التوعية ضد الإرهاب

يقدِّم الإرهابيون بأنفسهم ومن خلال أعمالهم المنبوذة مسوّغات إدانتهم ورفضهم وكرههم، فأعمالهم تكشف عن الوجه البشع لهم ولأفكارهم, ومع ذلك فإن نفوساً شاذة ذات أفكار مشوَّشة لا تفتأ تنقاد إليهم وتتأثر بطروحاتهم المريضة، وقد تلتحق بإحدى فرق الموت..
وتستوجب المعركة ضد الإرهاب سباقاً حقيقياً لحماية النشء والشباب من هذه التيارات والوجود في المكان المناسب لدرء الأخطار, وفي الذهن دائماً ما يتصل بالجانب الفكري, والمسؤولية هنا متعددة الأطراف والمستويات لكي يتفق الجهد المبذول مع إمكانيات ومستويات الفئات المستهدفة بالتوعية, ولهذا فإن مجموعات كبيرة من الناس ينبغي أن تجد نفسها منخرطة في هذا العمل, وفي الغالب فإن الجهد المبذول يتواتر بصورة طوعية, وعلى سبيل المثال فإن النصائح من الأب لابنه تنساب بصورة تلقائية لكنها مؤثِّرة وقوية..
نوعية الجهود المطلوبة تغطي كافة المواقع بدءاً من الأسرة, ومروراً بالمساجد, والمدارس وإلى كل الأماكن التي تشكِّل ملتقى للشباب أو تجتذب جموعهم.. ومن الواضح أننا أمام عمل كبير, والأحرى أنه واجب يستوجب مشاركة الجميع, فهذه المشاركة تعني الإسهام الفعلي في حماية الوطن, وتحصين الأبناء من الشذوذ الفكري والغلو, وكلها مظاهر ليست لأعمال إرهابية فقط, مثل التي نراها, بل إن تلك الأفكار تتسرب إلى الكثير من الممارسات التي تعوق تطلع المجتمع للنهوض والتطور, لكن مظهر العنف الذي تتخذه أحياناً هو الأبرز نسبة لما يرتبط به من خسائر في الأرواح, خصوصاً, والممتلكات..
وقد جاءت دعوة سمو ولي العهد إلى أساتذة الجامعات والمشايخ بأهمية التوعية إلى جانب أهمية تخيُّر الموضوعات بما يتفق مع مصلحة الدين والوطن، محذِّراً سموه من الاجتهاد الذي قد يتجاوز الحق.. وكان هناك أيضاً تركيز سموه على أهمية مشاركة الجميع, فنحن إزاء أخطار لا تستثني أحداً وفي أي مكان, مشيراً سموه إلى أن الجميع ينبغي أن ينظروا إلى أنفسهم كرجال أمن، فبمثل هذا الاعتبار تتحقق درجات عالية من المسؤولية تؤدي بالتالي إلى بناء جبهة داخلية قوية ومتراصة في مواجهة المرجفين والساعين إلى إشاعة الاضطراب والفوضى..
مثل هذا البناء الأمني القوي لا يتيح أي ثغرة للنفاذ منها لضرب الوطن, بل هو أدعى للعمل كرادع ضد تلك الانتهاكات قبل أن يقدم الإرهابيون على تنفيذ فظائعهم, فهم سيفكرون, مع وجود تلك الجبهة القوية, ألف مرة قبل الإقدام على مغامرة دموية جديدة..