* نجران - حسن آل شرية - أحمد معيدي:
هل بات من الضروري ايجاد حل بديل وفعال لانتشال حدائق نجران العامة ومنتزهاتها الطبيعية من دائرة الإهمال لإعادة استغلالها بشكل جيد وجديد نعم.. لقد اصبح من المهم البحث عن حل جذري لهذه المشكلة.
من هذه النقطة ستسعى ( الجزيرة) وفي سياق هذا التحقيق الى القاء الضوء على وضع الحدائق والمنتزهات الطبيعية بالمنطقة وذلك من خلال معرفة آراء المواطنين من خلال محورين اساسيين هما:
الأسباب التي ادت الى تدهور هذه الحدائق ووصولها الى هذه الحال.. والحلول المقترحة لاخراج هذه المنتزهات من عنق زجاجة الاهمال.. لنتمكن في المستقبل القريب من الاستفادة من هذه المساحات الواسعة من الناحيتين السياحية والاقتصادية..
وقد كانت البداية مع المواطن سالم مهدي عبدالله الذي تحدث عن الموضوع قائلا:
*****
اسكن منذ فترة طويلة بجانب احدى الحدائق بنجران وبالكاد تكون زياراتي واسرتي لتلك الحديقة، يرجع السر وراء تلك الزيارات القليلة والتي تدرجت في قلتها لحد الانقراض الى عدة اسباب كان من اهمها التدهور الملحوظ في وضع الحديقة الناتج عن الاهمال الواضح لنظافتها وتقليمها وصيانتها.. العامل الذي أدى بها للتحول من منتزه طبيعي يهرب اليه السكان للاستجمام وللراحة بعد يوم عمل شاق ومن مناخ لطيف وصحي الى مكان غير مريح تنتشر فيه النفايات هنا وهناك ويسوده اجواء غير صحية وهذا ما جعلني اهجرها نهائيا.. مع ذلك لا القى بالمسؤولية الكاملة في هذه الحال على المشرفين على هذه الحديقة فقط بل أرى ان للزوار دوراً مباشراً او غير مباشر في هذا الوضع المزري وذلك لا يكون إلا بعدم الاكتراث بوضع هذه الحديقة كرمي النفايات هكذا عشوائيا على بساطها الاخضر دون تحميل النفس ذلك المجهود البسيط لوضعها في الحاويات المخصصة لها كذلك الاستخدام الخاطئ لمحتوياتها من معدات رش او العاب للاطفال وغيرها.. دون وعي وادراك ان ذلك سيسهم فيما بعد الى اندثارها ونهايتها.. من هنا يجب ان نتعاون جميعا في المحافظة على حدائقنا العامة ولتكن البداية بالوعي الكامل بأنها وضعت لتعوضنا ما افقدتنا اياه الحضارة والمدنية الحديثة بأوجهها الصناعية من ملامح رائعة للطبيعة..
أصبحت منسية
أما المواطن خالد علي خرصات قال: ان وجود الحدائق العامة والمنتزهات الطبيعية داخل المدن ذات التطور والنمو العمراني كان له اثر ايجابي في خلق نوع من الرضا والراحة والنشاط داخل تشكيلات المجتمع المتنوعة وبمختلف الاعمار لانها بأجوائها المشبعة بالأكسجين وبمناظرها الجميلة تمتص ذلك الكم الهائل من الضغوطات والتعب والارهاق والجهد المبذول اثناء فترات العمل والدوام الرسمي وتمنح بالمقابل الفرد نوعاً متجدداً من النشاط والطاقة التي تمكنه من بداية يومه الجديد بحيوية كبيرة تساهم في تحقيق الاهداف التي تسعى خطط التنمية الى تحقيقها.
اما اليوم فقد فقدت تلك الحدائق الكثير من مميزاتها وصفاتها الايجابية التي كانت تتمتع بها في وقت مضى.. وذلك يرجع لعدة ظروف سلبية مرت بها بداية بالإهمال الجزئي ونهاية بوضعها في خانة النسيان.. من هنا يجب أن نعيد النظر من جديد في وضع هذه الحدائق والتفكير جيداً في قضية اعادة تأهيلها او فتح ابوابها امام القطاع الخاص لاستثمارها...
وانا ومن وجهة نظري أرى ان اعادة تأهيلها يكاد يكون عوداً على بدء فكما تغلغل اليها الاهمال سابقاً سيعود اليها مستقبلاً.. ولكن لو تركنا للقطاع الخاص حرية الاستثمار فيها فسيكون الوضع مختلفاً وستكون النتائج بعون الله مشجعة.
حل فعال
كما تحدث المواطن مانع هادي آل دويس قائلاً: ان نجران مدينة ذات طبيعة خلابة واجواء معتدلة طوال العام وهذا بحد ذاته نقطة مهمة في الجانب السياحي بالمنطقة.. ولكن ما ينقصنا حقاً هو تطوير المنتزهات الطبيعية داخل المنطقة ونقلها من وضعها الحالي المتهالك وذلك لن يكون إلا بوضع خطة مشتركة بين الجهة المشرفة على هذه المنتزهات والحدائق وبين رجال الاعمال الذين يمتلكون القدرة المادية والنظرة المستقبلية في الجانب السياحي ليتوصلوا في النهاية الى حل فعال وعملي يكفل انتشالها من حيز الاهمال والجمود الى حيز الوجود والظهور والاستفادة.
