الأرباح؛ حيث إن حماية المجتمع ورعايته تساهم في تخصيب البيئة الاقتصادية التي تنعكس نتائجها على الربحية.
إذن نحن أمام خطابات متعددة.. أما التناقض فلا أدل عليه من قولنا لأصحاب الأعمال: إنكم مواطنون يجب حمايتكم وتحفيزكم، وإن علاقتنا معكم علاقةشراكة، ثم عندما يجدوا تسهيلات أكبر في الدول المجاورة ويرغبوا بالاستفادة منها نخاطبهم بلغة التهديد، وأنه لا حاجة لنا بكم، وأن مردَّكم إلى أسواقنا، ونشكك في وطنيتهم، بدلاً من أن نقول لهم: تعالوا نناقش معاً كيف نسهل لكم أعمالكم لتنجحوا وبالتالي توفروا لنا فرصاً وظيفية أكبر؟
المؤكد أنه لا يوجد حملة وطنية للتوعوية بمشكلة البطالة وتوطين الوظائف؟.. إنما هناك نية لتنفيذ حملة من هذا النوع.. وحسب علمي فهي الحملة الوطنية للسعودة والتدريب.. وهي بإشراف لجنة مكونة من أربع جهات، هي: مجلس القوى العاملة، مجلس الغرف التجارية والصناعية، صندوق الموارد البشرية، المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
كانت النية أن تنطلق الحملة في الأول من المحرم لعام 1425 هـ، إلا أن البيروقراطية الأب الشرعي للبطء والتأخير، إضافة لعدم توفر ميزانية مرصودة من الدولة لهذا الغرض.. جعلتا من مهمة إطلاقها في وقتها مهمة عسيرة.
حملة إعلانية.. أقول: إعلانية فقط.. للترويج لمنتج لشريحة واحدة ومحددة وفي منطقة جغرافية ضيقة تستدعي إنفاق عشرة إلى عشرين مليوناً فيالسنة.. فماذا تظنون حجم الميزانية التقديرية لتنفيذ حملة توعوية شاملة الوسائل والأنشطة الاتصالية لتغيير فكر وثقافة وقيم ومفاهيم لشرائح متعددة في المملكة العربية السعودية؟ أعرف سيقول قائل: إن وزارة الإعلام ستبث وتنشر مجاناً، وإن الصحف اليومية ستتعاون.. وأقول: ابحثوا أين نصل للمستمع أو المشاهد أو القارئ السعودي.. وما هي آلية التعامل مع هذه الوسائل.. وهل يمكن لها أن تستمر دون تحقيق مبدأ المصالح المشتركة؟
حملة توعوية.. تقاد من خلال نظام بيروقراطي.. قائم على لجان إشرافية ولجان تنفيذية.. أعضاؤها مشغولون حتى قمة الرأس.. وغير متخصصين بالإعلام والتوعية.. وميزانيتها لا تتعدى الخمسة ملايين على أن يتم توفيرها من الرعايات التي أصبحت استجداءً.
مفهوم الرعايات لم نفهم منه إلا الأخذ وتركنا العطاء.. فالراعي يريد مردوداً.. يريد الرعايات الذكية.. أي التي تحقق مردوداً اجتماعياً على المجتمع ومردوداً تسويقياً على الراعي.
إن حملة توعوية لا يعرف القائمون عليها.. متى تنطلق، وإلى متى تستمر.. كيف يمكن تمويلها؟.. حملة مآلها السقوط.
البطالة مشكلة من أخطر المشاكل التي تهدد البلاد، ولها إفرازات خطيرة مدمرة.. ألا تستدعي توفير ميزانية ضخمة تتناسب وحجم المهمة.. وفريق عمل متخصص متفرغ من رجال الإعلام والعلوم الإنسانية كالتربية والنفس والاجتماع.. فريق يستطيع الاستعانة بمَن يراه مناسباً، وقادر على التحرك بسرعة.. فهو مفوض تفويضاً كاملاً.. ضمن أهداف واضحة المعالم. إنني أعتقد بأنه لن تنجح الجهود التوعوية ما لم تقم وزارة العمل بإعداد خطة اتصالية استراتيجية للتوعية بالسعودة والتدريب.. وترصد لها الميزانياتالأساسية الكبرى.. التي يمكن تعزيزها من خلال الرعايات.. ويفرغ لها فريق مهني محترف للإشراف على تنفيذها.. حسب جداول زمنية دقيقة تراعي الظرف والزمان.. وإلا فإن الجهود الحالية تبرئة ذمة أكثر من أداء لمهمة.
الجميع يعلم أن تشكيل المواقف والاتجاهات في أذهان أطراف القضية ليس بالأمر السهل.. فالحملة التوعوية من خلال الوسائل والأنشطة الاتصالية تهدف بشكل عام لمعالجة الاتجاهات الفكرية والثقافية لدى جميع الأطراف.. بما يواكب المتغيرات والمستجدات في سوق العمل وما يؤثر به.. لتشكيل مواقف واتجاهات جديدة مرغوبة لدى أطراف القضية.. ولتتولد سلوكيات إيجابية تدفع بعجلة السعودة بالسرعة المطلوبة.. فتغيير السلوكيات هي أهم معايير تقييم النتائج.. لكي نقول: إننا نجحنا أم أخفقنا.
