في زمن خير القرون وهو قرن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته - رضوان الله عليهم - كان الرجل يأتي فيسأل الصحابة عن حكم شرعي؛ فيتدافعون الفتوى واحدا تلو الآخر؛ حتى تعود إلى أحدهم مرة أخرى، مع أنهم تلقوا العلم عن المصدر الرئيس وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومع كثرة العلماء بينهم.
أما في زماننا هذا، ومع قلة العلماء، لا يكاد الشخص يسأل سؤالاً في مجلس أو في أحد الاجتماعات إلا وترى الكل يجيب، وربما قبل أن يكمل سؤاله ويا ليت الذي يجيب عامل أو طالب علم، بل تجده شخصاً قد حفظ آية أو حديثاً وربما لا يتقنهما أو يحرف فيهما. وهذا والله سبب رئيسي في ضياع الشباب الذين يتلقون العلم والفتاوى عن أشخاص ليس لديهم من العلم ما يؤهلهم للفتيا.
وتجد هؤلاء الشباب صغارهم وكبارهم إذا اصدر الفتوى لا ينسبها إلى أحد العلماء وإنما يعطيك الجواب فقط دون تفصيل. وأظنك لو سألته عن اركان الصلاة أو الصيام أو غيرها من الأمور الرئيسية لرأيت العجب العجاب.
وتجد هذا المتفيقه (الخنفشاري) أنه قد قيل له يوماً ما عالم فظن ذلك صحيحاً، ولكن كما قال الشاعر:
وقال الطانزون له فقيه
فصعد حاجبيه به وتاها
واطرق للمسائل أي بانٍ
ولا يدري لعمرك ما طحاها |
حتى انه شاع بين هؤلاء سب العلماء وكبار طلبة العلم، وإذا قلت لهم هذه غيبة، قالوا لك: هذا جرح وتعديل، فسموها بغير اسمها. ومن هم يا ترى حتى يجرحوا ويعدلوا؟ وها نحن قد رأينا ثمار ذلك من أفكار ضالة واعتقادات خاطئة؛ فعلى كل من أشكل عليه أمر في مسألة ما أن يرجع إلى العلماء أو إلى طلبة العلم المعروفين بالعلم والتقى، وقد قال الله - عز وجل: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. ونحن ولله الحمد قد حظينا بعلماء ربانيين، والوصول إليهم ميسر، سواء بمقابلتهم شخصياً او الاتصال بهم عبر الهاتف أو عن طريق وسائل الإعلام وغيرها.
|