بين تراكمات الحزن وتداعياته المتوالية كلَّ حين فجعت مثل ما فُجع الكثيرون بوفاة الصديق الأثير الدكتور عبدالقادر طاش، واكتفيتُ بلملمة أوراق الحزن في وداعه التي عبّرت عن حضوره في زمن الغياب لما كانت تمتكله شخصيته الوفية من تميز ومصداقية في غمرة تراكمات السلبية الباهتة والعنصرية الفجّة، والتخاذل المفجع في الميدان الصحافي الكئيب.
** وها نحن اليوم نودّع أحد النماذج الفذة المسكونة بالصدق والحماس الممتزجين بالوفاء في التعامل مع الكلمة المعبّرة عن الحضور والانتماء للمواطن الإنسان، إنه هذا الرجل الأديب المتواضع فهد العريفي الذي ترغمك شفافيته وأريحيته على احترام شخصه وقلمه، فلا تملك إلا ان تقبّل جبينه الشامخ قبل أن يبادر الى احتضانك بعفويته الأبوية الكريمة الغامرة، وامتزاجاً بتلك العفوية وذلك النقاء أعبّر هنا عن احتفائي بهذه الشخصية المعبّرة قبل أن اقرأ أي مقالة او قصيدة في وداعه، رحمه الله، فقد كانت هواجسه تسابق الزمن وهو ينتزع من معاناة المواطن همومه ومطالباته لينسجها في منظومة تعبيرية تقلق سوانح المقصّرين، وتفضح مسارب التخاذل والتسويف والتثاؤب في تلبية مصالح الناس، والارتقاء بها الى مستوى الاتقان وفاعلية الإنجاز.
وكانت مقالات المواطن النابض فهد العريفي عيناً راصدة ورؤية واعية، ونبرة عابرة معبّرة عن هواجس الكثيرين الذين لا يستطيعون الوصول، او الذين لا يمكنون من الوصول لو رغبوا التعبير عن معاناتهم بسبب معوقات النشر التي تزخر بها الصحف المحلية، لا أستثني منها مطبوعة لذلك يشكل حضور قلم المعبّر الواعي الصادق أثراً وتأثيراً بالغين لاختصار المسافة بين المواطن والمسؤول، بين احتياجات المواطن ومطالبه، وتذليل العقبات والسلبيات التي تحول دون توفيرها بشفافية ويسر وإتقان.
وكم تكون الخسارة فادحة في غياب هذه الأقلام النابضة بالمصداقية والوفاء والانتماء، مما يحّرض على الارتقاء بأساليب التعامل مع النماذج المعبّرة بكل ما تستحقه من تقدير واحترام.
وهاهي شواهد الحب والوفاء والتقدير براهين معبّرة عن ذلك الألق من الحضور البهي في زمن نفتقد فيه تجليات ذلك الألق النابض والحضور الوجداني الأثير.
** الكاتب الناجح هو الذي يستطيع أن يُشرع (زاويته) نافذة ضوء.. يملؤها بأشعته النافذة، الصاخبة، الباذخة، وهو ذلك المعبّر الأثير الذي يحول (منبره) الى ساحة حوار تدحض المزاعم العابرة، وتخترق كل القناعات لتتصالح معها في تناغم واعٍ أثير يسلمك الى التمازج والإيجابية.
والأستاذ فهد العريفي بما يمتلكه من تجليات واعية، ونزاهة أثيرة، وتدفق أخلاقي وجداني نابض هو ذلك الكاتب المعبّر الأثير عبر تاريخه الصحافي والإداري والاجتماعي لذلك تبقى شخصيته الفذة حاضرة في خلاليا الذاكرة وأعماق الوجدان.
|