Friday 28th May,200411565العددالجمعة 9 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

بعد توقيع العقوبات عليها بعد توقيع العقوبات عليها
الضغوط الأمريكية على سوريا... إلى أين؟!!

* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
في الوقت الذي يعاني فيه الشارع العربي من حالة غليان تجاه الممارسات الأمريكية في العراق والانحياز الواضح لإسرائيل جاء قرار توقيع العقوبات على سوريا لينهي - كما يقول المراقبون - الأمال في نزاهة الولايات المتحدة كقوة عظمى ويزيد الشكوك في أطماعها في المنطقة وهو الأمر الذي حدا بالرئيس السوري بشار الأسد للقول تعليقا على قرار فرض العقوبات: إن الولايات المتحدة اصبحت للمرة الأولى مصدر عدم استقرار في الشرق الأوسط.
ورغم أن قرار فرض العقوبات على سوريا لم يكن مفاجئا لأحد خاصة بعد اعلان مساعد وزير الخارجية الأمريكي ريتشارد ارميتاج بأن العقوبات على سوريا اصبحت وشيكة إلا أن المراقبين وضعوا العديد من التساؤلات حول التوقيت الذي عمدت فيه الادارة الأمريكية للإعلان عن فرض هذه العقوبات خاصة وان هذا يتزامن مع حالة غضب عارمة تجتاح الشارع العربي تجاه الانتهاكات الأمريكية بحق السجناء العراقيين بعد تفجر فضيحة سجن أبو غريب والصمت الأمريكي تجاه العدوان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والانحياز الأمريكي الأعمى لاسرائيل، ويأتي ذلك كله في وقت يسبق انعقاد القمة العربية بتونس بأيام مما يضع المزيد من الألغام في طريق القمة التي اثقلتها تبعات الممارسات الأمريكية والإسرائيلية في العراق وفلسطين والتي تضع القادة العرب أمام مسؤولياتهم تجاه شعوبهم التي تطالب بضرورة اتخاذ قرارات فاعله ضد هذه الممارسات.
من ناحية أخرى ألقت الخطوة الأمريكية الاخيرة بالعديد من المخاوف حول الاستهداف الأمريكي لسوريا بتحريض إسرائيلي يقوده اللوبي الصهيوني في أمريكا خاصة بعد تزايد الاتهامات لسوريا بدعم الإرهاب وتطوير اسلحة دمار شامل وحذر البعض من امكانية ان تفتح خطوة فرض العقوبات الطريق لتدخل عسكري أمريكي في سوريا. (الجزيرة) استطلعت آراء عدد من خبراء السياسة والاستراتيجية حول تداعيات قرار فرض العقوبات.
لفت الأنظار
الدكتور جمال عبد الجواد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية اعرب عن دهشته لتوقيت القرار الأمريكي بفرض عقوبات على سوريا مؤكدا أنه لا تفسير لذلك إلا أن واشنطن أرادت بهذا القرار تحويل الانظار عما يجري في العراق وفضيحة تعذيب الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب والتي كانت أكبر مشكلة تواجهها قوات الاحتلال في العراق منذ بداية الغزو.
وقال:إن كل المؤشرات كانت تفيد بأن واشنطن ماضية في طريق توقيع العقوبات على سوريا ولكنها اجلت اعلان ذلك بهدف عدم احراج أصدقائها العرب الذين كانوا سيتضامنون مع سوريا في القمة العربية التي كان يفترض أن تعقد في آخر مارس في تونس وتأجلت، والآن واشنطن تصدر العقوبات قبل أيام من عقد القمة العربية دون أي حساب لإحراج هؤلاء الاصدقاء خاصة وان هذا الأمر سيزيد من غضب الشارع العربي تجاه الممارسات الأمريكية ضد العرب سواء في العراق أو فلسطين ثم سوريا.
