انتهت قمة تونس وكرر العرب إدانتهم للاحتلال الإسرائيلي وجرائم الاغتيالات وهدم البيوت والتضييق على الفلسطينيين، وتردد الكثير من الدول العربية في تقديم العون للفلسطينيين الذين كتب عليهم المبيت في العراء وفي المدارس والطرقات، فعندما عرض اقتراح إنشاء صندوق للمساعدة في بناء منازل للذين هدمت منازلهم، لم يتحمس القادة وممثلوهم إلى هذا الاقتراح سوى من اعتادوا الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في مثل هذه الظروف وهما دولتان (المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية) انضمت إليهم تونس رئيسة القمة الجديدة ومصر والمغرب التي وعدت بتقديم مساعدات، أما باقي الدول (فتجاهلوا الأمر) مثلما هم يتجاهلون تسديد حصصهم التي التزموا بدفعها إلى صندوقي القدس والانتفاضة.
هكذا حال العرب مع الفلسطينيين المحاصرين بين مطرقة الاحتلال الإسرائيلي التي تطحن الشعب الفلسطيني قتلاً وتشريداً وتجويعاً، وبين سندان العرب الذين عجزوا عن الوقوف مع هؤلاء الذين تخلى عنهم الجميع فاحتكموا إلى السلاح بعد أن سمح للإرهابيين الإسرائيليين أن يفعلوا بهم ما يشاءون، فالإرهاب الذي يمارس ضدهم لا بد من أن يُرد عليه فترك الفتية الفلسطينيون مقاعد الدراسة، وتركوا العمل لأنه لا يوجد عمل أصلاً.. وحتى الحياة التي هي بيد الله قبل كل شيء.. إلا أن كل فلسطيني يشعر أنه (مشروع شهيد) ولذا فمن الأفضل أن يستشهد ويفعل شيئاً ما، بدلاً من أن يموت بقذيفة، أو طلقة قناص، أو تحت منزل مهدم.
وهكذا زادت العمليات الفدائية ولاحظ المتابعون لما يجري في الأراضي الفلسطينية أن الطلاب والفتية الفلسطينيين دون العشرين سنة هم الذين ينفذون العمليات الفدائية فمنفذ عملية حاجز بكاعوت هو الطلاب سامي سلامة 19 سنة،والذي نفذ عملية مهاجمة الحاجز العسكري الإسرائيلي في نابلس عيسى بدير 16 سنة وكلاهما من الطلبة الفلسطينيين المتفوقين دراسياً، ولكن ما فائدة التفوق إذا كان المجرم الإسرائيلي يطارد هؤلاء ببندقية ليقنصهم ويغتالهم ويهدم منازلهم ويشرد عوائلهم.
الفتى بدير هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلته في بلدة الدوحة، وبدلاً من أن يأوي إلى الخيمة التي منحت للعائلة لتستقر بها بعد هدم المنزل توجه من فوره إلى مستوطنة (ريشون ليتسبون) اليهودية وهاجم الحاجز العسكري الإسرائيلي ليصيب قائد كتيبة ناحال الإرهابية وبعض جنوده الأشرار.
الفتى بدير دفع حياته ثمناً للدفاع عن قضيته وعائلته ومنزله.. والمؤمنون بقضيته من العرب والفلسطينيين اعتبروه شهيداً.. أما المغتصبون ومشرِّدو عائلته وقاتلوه، فأسموه إرهابياً.
بدير وسلامة والكثيرون غيرهم .. من يدفعهم إلى ترك مقاعد الدراسة للحصول على شهادة إرهابي.. هؤلاء هل من يجرؤ على أن يوصِّفهم التوصيف الصحيح ويسميهم التسمية الحقيقية كإرهابيين محترفين؟!
|