منتزه الملك فهد
من جهة اخرى قامت (الجزيرة) بزيارة لاكبر المنتزهات الطبيعية بمنطقة نجران وهو متنزه الملك فهد الوطني... والذي يتميز بتكوين بيئي بديع استغلته البلدية احسن استغلال ليكون مرفقاً مهماً للترفيه باعتباره يقع في وسط المنطقة بجوار منطقة اثرية هي الاخدود وبذلت في تحسينه وتجميله مبالغ مالية طائلة حتى يصبح في ابهى الحلل ولكن البلدية التي صرفت تلك المبالغ لايجاد وتحسين هذا المكان باتت في الاونة الاخيرة تغض الطرف كثيراً عن متابعة اوضاعه وصيانة بقاعه حتى بدأ هذا المرفق بالتراجع شيئاً فشيئاً ليصبح في المستقبل القريب وفي ظل هذا التجاهل أثراً بعد عين...
وفي هذه الزيارة التقت (الجزيرة) بعدد من زوار المنتزه والذين تحدثوا عن الاوضاع داخل هذا المنتزه وعن وجهة نظرهم في معالجتها.. فكان المواطن فاضل آل مهري أول من صادفنا وقد تحدث عن هذا الموضوع قائلاً: منتزه الملك فهد غابة شاسعة جداً ولذا تطلب ايجاد مضخات للمياه وأنابيب للري بالتنقيط في كل ارجاء المكان عند انشائه فأصبح شبيهاً ببساط اخضر يمتد بامتداد البصر ولكن غياب الصيانة والمتابعة ادى الى غياب ذلك البساط الساحر من العشب الاخضر ليتحول تدريجياً الى مساحات من الاتربة والعشب اليابس الذي تذروه الرياح في وجوه الزائرين.
كما ان انابيب المياه البلاستيكية المستخدمة للري تم اتلافها للاستفادة منها في شيء اخر كعمل مراجيح للاطفال.. كما ان آلات الري المحوري معطلة ولا توصل المياه بالشكل المطلوب الى جميع الاماكن مما تسبب في تصحر كثير من ارجاء المكان واطلب ختاماً تكثيف الجهد والاهتمام بهذا المنتزه الرائع.
وأكد على حديثه المواطن عائض الوادي مضيفاً ان هنالك سبباً آخر وهو الابل والاغنام التي تأكل بنهم الاعشاب الخضراء في المنتزه وتأتي على الاشجار فتفسدها وتكسرها.. فهل هذه منطقة للرعي أم منتزه للاستجمام وهل لصاحب تلك الماشية مكانة تمنعه من الردع ام انه بقدر اهمال صاحب هذه المواشي لها بقدر ما هي الجهة المسؤولة عن المنتزه مهملة في حقه وحق رواده؟؟.. ربما يتعللون ان هذه الابل والاغنام تسهم في مساعدة البلدية في موضوع التسميد للتربة لجعلها صالحة للزراعة.. ربما!
أما المواطن وافي آل حارث فقال: من المستحيل ان تجد مرفقاً عاماً داخل المنتزه يصلح للاستخدام.. كدورات المياه او اماكن لعب وترفيه الاطفال والزوار.. كما أن الغابة التي تمتد لكيلو مترات لا يوجد بها مسجد واحد ولا بوفيهات ولا اماكن للشراء، اللهم بعض عربات الايسكريم.. من هذا كله نطمح جميعنا في ماهو اكبر وافضل من ذلك، في وجود مصليات ودورات للمياه نظيفة ومقسمة للرجال والنساء، نطمح في وجود اماكن للعب اطفالنا ولنا نحن الكبار فوجود ملعب او ملعبين لكرة القدم كفيل بحل مشكلتنا بدلاً من بقائنا طوال فترة التنزه جالسين على اصحن المكسرات والاطعمة.. نطمح في اماكن لشراء احتياجاتنا اثناء التنزه.. نتمنى وجود مواقف للسيارات داخل المنتزه فأكثر ما يقضي على الاعشاب هو وقوف سيارات الزوار للمنتزه عليها.. واذا لم تكن لدى البلدية القدرة والامكانات والمرونة لتشغيلها فلتسلمها لشركة مناسبة تفيد وتستفيد وتقدم خدمة راقية وبرسوم مقننة يستطيع الجميع دفعها.. فالمهم ان نعالج هذا الوضع.
أما مانع آل ذيبان فقال: ما طلبناه هو شيء قليل مما يترتب على مسؤولي المنتزه توفيره فأهم شيء عليهم القيام به هو الصيانة العاجلة والشاملة ومراقبة الجوانب السلبية سواء منا كمتنزهين او منهم كمسؤولين او من الفئة التي تتعمد التخريب.. واتخاذ حلول رادعة ومانعة لكل الجوانب السلبية التي نراها في هذا المكان الذي يعد من المتنفسات العليلة هنا في نجران.. فبالإضافة الى زوار المنتزه من ابناء المنطقة والمقيمين فيها فهو وجهة ايضاً لكل الوفود السياحية القادمة من خارج المنطقة او حتى من خارج المملكة فهو وجهة الجميع ورمز من رموز السياحة والجمال والحضارة بالمنطقة.. فهل من اللائق والمشرف ان يستقبل المنتزه زواره ورواده وهو على هذه الحالة المزرية من الاهمال...
ختاماً منتزه الملك فهد الوطني مكان رائع ورئة تتنفس بها نجران يحتاج الى الاهتمام والرعاية والمتابعة ليبقى خير واجهة وخير مكان او سيتحول يوماً مع وضعه الحالي الى غابة مهجورة ومنسية..
ويجب ان ندرك ان مجال الحدائق والمتنزهات والمحافظة عليها ونظافتها وتنظيمها مسؤولية مشتركة بين المواطن والمسؤول فهما المستفيد الاول والاخير منها...
كما ان للمحافظة على جمالها وروعتها دوراً كبيراً في استقطاب السياح الذين يشاركون بدورهم وبشكل غير مباشر في دعم الحركة الاقتصادية بالمنطقة وبشكل مباشر ايضاً في ازدهار الجانب السياحي.
|