Monday 24th May,200411561العددالأثنين 5 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

في مداخلة قوية من المهوس على ابن بخيت: في مداخلة قوية من المهوس على ابن بخيت:
أسلوبك ليس كما تظن.. وكذا (المضمون) والدليل مرثيتك في العريفي!!

قرأت مقال الأخ عبدالله بن بخيت في زاويته (يارا) في هذه الجريدة الرائدة، الذي بعنوان (فهد العريفي: اكتب بكل ما تملك من صدق) في يوم السبت الموافق 26 من شهر ربيع الأول من هذا العام وعدد 11552 ورأيت ما أوقفني عند صياغة هذا المقال، فأحببت أن أنبه صاحبه لما هو حقيق وخليق بالتنبيه عليه، فأقول:
يزعم في هذا المقال وغيره أنه صاحب أسلوب فذ قد أسر ألباب جملة من القراء، وأنه يتلقى عدة رسائل تشيد بأسلوبه الشائق، فهو لا ينفك عن هذه الإشادة، وكيف أنه قد صنف قلمه في زمرة الكتّاب المرموقين، آخذاً بنصيحة معلم اللغة العربية في مرحلته الدراسية المتوسطة، مفاد هذه النصيحة أن الفكرة ربع الكتابة، والباقي هو للأسلوب ليس غيره، وغاب عنه أن القراء يتفاوتون في تقييمهم للعمل والنتاج، فليس الناس بمستوى واحد من التذوق وحسن التصنيف، من هنا، وهنا فقط، أحببت أن أطلع صاحب الأسلوب المانع على أنه لم يوفق إلى حد بعيد لا في الفكرة ولا في الأسلوب، رغم تاريخه الطويل في الكتابة، وسأتناول مقاله الذي نوهت به في البدء، بادئاً بالمضمون قبل الأسلوب.
لقد أراد من خلال مقاله أن يسطر تأبيناً للمغفور له -بإذن الله - فهد العريفي، وأن ينعته بصفات تليق براحل محبوب، ومن باب حديث (اذكروا محاسن موتاكم) فقد ذمّه دون أن يشعر، وذلك من خلال ما يأتي:
الأولى: ذكر أن كلمة نبيل لا تستحق إلا لكاتبنا رحمه الله، وهذه مبالغة يعرفها الجميع، وقد سوغ هذا لصاحب المقال أن كلمات التأبين لها خصوصيتها من حيث الترحم وحسن الحديث، بيد أنه قدم لهذا التأبين مقدمة تفتقر إلى جودة الإنصاف والعدل، لا سيما أنه تألم من المنافقين الذين يتزلفون بعباراتهم الرنانة إلى من يكتبون عنهم، فكان أحرى وأجدى بصاحب المقال، أن يتحرى المصداقية في عباراته، تمشياً مع ما وضعه عنواناً لمقاله، لا أن يلقي الكلام جزافاً وخبطاً لزقاً، ولست أنتقص من حق كاتبنا فهد العريفي رحمه الله، وإنما أنا بصدد التثبت في القول، إذ أن صاحب المقال وقع في الفخ ولم يفطن، يقول: (أنا بطبعي أخشى الكلمات وأزنها قبل أن أصف بها الأشخاص) (وهكذا) نرجسية وركاكة.
الثانية: ذكر في المقدمة أن الراحل قد دخل المشفى في العام المنصرم، فلِمَ لم يزره ويعوده، وهو يكنُّ له كل هذا الحب والوفاء، إذ ذكر أنه لم يلتقِ به إلا في مؤسسة اليمامة فقط، منذ عدة سنوات عام 1980م، أو قبل هذا العام.
الثالثة: أراد أن يؤبنه بما يستحقه فانتقصه ووضعه، حينما قال:(بعد أن تسلم منصبه كمدير عام)، لم يزد صاحب المقال إلا أن شبهه بالمدير، عندما أدخل كاف التشبيه، وهو لا يقصد هذا، ولكن ضعف اللغة وقلة المحصول اللغوي يهوي بصاحبه في نقيض ما يريد أن يعبر عنه، فالراحل لا يستحق هذا، بل هو إداري ناجح، ومعلم وأستاذ الكتابة الوطنية بحق، والقريبون منه يعرفون حسن إدارته للأعمال الإدارية، وعظم إدراكه لفن التعامل والقيادة.
الرابعة: ناقض الكاتب نفسه بنفسه وهو يتحدث عن كلمة نبيل، بقوله: (فهذه الكلمة لا يمكن أن تصف إلا ميتاً)، هذا إذا سلمنا له بقوله: وعند ختم مقاله قال: (حزنت على نفسي لأنني ترددت أن أصفه بالصفة التي استحقها طوال حياته الحافلة، الرجل النبيل)، فكل عاقل يعي وقوع الكاتب في مزلق ما حذر منه، مزلق المنافقين الذين تألم منهم، فكيف يحزن على عدم البوح بها ووصفه بها في حياته وهو يقول إنها لا تستحق إلا ميتاً، عجبي، وحلمي لا أملكه.
الخامسة: ذكر أنه زار الراحل في مكتبه في مؤسسة اليمامة إبان إدارته لها، وأثناء قعوده سأل أحد الموظفين عن مدى معرفته بالراحل فأعلمه أنه فهد العريفي، ثم سأله أخرى قائلاً: (وهل تعرف من هو فهد العريفي؟ فقال: كاتب)، أيها القراء، أسألكم، كيف لا يعرف موظف مديره؟ هل هذا هو سؤال من يريد أن يعرف مكانة الراحل عند الشبان؟ قد أكون مبالغاً إذا قلت إن كل موظف يعرف مديره كما يعرف أبناءه، فكيف يجرؤ صاحب المقال نفسه أن يبوح بهذا السؤال الصفيق، عفا الله عنه، فقد أساء ويحسب أنه أحسن صنعاً!!
السادسة: ذكر أن المقابلة اليتيمة في مؤسسة اليمامة كانت صدفة، ونسي أنه قال قبل ذلك: (عندما دخلت عليه لأسلم وأرحب به)، فأي تعبير هذا؟ وأي مضمون لا يمتُّ للواقعية والمصداقية بصلة؟ وكأن صاحب المقال يجرب قلمه في كتابة القصة مرة أخرى، فأسدي إليه نصيحة مختصراً له الطريق، بألا يقترب منها، لا سيما القصص الحوارية، لأن تجربته رديئة، ولأن القطار قد فاته، فالتعليم على الكبر شاق ومضنٍ، ونتائجه شبه مستحيلة.
السابعة: ختم مقاله ولم يترحم عليه ولو لمرة واحدة.
ما سبق من مغالطات هي في المضمون، وآتي الآن على الأسلوب، وهو مليء بالأخطاء التي ربما يلحظها طالب الثانوية، ولا أقول طالب المتوسطة، نزولاً عند رأي صاحب المقال في مقال سابق له، ذكر فيه أن طالب المتوسطة لم يدرك مغزي معلمه حين ذكر رأي الفرنسي في قضية الكتابة، وسأقف على الملحوظات تباعاً:
الأولى: في العنوان، يستمد صاحب المقال صدقه من ذات الراحل، حيث إنه يحتذي صدقه، وشتان بينهما.
الثانية: لأول مرة أجد صاحب المقال يعترف أن هنالك كلمات يجهل معناها، فقد عهدته يشيد بأسلوبه رغم ضعفه، حين قال متحدثاً عن بعض الكلمات: (أخشى منها وأظنها في بعض الأحيان بلا معنى)، اعتراف جميل ويحسب له في قائمة الإيجابيات.
الثالثة: أنه يقول: (طاف في بالي أن أعبر عن تقديري له)، يظن أن البال هو الفكر أو الخلد أو اللب، وما علم أن البال هو الحال والشأن، وأعلم أنه لا يقصد حاله ولا شأنه، وإنما يعني الأول، فالصواب اختيار ما يشاء مما ذكرته، وإن شاء أتى بما يرادف ما ذكرته.
الرابعة: يقول (جلست على الطاولة)، من المعروف أن الجلوس بعد اضطجاع، والقعود بعد قيام، والطاولة صوابها المنضدة، ثم كيف يقعد على المنضدة للكتابة؟ سؤال محير!!
الخامسة: تنقل عجيب لصاحب المقال بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب، وكأنه سمع بأسلوب الالتفات ولم يستوعبه عقله، يقول: (لا أستطيع) الفاعل هنا ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا) الآن أحلل الكلمة وأقدر وزنها وأحدد الإنسان الذي يستحق أن تصفه بها)، قول: تصف، فعل، فاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، فهو انتقل من ضمير المتكلم إلى ضمير المخاطب بلا مسوغ!! وقد تكرر عنده هذا الخلط العجيب، والصواب: أصفه بها.
السادسة: أنه يقول: (فالإنسان لا يمكن أن تنضج مسيرته..) أي مسيرة يعني، صوابها سيرته، لعله سمع بالسيرة الذاتية.
السابعة: بعد أن ذكر موته قال بلا توطئة: (وتحررت من خوفي..) هلا قال: ثم تحررت من خوفي، إنه لا يفرق بين الواو العاطفة التي تفيد الاشتراك في الشيء (دخل زيد وعمرو)، وبين الواو التي للاستئناف، فليس هذا موضوعها، أما (ثم) فهي تفيد الترتيب مع التراخي، وكذا الحال حينما يقول: (فالكلمة حامت على مقالي وتصارعت معها).
الثامنة: أنه يقول: (عندما دخلت عليه لأسلم وأرحب به)، هل يأتي الترحيب من الضيف أم من المضيف، أدع الإجابة عن هذا السؤال للقراء، والمدهش أنه قال بعدها: (ورحب بي).
التاسعة: أنه يقول: (قبل أن أصل إليه - أي إلى الراحل - قام وخرج من وراء مكتبه)، قوله: (خرج) كأن الراحل كان مختبئاً عن صاحب المقال ثم برز له، هلا قال: قام وترك مكتبه.
العاشرة: أنه يقول: (إلى هذه الدرجة أنا كاتب مميز. وبعدها عرفت...) لم يصف التميز، فربما كان مميزاً بالضعف، أما قول الراحل فيه فهو لا يحق لصاحب المقال أن يستند إليه، هو كمن يقول في مدح إنسان: فلان ذو أخلاق، وما علم أن كل إنسان عنده أخلاق، ولكن ما هذه الأخلاق، أحسنة هي أم سيئة، وكذا قولهم: الشاعر ذو عاطفة، عاطفة: أعاطفة حب أم كره؟
الحادية عشرة: أنه يقول عن الراحل مبيناً حال استماعه لمن يحدثه: (يضع كامل ثقله على الطاولة) جعل الراحل يفارق كرسيه ليقعد على المنضدة، وبلا أدنى ريب هي مبالغة مذمومة للتعبير عن حسن الانصياع.
الثانية عشرة: سأل صاحب المقال الموظف قائلاً: (هل تعرف هذا الرجل الجالس أمامك؟) لقد بينت الفرق بين الجلوس والقعود، لكن كلمة أمامك يقصد بها تجاهك أو المقابل لك، وما علم أن الشخص الذي أمامك هو الذي قد أعطاك ظهره، كما الإمام والمأمومون في الصلاة.
الثالثة عشرة: يقول مادحاً الراحل: (هذا معلمنا في الكتابة الوطنية الصادقة) صوابه: معلمنا الكتابة في الوطنية الصادقة، وهذا خطأ جلي، ففرق بين تعليم الكتابة، والتعليم في الكتابة.
الرابعة عشرة: يقول في آخر مقاله: (طوال حياته الحافلة. الرجل النبيل) بأي شيء حافلة، لابد من وصفها بجار ومجرور.
ملحوظتان هامشيتان: يقول الشباب، والصواب الشبان جمع شاب، وشباب مصدر شب يشب، ويقول: خطير، يظن أنها من الخطر، والمعروف أنها الشريف، وصوابه خطر.
وبعد: كتبت ما كتبت؛ لما للراحل علينا من واجب، وليقف صاحب المقال على أخطائه، إن كان يريد لنفسه نعتها بصاحبة الأسلوب المشاد به من خلال الرسائل التي تأتي إليه، ومن خلال تعريضه في مقالات كثر، وإلا فعليه أن يصدق مع نفسه، ليعلم القراء - وخاصة النشء - أنه ليس مثلاً يحتذى به، فنصعق من بعد برداءة الخطاب، وركاكة الأسلوب، وقلة المعاني، وضعف الدلالات، وغور الماء، وبراعة توصيل الفكرة.
كما آمل من صاحب المقال أن يعلم أن الحق أحق أن يتبع ويُعرف، فما كان النقد الموضوعي في حين من الأحايين نهشاً لعرض أو علم أو أدب، وإنما خشيت أن يُتبع نهج صاحب المقال بعد زمن وفيه ما فيه، فيؤخذ به على أنه لا غبار عليه، وربما قد أوقفت صاحب المقال على ما ليس يجهله، وإنما نساه، ولا عتب عليَّ وأنا أجد بين يدي نصاً مسطراً، ولو سمح المقام لاستعرضت غيره.

أحمد بن عبدالعزيز المهوس
بريدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved