* القدس المحتلة-بلال أبو دقة:
فيما اعتبر الفلسطينيون عامة، وسكان مدينة القدس خاصة يوم الأربعاء الماضي، الموافق 19-5- 2004 ، بمثابة يوم نكبة لهم، احتفل الإسرائيليون في ذلك اليوم بإحياء ذكرى مرور (37 عاما) على احتلال القدس الشرقية وضمها عنوة إلى القدس الغربية، في ما يسمى (يوم توحيد القدس..!!).
ديوان رئيس دولة الاحتلال وديوان رئيس بلدية القدس المحتلة وحركات المستوطنين اليهود، نظموا مسيرات احتفالية انطلقت في شوارع المدينة المقدسة تحت شعار (المستوطنات الزراعية اليهودية تحيي القدس..!!).
وبهذه المناسبة، قال الراب اليهودي المتطرف (دوف بيجون)، رئيس معهد مئير للتعليم الديني: إن الحرب على القدس لم تتوقف للحظة واحدة، وان القدس تعتبر قلب الشعب اليهودي..!!
وفي تصريحات مريبة غير بريئة، قال مدير سلطة الآثار الإسرائيلية، (يهوشع دورفمن)، في يوم الأربعاء ذاته، أمام جلسة للجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي: إن هناك خطر انهيار قريب للجدار الشرقي للمسجد الأقصى، وأن انهيارا مثل هذا إذا حصل فسيؤدي إلى انهيارات متسلسلة تصل حد انهيار قسم كبير من باحات المسجد الأقصى..
وادعى هذا المدير الإسرائيلي في تفسير لتصريحاته: إن هذا الجزء من المسجد الأقصى وغيره مبني على أنفاق وأن الهزة الأرضية الأخيرة - في شباط-فبراير الماضي من العام الحالي، أدت إلى تحرك الجدار قرابة 2.5سم الأمر، الذي زاد البروز في الجدار الشرقي، كما ظهرت شقوق جديدة فيما اتسعت الشقوق القديمة بشكل بارز..
وعلى أثر هذه الجلسة وهذه التصريحات عممت مؤسسة الأقصى بيانا، تلقت الجزيرة نسخة منه، أكدت فيه: أن المسجد الأقصى حق خالص للمسلمين لا يجوز لغيرهم التدخل في شؤونه لا من قريب ولا من بعيد، فلا لجنة الداخلية التابعة لكنيست ولا لجان إسرائيلية أخرى يجوز لها التدخل في شؤون المسجد الأقصى، وتابعت تقول: إن عقد مثل هذه الجلسة في لجنة الداخلية والنظر إلى المبادرين إليها وفحواها، يدل على أن المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة تسعى بشكل منهجي لوضع يدها على المسجد الأقصى المبارك..
وقالت في بيانها: إن عقد مثل هذه الجلسة في الذكرى الـ 37 لاحتلال القدس والأقصى لهو توقيت غير بريء، بل فيه تكريس للاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى..
واعتبرت مؤسسة الأقصى أن مثل هذه الجلسات والتصريحات تؤكد قناعاتها بان مخططا خطيرا يدبر بليل للنيل من المسجد الأقصى..
وأكدت مؤسسة الأقصى في بيانها، الذي تعرضه الجزيرة: أن هذه التصريحات من قبل جهات إسرائيلية، إنما هو استمرار في مسلسل التزوير للحقائق، وان ما يتعرض له المسجد الأقصى وجدرانه وأرضيته من تصدعات وانهيارات إنما يأتي بسبب الحفريات الإسرائيلية المتواصلة منذ الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى قبل 37 عامًا وحتى اليوم، بالإضافة إلى تفجيرات إسرائيلية بمحاذاة جدران الأقصى، أكد سكان البلدة القديمة حدوثها أكثر من مرة في الفترات الأخيرة..
ويؤكد علماء آثار فلسطينيون ل (الجزيرة): أن الدولة العبرية تزيد من الحفريات حول المسجد الأقصى وفي باحاته منذ احتلالها لمدينة القدس، وتنتظر دولة الاحتلال هزة أرضية ليهدم المسجد الأقصى، ليتسنى لليهود إقامة الهيكل على أنقاض قبلة المسلمين الأولى..!!
وأضافت مؤسسة الأقصى، تقول في بيانها: إن كانت المؤسسة الإسرائيلية حريصة هذا الحرص على سلامة المسجد الأقصى، فيجب أن ترفع يدها عن المسجد المبارك، وعلى المؤسسة الإسرائيلية أيضا رفع الحظر المفروض على مؤسسة الأقصى، والسماح بإدخال مواد البناء والترميم إلى داخل المسجد الأقصى الممنوعة منذ اكثر من ثلاث سنوات.
وطالبت مؤسسة الأقصى: بإدخال مواد البناء وإجراء الترميمات اللازمة في أجزاء كثيرة من المسجد القدسي بالتعاون مع دائرة الأوقاف الإسلامية، وإلاّ فان المؤسسة تحمّل المؤسسة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة لما قد يحدث من أضرار تمس المسجد الأقصى مستقبلا لا سمح الله..
الجزيرة تعرض الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة، والأهالي المقدسيين..
تعرض الجزيرة هنا، الانتهاكات الاسرائيلية بحق المدينة المقدسة، والأهالي المقدسيين منذ احتلال المدينة قبل أكثر من 37 عاما، حيث سعت دولة الاحتلال مباشرة بعد حرب حزيران-يونيو عام 1967 إلى تهويد القدس الشرقية، وأعلنت بتاريخ (28 - 6 - 1967) ضمها إلى القدس الغربية موسعة مساحتها من ستة كيلو مترات مربعة إلى (72) كيلو مترا مربعا على حساب إلحاق أراض من القرى الفلسطينية المجاورة بها.. ولم يثن دولة الاحتلال عن هذه التوجهات قرارات الأمم المتحدة العديدة التي رفضت ضم القدس واعتبرتها أراضي محتلة وعلى اسرائيل الانسحاب منها.. ومنذ عام 1967، بدء الاحتلال بمصادرة الأراضي العربية الواقعة في حدود البلدية الموسعة ووضع اليد عليها، بالاضافه إلى إغلاق مساحات أخرى من الأراضي بحجة الأماكن الخضراء والمناطق العسكرية لتحويلها فيما بعد لمصلحه الاستيطان اليهودي في المدينة المقدسة، حيث تم في الفترة الواقعة ما بين (1968 - 1991) مصادرة ما يعادل (33%) من مجمل مساحتها وبناء (15) مستوطنة يهودية على أراضيها..
وفي عام (1997) بدأت الحكومة الاسرائيلية بإقامة المستوطنة السادسة عشرة على جبل أبو غنيم، وقد أسهمت هذه المستوطنات في إحداث تغيير ديمغرافي جذري بين نسبه السكان اليهود والفلسطينيين في القدس الشرقية..
ويستدل من معطيات دائرة الإحصاء الاسرائيلية: أن اليهود يشكلون اليوم نسبة 66% من سكان القدس الشرقية والغربية، فيما تصل نسبة الفلسطينيين العرب إلى 33%.
وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي، قد صادرت اكثر من (700 مبنى) في بلدة القدس القديمة يعود جزء كبير منها للوقف الإسلامي وطردت آلاف المواطنين الفلسطينيين، وبنت اكثر من (550 وحدة سكنيه استيطانية)..
وقامت الدولة العبرية: بهدم منازل عربيه بلغت حوالي (235 منزلا)، هي مجموع حارة المغاربة بهدف فتح مساحة كبيرة أمام حائط البراق، كمقدمة لإعطاء الحائط بعدا قوميا ودينيا وجعله معلما دينيا مركزيا للحياة اليهودية..
وقد اتخذت بلديه القدس المحتلة عام 1994 قرار يقضي بهدم (2000 بيت فلسطيني) في القدس الشرقية.
وقد جعلت اسرائيل من إعادة كتابة التاريخ هدفا مركزيا من خلال الحفريات الأثرية، التي قامت بها في مختلف أنحاء المدينة، وخاصة حول الحرم الشريف، حيث أرادت خلق انطباع بملكيتها الثقافية لهذه المواقع في محاولة لإعطاء شرعيه للسرد التاريخي اليهودي، وبالتالي لحقها في السيادة على المدينة..
وربما كان فتح النفق عام 1996 ومروره بموازاة الحرم الشريف وتحت الحي الإسلامي، محاولة جديدة لإعطاء ملكية المدينة وتاريخها، ومن هذا المنطلق فان متحف مدينه القدس الإسرائيلي يسرد تاريخ المدينة منذ دخول الملك داوود إليها متجاهلا ألفي عام من التاريخ قبل ذلك وحوالي ألفي عام بعد تدمير الهيكل الثاني، مظهرا ذلك كتاريخ غزاة للمدينة حتى قيام الدولة العبرية..!!!
وبعد أن كان المواطنون الفلسطينيون يشكلون أغلبية عام 1967 في مدينة القدس المحتلة، اصبحوا اقليه عام 1995، وبعد أن كانوا يسيطرون على 100% من أراضى القدس، اصبحوا يسيطرون على 21% من الأراضي بعد عمليات المصادرة اليهودية وإقامة المشاريع الاستيطانية عليها، وفتح الطرق والبناء ضمن الأحياء العربية لتأتي مرحلة أخرى من مراحل التهويد ورسم الحدود ((حدود القدس الكبرى)) تشمل أراضي تبلغ مساحتها حوالي 15% من مساحة الضفة الغربية، حيث تشكل زيادة عدد اليهود داخل وحول القدس جزء أساسيا من الاستراتيجية الإسرائيلية لضمان سيادتها ..
ويقول زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمراسل الجزيرة: وزع اليهود في كل مكان من القدس الشرقية المحتلة، التي ضُمت إلى دولة الاحتلال عن طريق بناء أحياء جديدة ذات كثافة سكانية عالية، وقد تركزت معظم هذه الزيادة في عدد اليهود في هذه المستوطنات، وكانت النتيجة أن حققت اسرائيل اغلبيه يهودية على الفلسطينيين في القدس الشرقية، وحينما يتم إشغال آلاف الوحدات الاستيطانية التي يجري التخطيط لها وبناؤها فان عدد اليهود في ((القدس الكبرى)) سوف يتفوق على عدد الفلسطينيين ليصل (3:1)، ولتصل نسبه السكان الفلسطينيين إلى (22%) من المجموع العام، وقد اتبعت حكومة الاحتلال سياسة عنصرية هدفت إلى تفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين عن طريق سحب الهويات والإبعاد والتضييق عليهم في التوسعة العمرانية والهجرة القسرية..
وتابع الحموري يقول ل (الجزيرة): أن تكون فلسطينيًا في مدينة القدس المحتلة، ليس بالأمر السهل بتاتًا، الضغوط الممارسة تفوق كل تصور..
|