Wednesday 26th May,200411563العددالاربعاء 7 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

البوارح البوارح
رحلة الحاج
د. دلال بنت مخلد الحربي

في مجمع كتب الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية يتصدر الرحالة الأجانب القائمة كماً وعدداً، وتكاد تغيب الرحلة العربية إلا من عدد محدود، يلاحظ معها اختلاف الأسلوب والمنهج وحتى في كتابة المعلومة أياً كان نوعها، فالملاحظة الجديرة بالاهتمام هو أن الرحالة الأجانب كانوا أكثر دقةً وتفصيلاً في سرد معلوماتهم، ومن هنا جاءت قيمة كتاباتهم التي عدت من المصادر الأساسية عن تاريخ شبه الجزيرة العربية على مرّ العصور.
ومع ذلك تظل للرحلة العربية قيمتها وعبقها، فالقارئ العربي يشعر معها بحمية المشاعر وتقارب المفاهيم والمشاركة في رؤية واحدة تقريباً.
ومن آخر كتب الرحلات العربية ما صدر عن دارة الملك عبد العزيز ضمن سلسلة كتاب الدارة ما عنوانه (رحلة الحاج من بلد الزبير بن العوام إلى البلد الحرام) تأليف سعد بن أحمد الربيعة المتوفى في عام 1383هـ، وهو من أهالي نجد المقيمين في الزبير.
والكتاب عبارة عن ذكريات يومية لرحلة حاج قام بها الربيعة عام 1345هـ مع مجموعة أصدقاء له إضافة إلى زوجته ووالدته، وكان هؤلاء قد خرجوا على مطايا الإبل من الزبير قاصدين مكة ثم المدينة المنورة، وقد رصد الربيعة هذه الرحلة منذ يوم خروجه من بلدته حتى يمم شطرها في طريق العودة.
وكما أشرت في البداية فإن رحلة كهذه وأنت تتصفحها تبث في دواخلك حميمية عميقة نحو الأماكن والأشخاص، فهي تربطك بماضيك وتقدم لك ما كان عليه الأجداد الذين لم تختلف أحوالهم كثيراً في أي بقعة في شبه الجزيرة وإن اختلفت ظروفها المناخية والجغرافية، فالحياة قاسية والصبر عليها أقسى، وهي في مجموعها تعكس طابع العلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة وقتذاك، وما كانت عليه العادات والتقاليد، وكذلك ما كانت عليه أخلاقيات الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض.
الرحلة شيِّقة، وقد كتبت بأسلوب سلس جميل، في لغة واضحة، تصف ما اعتراهم واعترضهم في طريقهم ومن لقوه وصادفوه، وتقف عند معلومات تاريخية كانت من جانب صاحبها وصفاً ومن جانبنا معلومة تاريخية ترتبط بحدث تاريخي أو فكرة موضوع معين من مثل وصفه للمدن التي حطت بها ركائبهم، ووصفه لما كان عليه الحرم المكي من عدم نظافة، كما أن ما ضمنه في رحلته عن الإخوان في مواقع يجلو بعض الصور الناقصة، وحديثه عن محطة سكة حديد المدينة يبيِّن لنا أو يوضح لنا ما كان عليه حالها بعد تدميرها في الحرب العالمية الأولى على الرغم من مضي السنين، ومن المناسب عرض وصفه لتوضيح الفكرة فهو يقول:
(دخلنا الباب الخارجي للمدينة، وخارجه محطة السكك الحديدية خاوية على عروشها، وفيها زهاء عشرين مركبة قطار، وأبنية قوية وجميلة أصابها بعض العطل والتدمير مشيرة إلى فضل المُعمِّر ولاعنة المدمر).
كما أن الربيعة يضمِّن رحلته معلومات تاريخية قديمة تأتي مناسبة للتوضيح من مثل حديثه عن بناء الكعبة وزيادات الحرم النبوي في المدينة وغيرها.
الملاحظة على كتابته الاختصار في مواقع كان القارئ يأمل الإطناب بها، والاختصار هي ملاحظة عامة على كتابة الرحلة هذه.
وإجمالاً فهي رحلة تستحق القراءة، نشكر معها حفيد المؤلِّف الذي عنى بإخراجها ودارة الملك عبد العزيز التي قامت بنشرها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved