استعذ بربِّ النَّاس، ملك النَّاس، من شرِّ: الوَسْوَاس، الخنَّاس، الذِّي يوسْوِس في صدور النَّاس، هذا الشيطان بأعوانه، وأبنائه، وجميع عشيرته وأهله يتضافرون على نزع الاطمئنان والسَّكينة من صدر الإنسان المؤمن بربِّه الواثق من نفسه، القويُّ في عزمه... كي تضعف قوَّته فينقُصُ إيمانه فتتهاون ثقته...، وأولئك الجِنَّة الذِّين هم منه، وعلى شاكلته... فكبارهم وصغارهم على شقاء المؤمن يعملون، ولا يدرأ عن صدر المؤمن كيدهم إلاّ أن يستعيذ منهم بالله تعالى الذِّي يراهم ويسمعهم ويعلم أمرهم...
واستعذ برب الفلق، مَنْ شقَّ الصُّبحَ، وأسدَل الظَّلام من شرِّ النّاس الذِّين خلقهم، وبقيّة الخلْق، من الدَّواب والهوام، والبحر، والصحراء، والرِّيح، والمرض، و... و... وظُلمة اللّيل في غموضه، وعماه.
ومن شرّ كلِّ من يتعامل مع شرِّ نفسه وشرِّ الشَّيطان، وشرّ الجن فتتضافر مكيدتهم بالسِّحر المحرِّم...أو الحسد.
والمتمعِّن في الاستعاذة المأمور بها المسلم المؤمن التَّقي الفاهم الخبير ممَّ ن آتاه الله الحكمة والنّظر، وأضاء له البصيرة وعلّمه ما يفيده ورَزَقه الإيمان في نقاط هاتين السورتين اللَّتين عظَّم أمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لربط بين خلقْ الله تعالى فوق أرضه وفي كونه العظيم الذين يتَّقيهم الإنسان، ممَّن يتصرّف شراً بقّصْدٍ وهُمُ الشياطين من الجنِّ والإنسان.
فبعض الشرِّ الذِّي يأتي من ذي عقل أشدُّ قوَّة لأنّه موجّه للإنسان ذاته، وبعض الشر يتَّقيه الإنسان بعقله وحسن تصرُّفه، وأمر التوكّل على الله في الاستعاذة منه للحماية ممَّا يقدِّمه شرُّ الإنسان حريٌّ بأنَّ يؤمن المرء بأنَّه لن يخلو منه ولن يتَّقيه إلاّ بإيمان مطلق بأنَّ الحافظ منه ومن سواه هو الله تعالى الذِّي خلق الخلق في هذا الكون العظيم، وقدَّر لهم أن تكون حياتهم في كبد.
ويبدو أمر الاستعاذة أقوى إلحاحاً في هذه الحقبة من الزمن حيث ضعف إيمان النَّاس من جهة، وكثر على المؤمنين أعداؤهم من جهة أخرى...
فالشر عمَّ وهو الأعمُّ...
والفساد في النُّفوس كثر واستشرى...
وما خلق الله من (الدَّواب) و(الوحوش) أصبح مكانها القنابل والصواريخ والأمراض والجراثيم والفايروسات والأغذية والكيميائيات و... و...
فالمؤمن، المسلم، كلٌّ من يؤمن بما خلق الله عليه الخلق من قوَّة وضعف وما فيهم من غرائز الخير والشر يعلم يقيناً أنّ شوكة الشرِّ أقوى وأنَّ سيف الإيمان في غمده وهو في كلِّ الأوقات، وعلى أيِّ الحالات يحتاج للاستعاذة بالله العظيم في أمور ما يحدث على مستوى الخصوص والعموم، في حياته الخاصة والعامة...، في أموره المعاشة أو في مجتمعاته المحاربة، لعل الله يعيذ المسلمين والمسلمات من شرِّ أنفسهم ومن شرِّ كلِّ من يريدهم بشرٍّ من شياطين الإنس والجان. ليحفظ الله الحياة لهم وهم فيها بسلام.
ويمنح المؤمنين قوَّة الصبر، وحسن العمل لمواجهة قضاء الله تعالى فيهم ذلك الذي أمره يعود بالصَّبر عليه بالخير، إن شاء الله تعالى .
|