* بغداد - د. حميد عبدالله :
نفى عضو مجلس الحكم المناوب سامي العسكري ما تردد عن ترشيح بعض أعضاء المجلس إلى مواقع في الحكومة الانتقالية القادمة، مؤكِّداً أن المناقشات ما زالت مستمرة حول هذا الموضوع وأن هناك عدة خيارات لتشكيل الحكومة القادمة.
وقال العسكري في حديث خصَّ به (الجزيرة): إن من بين الخيارات التي تحظى بإجماع غالبية أعضاء مجلس الحكم هو تشكيل مجلس أوسع عدداً من مجلس الحكم وأوسع قاعدة منه على أن لا يتجاوز عدد أعضائه 50 عضواً ليكون بمثابة سلطة تشريعية محدودة الصلاحيات ويتولَّى هذا المجلس تشكيل حكومة (لتسيير الأمور) وبصلاحيات محدودة حيث لا يجوز لها عقد الاتفاقيات مع أية دولة لأن ذلك يدخل ضمن الصلاحيات السيادية التي يجب أن تكون من اختصاص الحكومة التي يعينها مجلس منتخب.
إما الخيار الثاني فهو خيار الأخضر الإبراهيمي ويقضي بتشكيل حكومة على شكل هيئة رئاسية تتكون من رئيس ونائبين ورئيس وزراء تنفيذي، على أن تشكل في نهاية شهر أيار الحالي لتمارس عملها قبل شهر من تسليم السلطة لتكون مهيأة لذلك، ويتضمن خيار الإبراهيمي أيضاً تنظيم مؤتمر وطني ينبثق عنه مجلس ذو صفة استشارية بعد شهر يوليو القادم. وهناك خيار ثالث مطروح وليس له تأييد كبير ويقضي بعقد مؤتمر وطني قبل تسليم السلطة وهذا المؤتمر هو الذي يختار الهيئة الرئاسية ورئيس الوزراء، لكنني أعتقد أن فرصة هذا الخيار ضعيفة بسبب عدم توفر الوقت الكافي لتنفيذه. وعن الأوضاع في الفلوجة قال العسكري: إن ما حصل في الفلوجة هو مشروع بعثي لتخريب العملية السياسية وأن الأمريكان وافقوا على تشكيل لواء الفلوجة وتعيين اللواء جاسم المحمدي على رأسه مضطرين لا مختارين وأن اللاعب الأساسي في هذه القضية هي وكالة المخابرات الأمريكية، حيث إن السفير بول بريمر لم يحط علماً باتفاق الفلوجة وقد سمع به من وسائل الإعلام وهو ما زال مصراً على حل لواء الفلوجة وإقالة قائده، وموقف بريمر ينسجم مع موقف وزير الدفاع العراقي الذي أعلن أن لواء الفلوجة لا علاقة له بوزارة الدفاع ولا بتشكيلات الجيش العراقي الجديد.
وأفاد العسكري: أن ما حدث في الفلوجة يشكِّل خطراً على الوضع السياسي في العراق لأنه سيشجع جهات أخرى على انتزاع مطالبها بقوة السلاح والأخطر من ذلك أن المحمدي، وهو أحد قادة الحرس الجمهوري ومن الذين تلطخت أيديهم بدماء أهالي كربلاء عام 1991، قد اختار 900 من رجال الحرس الجمهوري ليشكِّل منهم لواء الفلوجة، وهذا يعني أن نواة لجيش صدامي قد تشكلت في العراق.
وعن أسباب موافقة الولايات المتحدة على عقد صفقة مع مقاتلي الفلوجة قال العسكري إن إدارة الرئيس بوش تعرضت لضغوط من دول عربية مثل مصر والإمارات العربية والسعودية والأردن بتجنب دخول الفلوجة لما لذلك من انعكاسات على الوضع العراقي والعربي والإقليمي، فضلاً عن أن الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة وضغوط العملية الانتخابية أدت بمجملها إلى أن توعز الإدارة الأمريكية إلى البنتاغون ليوعز إلى قوات المارينز في الفلوجة إلى حل قضية الفلوجة حلاً سلمياً من دون أن تعلم بذلك سلطة الاحتلال في العراق.
