يا وارد الحوض أدنى وِرْدك القدرُ
وغَيّبت زَهْوَكَ الأيام والغُرَرُ
نهدتَ شهماً فما أروتك غاديةٌ
من عاطر الغيث والدنيا لها كَدَرُ
يا من إليه ترى الأخلاقُ مِنحْتَهَا
كما يشاء وتبني مجدها الفِكَرُ
كم كنت تُروي من الآمال رَيِّقَها
فما استَقرّتْ بك الأحلامُ والغِيَرُ
بَنيتَ بيتاً كما لو كنتَ تألفه
وقد جفاك به الأشرار والغجَرُ
فما استجابتْ إلى نجواك بادِرةٌ
إلا احتواك بها الإملالُ والسَّهَرُ
حتى هجرتَ بلاداً كنت تألَفُهَا
وفي ثراها لك المأثُور والأثَرُ
سُراك يُجري بنا للحزن شِرعتهُ
فيستجيب له الإنزافُ والخَورُ
إن كان فقدك يا ابن العمِّ كارثةً
فقد تعثر في آلامنا البصر
العين تدمع والأوهام تعصِفُنا
والقلب يخشع والآمالُ تنتحُر
فقد تركتَ لنا الدنيا وزينتها
وراح يطوي إلى المولى بك الظَّفر
في جنة الخُلد والرحمن يمنحها
للوافدين ومنهم للهُدى وطَرُ
دَرَجْتَ خلواً من الآثام محتَسباً
فنالك الأجرُ والدنيا لها غيرُ
حتى وَرَدْتَ رِحاب الذِِّكرْ مبتسماً
فيك السلام ومنك الوِرد والصَّدَرُ
يا واهب الدِّين والأخلاق عن كثبٍ
نجوى الوفاء ومنك العزّ ينتصِرُ
غادرتَ توّاً فَناء زاهياً طَرباً
يختال فيك ومنه الوَجْدُ يبتدرُ
يا زاهي البدر نحن اليوم في كنفٍ
من العذاب وفيك القلب ينصهرُ
فقد فقدناك والآلام تحصدنا
وناعب الغُربة الوعثاء يعتكِرُ
أبا سليمان لولا الدينُ يَعصِمنا
من الهوان لجار العَيْبُ والضّجرُ
إن كنت تهوى غِرار العيش في ترفٍ
فقد ربحتَ وزانت باسمك الدُّرَرُ
والله يشهد والأعلام زَاهيةٌ
وراية الحقِّ والآياتُ والسُّورُ
بأن من كانت الأخرى لغايته
نفحاً ففي ورده ما باتَ ينتظِرُ
كن للشهادة يا ميمون مبتدراً
ففي نداك لها رَوحٌ ومُعتبرُ
فقد سكنت بلا ريبٍ ولا زَلَلٍ
دارَ البقاءِ وفيك الخُلْدُ يزدهِرُ