في مثل هذا اليوم 26 مايو من عام 1960، وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، اتهم السفير الأمريكي لدى المجلس هنري كابوت لودجا الاتحاد السوفيتي بالتورط في أنشطة تجسس على السفارة الأمريكية في موسكو لعدة سنوات. ومن الواضح أن التهم كانت محاولة من الولايات المتحدة لصرف النظر عن الانتقادات السوفيتية عقب إسقاط طائرة التجسس الأمريكية يو-2 فوق الأراضي الروسية مع مطلع ذلك الشهر.
ففي 1 مايو - أيار عام 1960، تم إسقاط طائرة التجسس الأمريكية عالية التطور (والتي كان يُعتقد أنها لا تُقهر) يو-2 فوق أراضي الاتحاد السوفيتي. وعلى الرغم من أن المسئولين الأمريكان أنكروا في البداية وجود أي طائرة تجسس من هذا النوع، إلا أن السوفيت عرضوا حُطام الطائرة وقائدها فرانسيس جاري باورز. وتم إحراج المسئولين الأمريكان ومن بينهم الرئيس أيزنهاور، مما أجبرهم على الاعتراف علانية بأن الولايات المتحدة كانت تتجسس بالفعل على الاتحاد السوفيتي بطائرات عالية الارتفاع. ومع ذلك، أعلنت الحكومة الأمريكية مراراً أنها لم تكن تفعل شيئاً لم يفعله السوفيت أنفسهم. وكدليل على هذه التهمة، عرض هنري كابوت لودج القضية أمام مجلس الأمن الدولي. وهناك أخرج نسخة خشبية من الختم الأعظم الخاص بالولايات المتحدة. وكان يوجد بالداخل جهاز تصنت وإرسال صغير. وادعى لودج أن الختم تم تقديمه للسفارة الأمريكية في موسكو عام 1945 من قبل مجموعة من المواطنين الروس. وفي 1952، اكتشف رجال الأمن أثناء اقتحامهم للسفارة جهاز التصنت. ومضى لودج في توضيح أنه قد تم العثور على أكثر من 100 جهاز تصنت آخر داخل السفارات الأمريكية في روسيا ودول الكتلة الشيوعية الأخرى خلال الأعوام القليلة الماضية. هذا وقد كان الممثل الروسي في مجلس الأمن يضحك كثيراً بينه وبين نفسه خلال عرض لودج ثم سأل (من أين جاءت هذه الافتراءات ومتى سيتم كشفها؟) وعلى الرغم من تهم التجسس التي وجهتها أمريكا ضد روسيا، لم يكن هناك شيء يتفوق على ضرر إسقاط طائرة التجسس يو-2، والإنكارات المتوالية والإحراج العام الذي عانى منه أيزنهاور والمسئولون الأمريكان عندما اتضح كذبهم. وقبيل تقديم لودج في مجلس الأمن بعشرة أيام، انتهى اجتماع قمة بين أيزنهاور والزعيم الروسي نكيتا خروشوف بتبادل الاتهامات الغاضبة من كلا الجانبين بسبب أعمال التجسس وسوء النية.
|