وعن إعادة البعثيين إلى مواقعهم الوظيفية قال العسكري: إن عودة البعثيين قد تؤدي إلى حرب أهلية لأن غالبية البعثيين مستهدفون من قبل الشعب العراقي، وفي بداية سقوط النظام ساهمت المرجعية الدينية في حقن دماء البعثيين من خلال إصدارها فتاوى لا تجيز قتل البعثيين وترك أمرهم للمحاكم وأن الذين لم يلتزموا بهذه الفتاوى من الفصائل الشيعية ستتسع قاعدتهم إذا ما عاد البعثيون إلى الوظائف وربما يقابل البعثيون التصفيات التي سيتعرضون لها بتصفيات مضادة وبالتالي فإن ذلك سيقود إلى حرب أهلية، والأدهى من ذلك أن خطر البعثيين سيتفاقم إذا ما انسحبت القوات الأمريكية من العراق لأي سبب قبل أن يستتب الأمن، حيث تتوفر أمام البعثيين فرصة كبيرة لإعادة نشاطهم ولا أستبعد أن يبسط البعثيون سيطرتهم على أجزاء من العراق لأنهم أعادوا تنظيماتهم فضلاً عن كونهم يمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة مخبأة في أماكن لا يعرفها إلا عدد قليل من أعوان النظام السابق، إلى جانب كونهم يمتلكون أموالاً طائلة ويتلقون دعماً كبيراً من سوريا وبعض الدول العربية ولا أستبعد أن يحقق البعثيون فوزاً في عدد من مناطق العراق لو سمح لهم بخوض الانتخابات.
وحول قضية مقتدى الصدر قال العسكري: هناك فرق بين الوضع في النجف والوضع في الفلوجة، فالفلوجة مشروع بعثي لمصادرة ما تحقق في العراق بعد سقوط النظام، إما موضوع مقتدى الصدر فهو تيار احتجاجي يؤمن بالعملية السياسية التي تجري في العراق ولكنه يشعر بالاستبعاد والتهميش وقد طلبنا من الأمريكان أن يضم مجلس الحكم ممثلاً للتيار الصدري لكنهم رفضوا، ثم جاء تشكيل الوزارات فلم يكن للتيار الصدري دور فيها رغم تضحيات هذا التيار ودوره في الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في العراق، موضحاً أن مقتدى الصدر أحرج الشيعة مثلما أحرج العملية السياسية في العراق برمتها وأن المرجعية ستكون مضطرة للتخندق مع الصدر إذا ما أقدمت القوات الأمريكية على اجتياح النجف. وعن الموقف من الأخضر الإبراهيمي قال عضو مجلس الحكم: إن الأخضر الإبراهيمي يريد مصادرة دور مجلس الحكم والقفز عليه، فبدلاً من أن يكون دور الأمم المتحدة استشارياً أراد له الإبراهيمي أن يكون رئيسياً؛ فهو يريد أن يقترح شكل الحكومة وأشخاصها ويحظى بتأييد ومباركة واشنطن ثم يعرض الأمر على مجلس الحكم وهذا ما يرفضه أعضاء المجلس مجتمعين، فضلاً عن ذلك فإن الإبراهيمي تربطه علاقات وطيدة بنظام صدام وهو متعاطف مع البعثيين إلى جانب كونه قد نقل كلاماً غير دقيق عن السيد السيستاني عندما قال إنه تلقى دعوة من مكتب السيستاني لزيارة العراق الأمر الذي نفاه مكتب السيستاني بشدة وهو ما أزعج المرجع الشيعي فقرر أن لا يستقبل الإبراهيمي بعد الآن.
|