Friday 28th May,200411565العددالجمعة 9 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

قصة قصيرة قصة قصيرة
التوقيع
عبد الله سليمان الطليان

كان هندامه لا يعرف الا القليل من الأناقة وهو غير مكترث لهذا فالنسيان زحف اليه وجرده من الاهتمام بهذا الجانب فكانت شرارة التلهف تتوقد في داخله مع كل نظرة تبحث بشغف في الوصول للهدف والوقت ينصرم سريعا وينحسر ويبقى في دائرة الحيرة والترقب، تتجاسر خطواته في الاندفاع لكنها ما تلبث أن يقيدها التيه، نظر الى ساعته الذهبية كالطبيب الذي يقيس نبض المريض فوجد انه يجرفه الى الضياع، قبض بشدة على الورقة التي في يده وتمنى ان تتمزق وينتهي ويعود من حيث اتى فالحنق والضيق نصبا معالمهما ويكادا ان يجهزا عليه، عاود تحرير نفسه ولو قليلا من هذا الشعور وحاول التغلب عليه فراح يزيد في الخطى التي اصابها الكسل لفترة لكن حماسته تسرب اليها الضعف في كل خطوة فصار البطء يغزوها فتراجعت تعلن الهزيمة وهو في تحد صارخ لا يمكنه ان يعلن عن فشله وعدم معرفته فمنذ كان صغيرا لا يرضى في ان يستجدي المساعدة من احد كبرياء وعزة نقشها وحفرها في داخله جعلت منه عنيدا متصلبا لا ينهار او يخور عند الموقف مهما كان، طبيعة رسخت مع الزمن، الوقت كان اقوى منه فهو يسبقه تاركه سجين شعوره الذي يخالجه، حاول الاقتراب في نقد ذاته والتنازل عن الشموخ والتعالي، انه مجرد سؤال سوف يأتي من غريب لا يعرفني ولا أعرفه سيخرجني من حالتي تلك، دخل في حالة التردد واخيراً قرر المواجهة وعدم الخضوع والانصياع من اجل امر بسيط زادت حدة التحدي لديه لا يود ان يقال عنه انه احتاج الى مساعدة فيوصف بأنه محتاج تقع على لسان احد ولو كانت لا تعطي حقيقته، ادلف الى ممر طويل فطرق سمعه ثرثرة كانت بمثابة قدح من الماء أخمد جزءا من شعلة مستعرة في جسده، ثرثرة احيانا تكون ساذجة يمتزج معها قهقهة وضحك متقطع وها هي الصورة التي نقلت اليه تتجسد امامه بشكل واضح ومع زيادة خطواته اصبحت الثرثرة تتعالى وخاصة من ذلك المكتب فعرف على الفور انه ثرثار الادارة الذي طالما سمع عنه والذي حاول التميز بنثر الكلمات للحصول على الطموح فهو لديه النقاش الجاد والحلول الناجحة لكل القضايا، شعر بصداع خفيف ضرب رأسه بعد هذا الاجهاد ولكن في النهاية انفرجت اساريره وانكسرت قيود الحيرة والتشتت، لقد وصل إلى الهدف.. لوحة كبيرة مزخرفة كتب عليها المدير العام.. (الحمد لله) قالها مع نفس طويل.. ماذا تريد؟ اريد المدير.. انه غير موجود، احس بالغيظ والضجر ولكن هذه الورقة لابد ان يطلع عليها انه امر هام لا بد ان ينجز.. دعني اطلع عليها.. انها فقط تحتاج الى توقيع ومن غير الضروري ان يوقع عليها المدير شخصياً.. بعد هذا العناء والتعب.. واتضحت الحقيقة الاخرى التي انبلجت امامه في ان المدير في هذه الإدارة مثل فزاعة الحقول يبقى أحياناً شكلاً ومسمى فقط.

*) الخرج


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved