* الرياض - الجزيرة :
قال بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) أن المملكة شهدت العديد من الخطوات الإيجابية، التي أدت بدورها إلى تعزيز ثقة المستثمرين في اقتصاد منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام والاقتصاد السعودي بشكل خاص. فقد أدى سقوط النظام في بغداد إلى التقليل من حالة عدم الاستقرار السياسية التي سادت المنطقة وفتحت مجالات عديدة للاستثمار. كذلك، فإن نوايا الحكومة السعودية نحو الانفتاح الاقتصادي وبخاصة في قطاعي البنوك والبنية التحتية ساعدت على تحسين أعمالها ضمن مجتمع الأعمال الدولي.
وقال في تقرير له عن الاقتصاد الكلي للمملكة أن الحكومة أعطت الأولوية للتقليل من حالة البطالة في البلاد. علماً بأن التعداد السكاني السعودي يشهد حالة نمو سريع، وذلك بمعدل نمو سنوي المركب بلغ 4.65 في المائة خلال الفترة من 1998 وحتى 2003م. الأمر الذي زاد من تفاقم مشكلة البطالة، والتي تقدر حالياً بما يقارب 15 إلى 20 في المائة. وللتغلب على هذه المشكلة، باشرت الحكومة بالقيام ببرنامج (السعودة) والتي تخصص بعض الوظائف للمواطنين السعوديين فقط. كما قامت الحكومة بتخصيص مصادر إضافية لتطوير القوى العاملة عن طريق توفير سبل تدريب وتعليم بشكل أفضل للسكان السعوديين.
وجاء في التقرير يعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على عائدات النفط كما أن اتجاه الاقتصاد السعودي يقوده الاتجاه العام في أسواق النفط. ففي العام 2003م، اضطرت السعودية إلى زيادة إنتاجها من النفط وذلك لتعوض عن النقص الناتج من تراجع إنتاج النفط في العراق وفنزويلا. فقد أدت زيادة الإنتاج هذه والتي رافقها ارتفاع في أسعار النفط، إلى تحقيق ارتفاع حاد في مستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي (12 في المائة على أسس اسمية). أما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فقد عكس انخفاضه محققا نموا بنسبة 6.4 في المائة في العام 2003م. ومع ذلك، فإننا نعتقد أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام 2004 سوف يشهد تراجعا، وذلك بسبب تراجع مساهمة عائدات النفط في الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة للانخفاض في إنتاج وأسعار النفط.
أما الإيرادات الفعلية في العام 2003، فقد فاقت العائدات المتوقعة والمحددة في ميزانية عام 2003 وذلك بسبب الارتفاع في أسعار النفط. ونتيجة لذلك، فإن العجز المالي المتوقع في ميزانية العام 2003 قد تحول إلى فائض مالي وصل إلى 45 مليار ريال سعودي. ومع ذلك، قامت الحكومة السعودية من جديد بتقدير عجز مالي في ميزانية العام 2004م. نعتقد أن الإيرادات النفطية من المتوقع أن تنخفض بسبب توقعات انخفاض أسعار وإنتاج النفط في العام 2004م.
حيث إننا نتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى ما بين 1 إلى 2 في المائة في العام 2004، بسبب ضعف أسعار النفط المحتملة في النصف الثاني من العام الحالي.
ومع ذلك، سيشهد تكوين رأس المال نموا، حيث ان الاستثمار سيتم من قبل المستثمرين الخاصين والأجانب، منتهزين فرصة استقرار الوضع السياسي ومعدلات الفائدة المنخفضة السائدة.
هذا وتظهر المملكة العربية السعودية عادة فائضا ضخماً في حسابها الجاري، والذي استمر في العام 2003 كذلك. إلا أننا نتوقع أن تقل فجوة العمليات التجارية وذلك مع انخفاض أسعار النفط. كذلك من المتوقع أن تنخفض الأموال غير التجارية المتدفقة إلى الخارج والناتجة عن خدمات أو تحويلات من أموال المغتربين، وذلك بسبب استبدال هذه العمالة بالمواطنين السعوديين كجزء من جهود الحكومة لتخفيض معدلات البطالة بين المواطنين.
تسعى الحكومة إلى تخفيض اعتمادها على النفط كمصدر أساسي لإيرادات صادراتها من النفط، كما أنها تقوم بالتشجيع على تطوير الصناعات الأخرى. وقد بدأت بالفعل عملية الإصلاح والخصخصة، كما أن الحكومة قد قامت بتخفيض حصتها في بعض الشركات الرئيسية مثل، شركة الاتصالات السعودية وشركة الكهرباء السعودية، والتي حازت على اهتمام كبير من قبل المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك فإن المملكة العربية السعودية تدعو إلى المشاركة الأجنبية من أجل استغلال قطاع الغاز. فبعد انهيار مشروع مبادرة الغاز السعودية، قامت من جديد بإعادة هيكلة مبادرة الغاز ومنحت العقود إلى شركات أجنبية. أما نشاطات الإعمار فقد حققت تقدما سعيا للاستفادة من معدلات الفائدة المنخفضة، كما أننا نتوقع رؤية العديد من المشاريع الكبيرة خاصة في القطاع السياحي. ونتيجة لذلك، ستستخدم المملكة العربية السعودية وتدعو إلى استثمارات كبيرة في قطاع البنية التحتية، وخاصة في قطاع الكهرباء والذي يشهد زيادة في الطلب بنسبة 4 إلى 5 في المائة سنويا.
وقد أظهرت السعودية التزاما بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والتي سيتطلب عليها فتح بعض القطاعات أمام الأطراف الدولية. وكخطوة نحو الانفتاح في قطاع البنوك، كان السماح بافتتاح فرع مستقل من البنك الألماني في البلاد.
كذلك تم السماح لبنوك من منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بالعمل في البلاد. ونعتقد هنا بأن النتائج القوية لقطاع البنوك بالإضافة إلى نوايا الحكومة بفتح القطاع سيؤدي إلى تشجيع عدد أكبر من الأطراف على الدخول إلى السوق، والذي سيزيد بالتالي من المنافسة وجودة الخدمات.
وقد ظل التضخم تحت السيطرة ببقائه منخفضا جداً أو سالبا خلال السنوات الخمس الأخيرة: إلا أنه وبسبب ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، فإن الانخفاض في الدولار أثر على الزيادة في أسعار البضائع المستوردة، وبالتالي أدى إلى رفع مستوى التضخم، وبالرغم من هامشيه. من المتوقع أن يكون تضخم متوسط سعر المستهلكين أقل من 1 في المائة خلال العام 2004م.
وبسبب ربط العملة، اتبعت أسعار الفائدة المعدلات الأمريكية ونتوقع أن تستمر على هذا الشكل. تمتلك السعودية احتياطي كبير من العملات الأجنبية والذي من الممكن استعمالها لاحتواء أي نشاطات غير اعتيادية في الأسواق المالية. فقد شهد عرض النقد نموا ثابتا، بالرغم من الانخفاض في الودائع لأجل وودائع التوفير وذلك بسبب تحويل المستثمرين أموالهم باتجاه أسواق الأسهم ذات الأداء الملموس.
إن التحسن في الاقتصاد والأداء الجيد للشركات والبنوك كان له تأثير على ثقة المستثمرين وعلى السوق السعودي الذي حقق ارتفاعا بلغ نسبته 76 في المائة مقاسا بمؤشر تداول السعودي، محتلا بذلك مركزا من بين الأسواق الأفضل أداءً في المنطقة. كذلك سجلت القيمة السوقية ارتفاعا قارب 110 في المائة في العام 2003 نتيجة لارتفاع أسعار الأسهم وإدراج الشركات الكبرى في السوق مثل شركة الاتصالات السعودية. ومن المعتقد بأن جولة أخرى من الأداء الجيد للشركات والبنوك ومبادرات الخصخصة الحكومية ستساعد على زيادة اهتمام المستثمرين، ومن شأنها بذلك دفع الأسواق في جولة جديدة من الارتفاع.
|