* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
في جريمة حرب جديدة أقدمت قوات الاحتلال على استخدام الأطفال والنساء والمعتقلين من أهالي رفح دروعاً بشرية خلال اقتحامها منازل ومناطق في مخيم رفح.
شهود عيان قالوا ل (الجزيرة): إن عدداً من الأطفال تم تقييدهم في مقدمة الجيبات العسكرية خلال تجوالها في المناطق المحتلة من رفح لتجنب رصاص المقاومة..
المواطن الفلسطيني، خالد عبد العزيز البيومي، الذي اعتقلته قوات الاحتلال، من منزله الكائن في منطقة كندا من حي السلطان، قال: إن قوات الاحتلال أجبرته على السير أمام الجنود، وطالبته بفتح منزل محمد سعيد النجار (أبو سمير) المجاور، وبعد وقت من الطرق على باب المنزل فتح الباب، حيث أجبر الجنود السكان جميعاً وهم أربع عائلات على الجلوس في غرفة واحدة، في الطبقة السفلية من المنزل، ومن ثم أجبرت المعتقل وسعيد النجار وإخوته، على إحداث فتحات في جدران شقة سمير والسور الذي يحيط بالسطح، ليتمركز فيها قناصتهم..
وتابع هذا المواطن الفلسطيني، يقول: واصلت قوات الاحتلال احتجازه ورفضت السماح له بإحضار الدواء من منزله القريب، مما دفعه للامتناع عن تناول الطعام طوال الفترة كونه مريضاً بالسكري..
وأفادت المواطنة الفلسطينية، سعاد البيومي، التي احتجزتها قوات الاحتلال وأطفالها لمدة يومين، في الطبقة الأولى من منزلها، أن أطفالها الخمسة أصيبوا بهلع شديد جراء احتجازهم واستمرار تواجد الجنود بعتادهم الحربي.. وتابعت تقول: إن الجنود غادروا منزلها فتمكنت من الصعود من شقة جيرانهم إلى شقتهم، لتجدها مدمرة، حيث حطم الجنود الأثاث بالكامل، وسرقوا مصاغها ومدخراتهم، كما أحدثوا فتحات كبيرة في جدران الشقة.. وأضافت المواطنة الفلسطينية: أن أكثر ما يثير الاشمئزاز هو أن الجنود تعمدوا التبول على فرش المنزل بالرغم من وجود حمامين. .
وإلى جانب استخدام المعتقلين دروعاً بشرية، تستغل قوات الاحتلال المعتقلين لإحداث فتحات في جدران المنازل، ليستخدمها الجنود في قتل المدنيين، وهو ما أكده المستشار القضائي لقوات الاحتلال بقوله: إن قوات الاحتلال لم تنقل المعتقلين إلى داخل الخط الأخضر، وإنما تواصل احتجازهم داخل أحد المنازل، مما يشكل تهديداً حقيقياً لحياتهم..
وأكد أحد سائقي الإسعاف وهي الحالة النادرة، التي سمح فيها بدخول الحي لسيارة إسعاف أن ما شاهده يعتبر كارثة، حيث رأى دماراً كبيراً في المنازل، وأن الطرق التي يعرفها مرصوفة، تحولت إلى تلال من الحجارة والرمال، حيث جرى تجريفها بالكامل، الأمر الذي يؤكد تعمد قوات الاحتلال تدمير البنية التحتية في المناطق السكنية الفلسطينية بالكامل..
وأفادت المواطنة الفلسطينية رضا العفيفي، أن قوات الاحتلال شرعت في هدم منزلهم، على حين غرة، ودون أي تحذير مسبق حيث فوجئوا بجدران الغرف تنهار على ما فيها من أثاث وممتلكات، وأن الله ساعدهم، حيث يوجد باب صغير بينهم وبين أقاربهم، مما سهل عملية هروبهم قبل أن تنهار الجدران على رؤوسهم..
وأضافت المواطنة العفيفي تقول: نحن نتجمع الآن في منزل قريبهم بسام العفيفي، وإن عددهم يبلغ نحو خمسين فرداً، وإن الماء والغذاء يكادان ينفدان..
