Monday 24th May,200411561العددالأثنين 5 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

تأنيث المواقف الخانقة تأنيث المواقف الخانقة
سارة الأزوري / الطائف

(يحكى أن إحدى الملكات شكت لها بطانتها معاناة العامة بسبب انعدام الخبز.. لم تشعر بحجم معاناة شعبها فردت ليأكلوا باسكويت).
تلك الحكاية أثارت آلاماً غائرة في أعماقي تتمحور حول ما يتشدق به البعض من عبارات رنانة حول الرقي الثقافي تجاه المرأة، لكن الكلام يأتي مضاداً للفعل فمن يريد البرهان فما عليه الا التجول داخل معظم مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية، ليقف على الوضع المؤلم ويرى بأم عينه كيف تُعامل المرأة.
قد يزعم البعض أنها تُقدم على الرجل في إنجاز معاملاتها بسرعة، ومن هنا أتساءل من التي تُقدم؟
لا يتم ذلك إلا لفئة معينة ألقين بالحياء جانباً وتعاملن مع الموظف وكأنه احد المحارم أما التي يمنعها حياؤها من التبسط معه فعقابها الانتظار لساعات طوال وإن اسعفها لسانها بالكلام جاء رد الموظف صدمة كبرى، (راجعينا بكرة ومعك محرم)، ناهيك عن الاجراءات الروتينية لبعض الدوائر الحكومية فمن وجدت المحرم وساعدته الظروف لمرفقتها عدة مرات فما عساه يفعل امام ذلك المدير المتسلط الذي يتحين الفرص لإقصائه من عمله.
ايضاً هناك أمر آخر يستفز الشعور وهو ما قام به أحد المتشددين من إيقاف لمجموعة من النساء اثناء ذهابهن لاعمالهن وتوعدهن بأشد أنواع العقوبة اذا لم يرافقهن محرم، وآخر يعمد طرد إحدى المراجعات من مكتبه ونعتها بسوء الأدب لا لجرم ارتكبته سوى انها لم تحضر محرماً وكأني به قد امتلك ذلك المكان الذي ما أُقيم الا لنصرة المظلوم, فصور له أفقه الضيق ان من حقه ان يطرد من يشاء متى يشاء.
وضع المرأة جعلها تخشى من الإمساك بسماعة الهاتف وتستفسر عن رقم ما، فالصوت هو الذي يحدد نوع التعامل فإن أعجبه أدى المهمة وإن كان العكس قذف في مسامعها رقماً خاطئاً.. الويل لها ان أعادت الكرة فجرح الشعور وارد في كلتا الحالتين.
دائرة أخرى تتعامل مع ابسط وأضعف فئات المجتمع، فموظفوها تجردوا من أبسط معاني الإنسانية وراحوا يبرزون عضلاتهم دون النظر إلى لهجة الاستعطاف من ذلك المسن الذي تغلغل البرد في أوصاله ولا يكون الرد الا ب(راجعنا بكرة) أو تلك التي لا تجد الوسيلة للوصول إليه ولا حتى أجرة التاكسي، فيكون التأجيل شهراً ومن ثم الدخول في دوامة أخرى.
والدائرة الأخرى ليست بأفضل من سابقيها حيث نصب موظفوها أنفسهم للتحقيق في الشخصية التي أمامهم، كأنها ارتكبت أفظع الجرائم حيث يبدأ الموظف إمطارها بوابل من الأسئلة السخيفة في أمورها الشخصية هل أنت متزوجة؟ هل لك إخوة؟ فإن انكرت ذلك عليه صبّ عليها جام غضبه مدعياً أن ذلك من صميم عمله ولا مانع من قذفها وتشويه سمعتها.
هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم.. نعم وجود المحرم مطلوب إذا استوجب الأمر السفر ليوم وليلة.. أما في قضاء حاجاتها وفي الحيز الذي تعيش فيه أين تجد من يتفرّغ لها؟!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved