Monday 24th May,200411561العددالأثنين 5 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

الغانم مخالفاً رأي الموسى: الغانم مخالفاً رأي الموسى:
لا نعيش (تصحراً شعرياً).. والقصيدة الفصحى مازالت مهضومة إعلامياً

كتب الأستاذ الفاضل محمد بن عبدالعزيز الموسى يوم الأحد 13-3-1425هـ مقالاً جميلاً وبديعاً فاضت فيه الغيرة الصادقة على القصيدة الفصيحة.. تلكم الجمانة المتلألئة واللؤلؤة البديعة والتي زهد فيها من لا يعرف قدرها ولم يذق شهدها، فبخل على نفسه وأسهم في تصحر مشاعره وتبلد إحساسه دون ان يشعر. أتدري لماذا أخي القارئ؟ لأنه استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولم يكلف نفسه ان يقتطع من وقته ويقلب بصره في قراءة أرقى الألفاظ وأبدع المعاني وأجمل التراكيب وأروع الأساليب وأمتع الصور.. زاهداً في الارتقاء بفكره وتنمية ثقافته. وإني لأعتب على الأستاذ محمد يوم ان اتهم زماننا وأطلق عليه زمن التصحر الشعري.. وكأني به يرى انه لا شعراء في هذا الزمن.. بل وأمعن - حفظه الله - في التهم التي أطلقها جزافاً موجها إياها للقصيدة الفصيحة مثل قوله: (زمن كلحت قصيدتنا بالشحوب - قراءة حزينة في ملامح الجريحة - قصيدتنا الفصحى اليوم معبأة بالصمت، مثقلة بالشجن ومسقية بالذبول أهدابها مكسورة بغبار الدمع - سحابة مكبلة بالارتحال).
أخي محمد من قال لك اننا في زمن التصحر الشعري؟ أما تعلم ان هذا الوطن الغالي يزخر ويحفل بطاقات شعرية مبدعة وفرسان شعر أصليين وكوكبة متميزة من أرباب الفصاحة والبيان؟ ولكن وآهٍ من لكن! لم تتح لهم الفرصة ولم تسلّط عليهم الأضواء كما سلطت على شعراء العامية، وكأنه مكتوب عليهم التواري خلف الكواليس وفي الزوايا.. ومع ذلك لم يخنعوا ولم يستسلموا لهذا الجحود والنكران والإغفال، فأبدعوا وأمتعوا. ثم يا أخي عباراتك التي وصمت بها القصيدة الفصيحة أحسست أنك بالغت فيها ولم يحالفك الصواب.. فالقصيدة الفصيحة شامخة شموخ الجبال الرواسي باسقة كنخلة معطاء حتى وان أهملها الإعلام ووسائله ولم يعرف قدرها بعض من أبناء المجتمع ورجاله.. ولتعلم يا أخي انه لو أعطيت القصيدة الفصيحة ربع ما أعطيته القصيدة العامية لرأيت الهطول المستمر والخصوبة الممتعة والجمال الآسر والبيان الخلاب.. فنحن نمتلك شعراء فصحى كثرا، بل وشاعرات.. ولعلك تذكر عند وفاة الإمامين الجليلين عبدالعزيز بن باز ومحمد بن عثيمين - رحمهما الله - كيف غصت الصحف وحفلت المجلات بقصائد هي من عيون الشعر وروائعه.. علماً بان الفرصة لم تتح إلا لثلاثة أسابيع وقد تقل، وحُجب الكثير من القصائد عن النشر كما أفردت مؤلفات بمجلدات جمعت عيون الرثاء فيهما.إذن.. قد تتفق معي ان الإعلام بوسائله صحفاً ومجلات وإذاعات سبب كبير وداعم رئيسي للشعر، ثم ان قلبت بصرك يمنة ويسرة في وسائل إعلامنا تجد انه لا تخلو صحيفة يومية من صفحة أو تزيد مهتمة بالشعر العامي، بل وهناك مجلات خاصة به وبرامج إذاعية وتلفازية متعددة حتى وصل الحال بالشعر العامي أن يكون مبتذلا وأصبح يركب موجته ويمتطي صهوته - إن كان له صهوة - من ليس أهلاً له.. فخلا من المتعة الرائعة والفكرة الراقية والعاطفة الصادقة والمعاني السامية. وإني لأهبتك الفرصة وأوجه دعوة منبعها الفؤاد ورسولها القلم وبريدها صفحة العزيزة الغالية.. دعوة لوسائل إعلامنا مقروءة ومسموعة ومرئية والقائمين عليها بعودة صادقة ومنصفة لهذه الجمانة المتلألئة القصيدة العالمية التي تخترق الآفاق وتتغلغل في الأعماق وإعطائها حقها وإنزالها منزلتها اللائقة بها.. فهي بنت اللغة الخالدة خلود العصور والدهور.. وإن كنتم تنظرون إلى الجمهور والقراء وتخدمون الشعر العامي بغية الترويج لصحفكم ومجلاتكم وإذاعاتكم واستقطاب جمهور عريض لها فلتعملوا ان هناك شريحة كبيرة في مجتمعنا المثقف تتابع وتهتم بل وتحفظ وتكتب الشعر العربي.. أليس من حقها ان تستمتع وتطرب وتقرأ؟ أليس لها نصيب في إصداراتكم ودورياتكم؟ أليسوا من أبناء المجتمع؟ لماذا تصادر حقوقهم؟ وأنتم أهل العدل.. بل لماذا لا نرتقي بأذواق أفراد المجتمع بالاهتمام بالشعر العربي نشراً وكتابة وإلقاء؟ أما تعلم وسائل أعلامنا المؤثرة أنها تسهم بشكل مباشر -شعرت أو لم تشعر- في حرب ضروس شعواء ضد الفصحى لغة القرآن؟ أيحمد من يعق أمه؟!! أعداؤنا يجتهدون ويبذلون في تعلم لغتنا بغية حربنا، ونحن نجفوها ونطلق عليها ألفاظاً نشازاً: معقدة، جافة، مقيدة، ثقيلة... إن الفخر كل الفخر بالإمساك بزمامهما والتمكن من بيانها وارتداء أردائها والتقرب إلى الله بذلك ففيه الأجر والخير.. فأطلقوا العنان - رعاكم الله - للأقلام التي أهملت في غمدها والقصائد التي وئدت في مهدها والروائع التي حجب عنها النور وظلت في دياجير الظلام. لا نطلب المستحيل.. ان كان للقصيدة العامية صفحة يومياً فأعطوا القصيدة الفصيحة نصف صفحة وسترون النتائج المبهرة والانتشار الواسع لصحفنا المحلية ومطبوعاتنا الدورية، كما ستلحظون صدق ما دعا إليه الغيورون أمثال الأستاذ محمد الموسى.
عزيزتي الجزيرة..عذرا ان قسا قلمي أو نبا حرفي أو كبا أسلوبي.. فما أنا إلا واحد من أبنائك الذين يستظلون بأفيائك الباردة ويرتشفون مياهك العذبة ويستعذبون أنسامك العليلة.. ويرونك الحضن الدافئ والصدر الواسع الذي يبثونه همومهم ويسكبون على جبينك المزهر بمداد حروفهم ما يجيش في خواطرهم ويخالج مشاعرهم.. فشكراً لك هذا العطاء وشكراً لك هذا الوفاء.

غيدالله بن سعد الغانم/تمير - سدير ص.ب 42


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved