كلُّنا فيكِ يا بلادي جنودُ
فيكِ نَحمي الحمى وعنكِ نّذودُ
كلُّنا فيكِ يا بلادي وفاءٌ
وثباتٌ على الهدى، وصُمودُ
كلُّنا للإباءِ فيكِ محبٌّ
طاعنُ السِّنِّ والفتى والوليدُ
ومَليكٌ،وشعْبُهُ، ورجالٌ
ونساءُ، وواهنٌ وشديدُ
نحن في أرضكِ الكريمة قَلْبٌ
نابضٌ بالهدى، ورأيٌ سَديدُ
جمَّع الشَّمْلَ بيننا خيرُ دينٍ
وبنى صرحَنا الكتابُ المجيدُ
كعبةُ الله فيكِ رَمْزٌ عظيمٌ
للتآخي، وما عليها مَزيدُ
يتساوى أَمامها النَّاسُ حتى
صار مثلَ القريبِ فيها البعيدُ
أشرق الوحيُ في رُباكِ فزالتْ
حُجُبُ الوهم، واستضاء الوجودُ
عَبَقُ المجد في ربوعكِ أضحى
مثلاً تنتمي إليه الوُرودُ
في ثراكِ الطَّهور آثارُ مِسْكٍ
لخُطَى سيِّد الأنامِ تَعودُ
فاح في الكون عطرُها، ومُحالٌ
أنْ تَحُدَّ الشذا الجميلَ الحدودُ
يا بلاد التوحيدِ، ما أنتِ إلاَّ
واحةٌ ثوبُها القديم جديدُ
نَبْعُ أمجادِك النَّقيُّ تلاقى
حوله الخصبُ والنَّماء الأَكيدُ
في بساتينكِ الجميلةِ نَخْلٌ
باسقٌ في الذُّرا، وطَلْعٌ نَضيد
وغصونٌ ثمارُها دانياتٌ
من يد المجتني، وحَبٌّ حَصيدُ
نظم المجد منكِ عِقْداً ثميناً
تستحي حينما تراه العقودُ
أنتِ بَيْتُ الإسلام مَهْوى قلوبٍ
خافقاتٍ، شعارُها التوحيدُ
كلُّنا فيكِ يا بلادي احتفاءٌ
بصروحٍ من الهُدى لا تَميدُ
ربما نُخطئُ الطريقَ ولكنْ
حينما نبصر الطريقَ نعودُ
فيكِ سرنا،والأمنُ ظلٌّ وَرِيفٌ
خفقتْ منهُ في رُباكِ البُنودُ
يا بلادَ التوحيدِ، للهِ يومٌ
في أعاديكِ قادمٌ موعودُ
قَلْعَةُ المسلمين أنتِ سيَهوي
دون أسوارها العدوُّ الحَقُودُ
في مدى ناظريكِ حَقْلُ يقينٍ
حُفِظَتْ بالوفاءِ منه العهودُ
فاتركي عنكِ ما يردِّدُ باغٍ
وغريقٌ في وهمه، وحِسُودُ
في طريق الغلوِّ نارٌ تلظَّى
وانحرافٌ وقَسْوةٌ وصدودُ
ما رأينا الغُلاةَ إلاَّ رأينا
كيف يطغى نكرانُهم والجحودُ
قد رأينا غُلاةَ دين النَّصارى
يستطيبون ما يقول اليهودُ
ويغنُّون للطغاةِ نشيداً
كَنَسياً، فبئسَ ذاك النَّشيدُ
ورأينا كبيرهم حين أَلْقى
خطبةَ الظلم، جيشه العربيدُ
ورأينا السجين، لا تسألوني
عن سجين بكت عليه القيودُ
إنما تبلغ اللُّصوصُ مَدَاها
حين تغفو عن العرين الأُسودُ
منهج الحقِّ واضحٌ، فلماذا
يتجافى عنه الشَّقيُّ العنيدُ؟
منكِ يا أرضَنا الشموخُ، ومنَّا
عزماتٌ وهمَّةٌ وصعودُ
ينتهي البَغْيُ بالخسارةِ مهما
بُنِِيَتْ منه في الطريق السُّدودُ
يطلبُ الواهمُ السعادةَ فيما
حرَّمَ اللهُ ، والتَّقيُّ السَّعيدُ