وقال الأهالي في أحياء ومخيمات رفح ل (الجزيرة): إن الأوضاع تتجه نحو مزيد من التفاقم، في ظل استمرار حالة الحصار والإغلاق المشدد، حيث تعزل المنطقة عن محيطها.. كما تواصل تلك القوات إطلاق النار على كل ما يتحرك في المنطقة.. وهذا في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة، والنقص المستمر في كميات المياه والغذاء المتوفرة لدى السكان..
بدا الفلسطينيون وكأنهم طائر الفينق الذي يخرج من وسط الركام
وبعد مضي نحو أسبوع على بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، وصلت هذه الحملة، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم (قوس قزح)، مساء (الاثنين)، إلى نهايتها، لتبدأ تتكشف جرائم الصهاينة بحق البشر والشجر والحجر، لكن الفلسطينيين في المدينة بدوا وكأنهم طائر الفينق الذي يخرج من وسط الركام، هذا هو حال الفلسطينيين في مدينة رفح.. لم يكلهم تعب ولم يجهدهم جرح ويعملون بالمثل القائل: (الضربة التي لا تميت تزيد قوة وصلابة)..
فالعملية العسكرية الأوسع منذ بداية الانتفاضة التي كانت من نصيب مدينة رفح، البوابة الجنوبية لقطاع غزة، والتي أسفرت عن هدم مئات المنازل وتشريد آلاف الأشخاص واستشهاد أكثر من 57 فلسطينياً وفلسطينية وإصابة أكثر من 240 آخرين بجراح ما بين المتوسطة والخطيرة، كل هذا الحزن والألم والقهر الذي عاشته مدينة رفح وازدادت حدته في الأيام الستة الماضية، هذا كله لم يزد هؤلاء المواطنين إلا إيماناً وصلابة بعدالة قضيتهم وبضرورة مقارعة المحتل الإسرائيلي حتى واإن كان بالوسائل البدائية..
ومع إعلان الجيش الإسرائيلي انتهاء عمليته العسكرية في مدينة رفح وخروج الآليات العسكرية من أحياء تل السلطان والبرازيل بالكامل، بدأت المدينة تعج بالحياة مجدداً على الرغم من كل الآلام والجراح المثخنة التي عانتها طوال 6 أيام متواصلة، حيث تجول مراسل (الجزيرة) في المدينة..
فحي تل السلطان الذي خضع لأبشع حصار له كان اليوم في قمة الحياة الممزوجة بآهات وصرخات الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن والزوجات الثكالى والأطفال اليتامى ليؤكد هذا الحي بصموده أنه لا يأس مع الحياة.
تجمعات من المواطنين تجدها هنا وهناك، فهؤلاء النسوة يتجمعن عند أنقاض منزل الجارة (أم خالد) الذي هدمته جرافات الاحتلال، لمساعدتها في انتشال بقايا قد تساعدها على تحمل صعوبة الحياة.
وتقول لاجئة فلسطينية من عائلة (أبو جزر) في الخمسين من عمرها: لن يهزمنا شارون ولا دباباته فنحن الأقوى لأننا أصحاب حق ولا يضيع حق وراءه مطالب، ونحن لن نكلّ أو نملّ من المطالبة بحقوقنا.. نحن هنا وسنبقى هنا والشيء الوحيد الذي سيبعدنا عن هنا هو العودة إلى ديارنا التي هُجِّرنا منها..
وتابعت تقول: رأينا الموت بأعيننا طيلة ستة أيام ولكن هذا كله لن يجعلنا نتنازل عن شبر واحد من أرضنا أو نتزحزح عنه.. فقدنا أولادنا وأزواجنا.. شربنا كاس الحسرة والمرارة ولم يتبق لنا شئ سوى أن نظل مدافعين عن منازلنا أمام هذا المحتل.
وتقاطعها بالقول جارتها التي كانت منحنية تحاول إخراج بعض الثياب المدفونة تحت أنقاض بيت جارتها: يعنى هم يفكرون أنهم بهذا خلصوا علينا.. هذا بعيد عنهم، وتضيف: لا أحد يستطيع إخراجنا من هنا دون موافقتنا، وتشير إلى أنقاض المنزل قائلة: هذه الأنقاض لم تدفن تحتها أحلامنا، كل ما هو موجود تحت هذا المنزل المدمر يمكن استعادته ؛ لكن ما لا يمكن استرجاعه هو كرامتنا وهيبتنا وحقنا إذا وافقنا على التنازل عنه..
(الجزيرة) تفضح أكاذيب دولة الاحتلال
وفي وقت نقلت فيه وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية مشاهد الدمار الذي خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح، وتأكيد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن قوات الاحتلال هدمت أكثر من 180 منزلاً في المدينة، ادعى قائد مفرزة غزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، العقيد شموئيل زَكاي، بعد ظهر (الاثنين 24 - 5 - 2004)، أن الجيش هدم 56 منزلاً فقط، فيما يواصل رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي (موشيه بوغي يعلون)، الادعاء بأنه تم هدم 12 منزلاً فقط..!!
وكانت وكالات الأنباء العالمية تناقلت صوراً مروعة للمنازل المدمرة والدفيئات الزراعية التي جرى تسويتها بالأرض، والشوارع التي تم حرثها، والتي تؤكد عمق الجريمة الحربية التي ارتكبها جيش الاحتلال في المدينة المحاصرة خلال أسبوع.. وقد تكشف عمق الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في رفح، بعد قيام الجيش الإسرائيلي بإعادة انتشار قواته خارج مدينة رفح..
وأثارت التغطية التلفزيونية للاجئين وهم يبحثون وسط أنقاض المنازل المدمرة في رفح غضباً عالمياً كما تسببت في خلاف داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي الأحد الماضي، حيث قارن وزير القضاء الإسرائيلي، يوسيف لبيد، بين مشهد امرأة مسنة تبحث بين الأنقاض في رفح، وبين معاناة جدته إبان النازية، الأمر الذي أثار عاصفة ضده في جلسة الحكومة. وزعم العقيد الصهيوني قائد مفرزة غزة (شموئيل زَكاي): أن غالبية شهداء مذابح مدينة رفح كانوا مسلحين، وأن من بين الشهداء الـ 58 كان هناك فقط 12 مدنياً، والباقون مسلحون..!
وتعرض هنا (الجزيرة)، ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية بأن حصيلة الضحايا من الأطفال والفتية الذين استشهدوا خلال هجمات جيش الاحتلال الصهيوني في رفح بلغت 22 طفلاً، من أصل 58 شهيداً وشهيدة خلال ستة أيام خلت، والشهداء الأطفال والفتية هم..: حسن خضر عواجة (16 عاماً)، محمد موسى موافي (17 عاماً)، حامد فايز أبو حمرة (16 عاماً)، هاني محمد عبد الرحمن قفّة (16 عاماً)، إبراهيم إسماعيل البلعاوي (17 عاماً)، محمد جاسر الشاعر (15 عاماً)، أحمد جاسر الشاعر (16 عاماً)، أسماء محمد المغيّر (13 عاماً) أحمد محمد المغيّر (9 أعوام)، إبراهيم جهاد القن (16 عاماً)، صابر أحمد أبو لبدة (12 عاماً)، علاء مسلّم شيخ العيد (15 عاماً)، وليد ناجي أبو قمر (12 عاماً)، محمود طارق محمود منصور (13 عاماً)، مبارك سليم الحشاش(10 أعوام)، أحمد جمال أبو السعيد (12 عاماً)، رجب نمر برهوم (16 عاماً)، حامد ياسين بهلول (17 عاماً)، محمود نجيب محمد الأخرس (15 عاماً)، وائل محمد أحمد أبو جزر (16 عاماً)، تامر يونس العرجا (ثلاثة أعوام)، وروان محمد أبو زيد (ثلاثة أعوام).
|