وحيث إن الغموض يحمي المسؤول من المحاسبة المعنوية على الأقل.. فلا مقاييس ولا معايير للتقييم.. لذا فإن على الفريق أن يضع مقاييس ومعايير واضحة لتقييم الحملة مرحلياً، والتي يجب أن تشمل الآتي:
1- معدل وصول الرسائل للشرائح المستهدفة.
2- ما مدى استيعاب وفهم الشرائح المستهدفة للرسائل.
3- ما مدى التغيير في السلوكيات الناتجة عن تلقي واستيعاب الرسائل.
على أن يكون التقييم وصفياً وكمياً.. يبين الأوضاع قبل الحملة والنتائج المتوقعة منها والنتائج الفعلية بعد تنفيذ الحملة ومقدار الانحرافات وأسبابها. ولتوضيح ذلك دعونا نأخذ مثالاً.. فلو أخذنا المفهوم السائد اليوم عن الأمن الوظيفي، وهو أن تعمل في جهة حكومية أو شبه حكومية لها صفة الثبات والاستمرار.. أي أن الأمن الوظيفي بيد الآخر.. ووددنا أن نستبدله بالمفهوم الصحيح للأمن الوظيفي.. وهو بما يحمله الفرد من مؤهلات.. وما يكتنزه من معارف.. وما يتميز به من مهارات.. وما يتسم به من سلوكيات.. وما يعتقد به من مفاهيم وأفكار وقيم تجاه العمل والإنتاجية.. فإن علينا أولاً أن نجري دراسة للتعرف على عدد مَن يعتقدون بالمفهوم الأول.. فإن علينا أن نضع هدفاً إلى إنقصاهم مثلاً (50%) خلال عام.. وأن نواصل التركيز على تغيير هذا المفهوم حتى نوصله للنسب المتعارف عليها عالمياً أو ما تُسمَّى بالقياسية.. والتي أظن أنها لا تزيد على (5%) في الدول المتقدمة.
وقبل الختام فإني أرجو أن يكون بين أيدينا خطة اتصالية توعوية.. مستمرة في تواجدها، علمية في تأسيسها، مستهدفة ومتنوعة في رسائلها، مبدعة في أفكارها، مقاسة في نتائجها.. غايتها أن يتفاعل أطراف قضية توطين الوظائف تفاعلاً إيجابياً بناءً للتعجيل في تحقيق استراتيجية توطين الوظائف، وذلك من خلال:
1 - توعية المواطن بأن تنميته لذاته هي مسؤولية شخصية.. ترفع إنتاجيته وكفاءته.. وتحقق التزامه بسلوكيات العمل.. ليكون بديلاً منافساً مرغوباً.. يحقق متطلبات العمل والاستمرارية والنمو في القطاع الخاص.
2- الارتقاء بثقافة تخطيط القوى العاملة والتدريب والتعليم المستمر.. وتعزيز أهميتها في المجتمع السعودي أفراداً ومؤسسات.
3 - تعزيز إيمان أصحاب العمل بأهمية استقطاب وتأهيل الشباب السعودي كخيار استراتيجيي.. يحقق المصلحة الخاصة والعامة.
4- أن يقدر المجتمع العمل بكافة أشكاله ومستوياته، وأن تهدف الحملة التوعوية تفصيلاً للآتي:
1- التأثير إيجاباً في منظومة القيم المرتبطة بالعمل والإنتاجية.
2- تأكيد مفهوم المسؤولية الشخصية في الحصول على مصدر عيش كريموتحقيق الأمن الوظيفي.
3- التعريف بأساليب تأهيل الذات.. والوسائل والبرامج والفرص التأهيلية.. والجهات ذات المصداقية والجودة التي تقدمها.
4- التعريف بالجهات الجادة الداعمة للتوطين.. وكيفية الاستفادة منها.
5- توجيه طالبي العمل للفرص الوظيفية الحالية المتاحة والمستقبلية.. والموارد البشرية المطلوبة كماً ونوعاً.
6- إيجاد مرجعية معرفية موثوقة لأفراد الأسرة تمكنهم من التعامل مع مشكلةالبطالة وتجنبها.
7- تهيئة المجتمع لاحترام العمل بكافة أشكاله ومستوياته.. والتفاعل إيجاباً مع التشريعات المنظمة لسوق العمل.
8- تذكير أصحاب الأعمال بأهمية الدور المنتظر أن يلعبوه بالمساهمة الفعالة في تحقيق استراتيجية توطين الوظائف.. وما يترتب على ذلك من آثار إيجابية على أعمالهم وعلى المجتمع في كافة الميادين.
9- اختيار وإبراز نماذج وطنية في ميدان القوى العاملة وتنميتها كقدوات محددة للاتجاهات المرغوبة.
في المقالات السابقة تشخيص للمشكلة، وحلول مقترحة لست مسارات علاجية.. ناقشتُ كل مسار علاجي منها على حدة.. وإنني لأرجو الله أن تكون مفيدة للباحث والمطلع والمسؤول.. وأن تعمل وزارة العمل على وضع استراتيجية متكاملة لقضية وطنية حرجة تشتمل على التخطيط والتنفيذ معاً.
والله الموفق..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved