قبل سنوات قليلة كتبت ببعض التفصيل عن الفرق بين إعلام الهلال وإعلام النصر وتوصلت إلى بعض الانطباعات العامة. من بين الانطباعات أن الهلال يلعب على عدة ملاعب ولديه أكثر من فرصة لتحقيق النصر، فالكرة مثل السياسة لا تتقرر نتائجها في ميدان التصارع وحده وإنما تقوم على محاور كثيرة من بينها دهاليز السياسة ووسائل الإعلام. يلعب الإعلام دوراً بارزاً في بلورة مفهوم النصر والهزيمة. يتذكر كثير من كبار السن كيف استطاع الإعلام المصري تصوير هزيمة 67 على أنها مجرد نكسة عابرة وان ما أراده العدو لم يتحقق، فعبد الناصر لم يسقط كما أراد العدو وإنما بقي شامخاً كواحد من أهرامات الجيزة. وطالما ان العدو فشل في تحقيق هدفه وطالما ان أمتنا استطاعت ان تصمد وتعيد عبدالناصر إلى سدة الحكم فلم يبق أمامنا لتحقيق النصر الكامل سوى استرداد الأرض المغتصبة وتصبح حرب سبعة وستين نصراً عربياً كاملاً.
كان الإعلام الأمريكي يصور ما يحدث في العراق على انه أكبر نصر للديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم. ولكن فضيحة أبو غريب أفشلت المشروع الإعلامي، وها هو الرئيس الأمريكي يستعد لضخ حملة جديدة يعيد فيها تركيب الأخبار والفضائح للتحول من هزيمة مذلة أخلاقياً وعسكرياً إلى نصر أمريكي مبين.
إن ما يقوم به إعلام الهلال هذه الأيام لا يقل عما نراه في تاريخ التصارع الإنساني. كيف تنتزع الأمور من سياقها ثم تعاد وتركب بطريقة مخالفة لحقيقتها الموضوعية.
لو أن أحدا أعاد رؤية شريط الدوري ببعض التجرد والموضوعية لعرف ان ما حصل للهلال هو أمر طبيعي تماما ولا غرابة فيه. فالهلال فريق ضعيف. معظم لاعبيه من المسنين. أسماؤهم تنتسب لزمن لم يعد موجوداً .. سامي، الدعيع، الشريدة.. ولا أخطئ إذا قلت إن الإدارة ليست جزءاً من العصر رغم السن. فالهلال يلعب هذه الأيام بهيبته واسمه وبإعلامه فقط أما في الملعب فليس سوى مجموعة فنايل زرقاء ترشح بالتعب. عندما ذهب إلى الشارقة لم يكن فريق الشارقة متأثراً بإعلام الزعيم وطهبلات الزعيم فلعب معه وهو يعرف انه يلعب مع عنترة بن شداد. فلم يبق من الزعيم سوى لاعبيه المتهالكين يواجهون مصير قدراتهم ومواهبهم. فأكل خمسة أهداف نظيفة يستحق أكثر منها. وهذه الخمسة النظيفة أزالت عن الأهلي مهابة الهلال المصنوعة من ورق فكال له خمسة أهداف أخرى. وقد حقق الأهلي الخمسة النظيفة لأن إعلام الهلال ما أمداه يصلح ما أفسده أهل الشارقة.
يحاول إعلام الهلال هذه الأيام خلط الأوراق كعادته وخلق واقع يتجاوز أزمة الخمسات المتتالية حتى لا يفقد الزعيم أهم عناصر استمراره ويصبح ملطشة لكل من هب ودب. في كل مرة يصل فيها الزعيم إلى هذا المستوى من التردي يتدخل إعلام الهلال بسرعة وبشكل حازم ليقول ان هذه ليست إلا نكسة عابرة سببها كل شيء إلا قدرات الزعيم. فالهلال لم يهزم. ولا أحد يتذكر ان الهلال سبق له ان هزم. فالخمسات المتتالية أكلها العجلاني. إذا ذهب العجلاني ذهبت معه العشرة أهداف. وبالتالي يكون الهلال فاز على الشارقة باثنين وعلى الأهلي بهدف. ولكي لا يستفيد النصر من تلك النكسات العابرة التي يمر بها الهلال زاد إعلام الهلال تركيزه على وضع النصر المتردي. معظمكم طبعاً سمع النكتة التي تقول ان الهلال يفشل مرتين متتاليتين في تحطيم الرقم القياسي الذي حققه النصر وهو الهزيمة بستة.
فاكس 4702164
|