وأكد أن اصدار هذه العقوبات في هذا التوقيت هدفه الأساسي صرف الانظار عن الاتهامات الموجهة الى الولايات المتحدة بسوء ادارة الوضع في العراق في فترة ما بعد الحرب والتي تزايدت بعد تفجير فضيحة سجن ابو غريب وذلك من خلال الالقاء بالمسؤولية على سوريا فيما يتعلق بالفوضى السائدة في العراق بزعم انها تساند الإرهاب.
واضاف ان القرار الأمريكي لم يراع أية تداعيات يمكن ان تنتج عنه داخل المنطقة العربية خاصة وان واشنطن تعلم ان مثل هذا القرار سيؤدي الى مزيد من التضامن العربي مع سوريا وان وزراء الخارجية العرب بادروا خلال اجتماعهم الاخير في القاهرة بالتضامن مع سوريا ضد ما يسمى بقانون المحاسبة الذي اقره الكونجرس الأمريكي في نوفمبر الماضي وتأييد الموقف السوري المتمسك بالحوار لحل الامور العالقة مع واشنطن.
العراق كلمة السر
واكد الدكتور بهجت قرني استاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ان العراق هو كلمة السر في قرار العقوبات ضد سوريا مشيرا الى ان الاتهامات الأمريكية تكررت في الفترة الاخيرة لسوريا بتسلل عناصر اجنبية الى العراق عبر الحدود السورية ودعم المقاومة العراقية وإثارة الاضطراب والقلاقل ضد الوجود الأمريكي في العراق وقد تعالت المطالب الأمريكية لسوريا وحث الرئيس الأمريكي بوش سوريا على تقديم الدعم الكامل لقيام عراق مستقر موحد وتكثيف جهودها على الحدود العراقية - السورية لمنع تسلل المحاربين الاجانب من دخول العراق وكذلك ضرورة تجميد الارصدة الخاصة بالنظام العراقي السابق كما تريد أمريكا الاستفادة من قدرة سوريا على التأثير على العشائر العراقية المختلطة في تهدئة الاوضاع داخل العراق وهذه العقوبات مجرد خطوة في طريق طويل ضد سوريا ربما ينتهي باستهدافها اذا لم تخضع للمطالب الأمريكية.
واشار الى ان الاتهامات الأمريكية ضد سوريا ليست وليدة الساعة وانما تمتد لكل القضايا الشائكة في المنطقة مرورا بالتدخل السوري في لبنان المجاور ورعايتها للمنظمات الفلسطينية ودورها المزعوم في دعم الإرهاب اضافة الى قضية العراق الحالية وتداعياتها وكان توقيع الرئيس بوش لقانون محاسبة سوريا اواخر العام الماضي احد أدوات الضغوط الأمريكية ضد سوريا في اطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب ويعد قرار فرض العقوبات الاخيرة حلقة جديدة فيما يتعلق بتوتر الاوضاع في العراق الذي تعاني منه أمريكا وسيبقى احتمال تصاعد التوتر بين الجانبين رهنا بتعاون دمشق او عدم تعاونها في الملف العراقي.
ضغوط مشروطة
ويقول السفير علي حجازي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الاسيوية ان العقوبات الأمريكية ضد سوريا مرحلة على طريق الضغوط الأمريكية على دمشق لأمور تتعلق بدورها في القضية الفلسطينية والوضع في العراق ولعدم التزام دمشق بعدد من المطالب الأمريكية وهي المطالب التي حددها الرئيس بوش كشروط لمراجعة قرار العقوبات وهي ان تثبت الحكومة السورية نية صادقة في البحث عن سلام حقيقي من خلال مواجهة العنف والإرهاب وكذلك التخلي عن مشاريعها لتطوير اسلحة الدمار الشامل واخيرا احترام استقلال لبنان وسيادته وقال بوش ان واشنطن سترد بايجابية اذ لبت سوريا هذه الشروط وانها قد تتعرض لعقوبات اخرى اذا رفضت الالتزام بها.
