لا يعلم هذا الإنسان المسكين البسيط المتكبر أحياناً يرتمي بأحضان مَنْ في هذه الحياة، تجده ما بين فترة وأخرى هائماً ومحتاراً تتقاذفه الأمواج إلى كل صوب تتخاطفه أيدٍ لا ترحم ولا تعطف، ينظر بعين دامعة يبعث عن الحنان ولكن لا يعلم باحضان مَنْ يرتمي.. يبدأ مسيرته العصرية بخطوة متعثرة يقوم ويحاول الوقوف ولكن يقع مرةً أخرى يكرر المحاولة اليائسة ويقف ويتعثر بوقوفه ولكنه يقع هذه المرة وقوعاً أقوى من سابقه.. ينظر يمنة ويسرة يتطلع إلى يد حانية تمتد إليه من وسط الظلام وتسنده، ولكن لا يجدها يبقى بدهشته ويخاطب نفسه ويقول: كنت أظن الحياة سهلة وممتعة باستمرار، ولكن فاجأتني الحياة بأنها صعبة وشاقة ويقول بأحضان من نرتمي يا ترى؟ هل هذا الحضن الذي نرمي أجسامنا بداخله يضمنا ويرحمنا ويخفف من لوعنا ويمسح دموعنا ويواسينا؟ والا حضن قاسٍ لو وقعنا فيه وشعر بوجودنا بحجره لكنه لا يرحمنا، بل يقذفنا مرة أخرى إلى الأمواج العاتية والصحاري القاحلة يتركنا لوحدنا هائمين على وجوهنا وسط غابة موحشة مخيفة لا يسمع فيها سوى أصوات السباع التي تتدافع صوبنا، بالتالي تحاول الانقاض علينا وافتراسنا بأنيابنا المكشرة حتى ننتهي من هذا الوجود ولم نعلم بأن الحياة هكذا مرة أخرى باحضان مَنْ نرتمي؟.
*) الأرطاوية |