وقال حجازي ان الشروط الثلاثة التي حددها بوش لمراجعة قرار العقوبات ليست وحدها السبب في فرض العقوبات وانما هناك ما هو اهم بالنسبة لأمريكا وهو ما يتعلق بالدور السوري في دعم المقاومة في العراق وفلسطين ومطالبة دمشق بضرورة لعب دور ايجابي من اجل اعادة الاستقرار في العراق والاعمار وكذلك التخلي عن دعم منظمات المقاومة الفلسطينية وحزب الله وقد جاءت العقوبات ردا على تمسك سوريا بمواقفها السابقة في المداولات العربية التحضيرية للقمة العربية في شأن القضية الفلسطينية والعراق.
واكد ان ترك بوش الباب مواربا لمراجعة قرار العقوبات يشير الى عدم نية واشنطن للتصعيد اكثر من ذلك مع دمشق ورغبتها في حدوث تجاوب فعلي من جانبها يساعد أمريكا على استعادة ضبط الاوضاع في العراق ويتوافق ذلك مع تأكيد سوريا تمسكها بالحوار الموضوعي لحل الامور العالقة مع واشنطن بعد تقليلها من اهمية تأثير العقوبات عليها ولذلك فالعلاقات بين الطرفين غير مرشحة للتوتر اكثر في المرحلة المقبلة على الاقل لحين ضمان واشنطن بعض الاستقرار في العراق والانتهاء من معركة الانتخابات الرئاسية التي تعوق اتخاذ اي خطوات اخرى ضد اي دولة في ظل ما تعانيه القوات الأمريكية في العراق من صعوبات.
تحريض إسرائيلي
ويؤكد احمد ابراهيم خبير الشؤون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان هناك مخاوف قديمة من أن تستخدم أمريكا قانون محاسبة سوريا وفرض عقوبات عليها للتدخل عسكريا خاصة وان اجزاء من مشروع قانون محاسبة سوريا تحمل ذريعة لتبرير تدخل عسكري ضد سوريا وهي عبارة أعمال عدائية من جانب سوريا ضد القوات الأمريكية في العراق هذه العبارة يمكن ان تبرر لجوء الادارة الأمريكية الى القوة ضد دمشق رغم الحوار الجاري بين البلدين وهو ما يشير الى ان أمريكيا تمضي في طريق التصعيد مع سوريا وليس التهدئة.
وقال ابراهيم ان اسرائيل عززت من هذه الضغوط الأمريكية على سوريا بتحريض واشنطن ضد دمشق وروجت اسرائيل لقائمة مطالب قالت انها تفضل ان تقدمها عبر الأمريكيين تبدأ بازالة خطر حزب الله من جنوب لبنان اضافة الى الاتهامات الاسرائيلية لسوريا بالسماح بمرور شحنات اسلحة ايرانية الى حزب الله تشمل صواريخ ارض ارض طويلة المدى وان تكف سوريا عن السماح لقادة حماس والجهاد الفلسطينيين باستخدام دمشق كمقر لهما ولم تنس اسرائيل التأكيد على ان سوريا تواصل تشجيعها لما تسميه الحركات الإرهابية.
واضاف ان اللوبي اليهودي في أمريكا تبنى هذه المطالب ومارس الكثير من الضغوط على الادارة الأمريكية لاتخاذ اجراءات ضد سوريا اسفرت في النهاية عن اصدار قانون محاسبة سوريا وفرض عقوبات عليها وابرز اعضاء هذا اللوبي ريتشارد بيرل الذي تزعم فريق التحريض ضد سوريا بزعم انها ساعدت العراق بمعدات عسكرية اثناء الحرب وانها ربما تكون آوت قيادات من اركان نظام الرئيس العراقي صدام حسين وأكد أن اسرائيل تسعى منذ زمن لفتح جبهة على الجانب السوري وتضغط على أمريكا للمضي في هذا الاتجاه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved