تتجه أنظار تجار الخضار في كافة أرجاء المملكة ودول الخليج العربي مع بداية فصل الصيف من كل عام إلى وادي الدواسر حيث انتاج فاكهة الصيف (الحبحب) كما يحلو للبعض تسميته به والذي يتزامن مع نزول الشمام من مزارع المحافظة إلى السوق، إلا ان حبحب وادي الدواسر بما يتميز به من لون احمر ومذاق لذيذ وكبر في الحجم يجعل تجار الخضار والفاكهة بالمملكة يقيمون بورصة كبيرة لمدة شهرين كاملين تبدأ يومياً من طلوع الفجر حتى منتصف الليل خلال تلك الفترة لشراء هذه الفاكهة التي طالما تطرح إلى الأسواق مبكراً في وادي الدواسر ومن ثم يتم تسويقها في جميع مناطق ومحافظات وهجر وقرى مملكتنا الغالية ويتخطاه إلى الدول الخليجية المجاورة.
الجزيرة قامت بجولة على مزارع وحقول الحبحب وسوقه بمحافظة وادي الدواسر لنقل الصورة الحقيقية لحجم تجارة هذا السوق الذي اتجهت إليه انظار التجار والمستهلكين هذه الأيام.في بداية جولتنا التقينا بالمزارع سعد بن مبارك الدوسري في حقله الذي بدأ لتوه في انتاج هذا العام حيث قال: نحمد الله على جودة الإنتاج هذا العام وخلوه من الآفات المدمرة وما يخيفنا حقيقة هو التسويق لان تكلفة الانتاج تعتبر عالية نسبياً تختلف حسب خلو الموسم من الآفات وحاجة الأرض إلى العناصر الغذائية الا انها تتراوح بين 6000 ريال و 8000 ريال للهكتار الواحد وتصل إلى 10000 ريال للمزارع المستثمر بالايجار من مزارعين آخرين بالإضافة الى ايجار المعدات الزراعية لغير المالكين لها، مضيفا الى أن مزارع وادي الدواسر ولله الحمد ذات إنتاج عال اذ يصل متوسط انتاج الهكتار الواحد إلى 30 سيارة نقل صغيرة زنة 1.5 طن تقريبا وقد تزيد او تنقص حسب نوع التربة وجودة العناية.
كما التقينا المزارع سعد بن عبدالله آل وديان حيث قال إن التسويق يعد أكبر عائق لنا كمزارعين ومستثمرين في زراعة الحبحب والشمام حيث تكتسح منتجات الشركات الزراعية الكبرى الأسواق مما يلحق الضرر بنا نحن صغار المزارعين والمستثمرين فليس لدينا قدرة على مجاراة تلك الشركات خاصة في مجال التسويق، متسائلاً: إلى متى سنبقى ضحايا لتلك الشركات؟! مضيفاً أن هناك مشاكل أخرى تتمثل في المحافظة على اشجار تلك الفاكهة الصيفية من بعض الآفات الزراعية التي يأتي في مقدمتها الآفات الحشرية مثل التربس والمن وصانعة الأنفاق والديدان القارضة والعناكب وكذلك الآفات الفطرية مثل الذبول (فيوزاريوم) ولفحة الساق الصمغية والانتراكتوز والتبقع الزاوي واللفحة المتأخرة وتكلفة بعض المبيدات عال جدا حيث يصل إلى 720 ريالا للتر والهكتار الواحد يحتاج لرشه إلى لتر واحد مؤكدا ان زراعة الحبحب تحتاج إلى عناية خاصة جدا.. وعن ارباح زراعة الحبحب قال آل وديان إن ذلك يعود إلى توفيق الله اولا ثم إلى سلامة الموسم من الآفات الزراعية وإلى أسعار السوق التي تعتمد على العرض والطلب.
كما التقينا اكبر المهندسين الزراعيين المشرف على عدد كبير من مزارع الحبحب بوادي الدواسر والذي يعمل في مؤسسة شركة اسامة (أسدكو) الزراعية المهندس عبدالحليم حافظ أبو كشك حيث حدثنا عن زراعة القرعيات (الحبحب، الشمام) بالمحافظة، وقال: تبدأ زراعة الحبحب والشمام بوادي الدواسر في الفترة من 15 يناير إلى 15 فبراير وتسبقها عمليات تحضير للتربة من حراثة وإضافة أسمدة عضوية وتستمر فترة الزراعة حوالي 90 يوما قبل جني أول الثمار، وعن فترة الانتاج قال المهندس عبدالحليم انها تستمر 45 يوما إلى 60 يوما حسب العائد من عمليات التسويق وفي سؤال عن المساحات المزروعة هذا العام في وادي الدواسر قال إنها تصل إلى 4000 هكتار للحبحب و 600 هكتار للشمام، وعن أغلب المشاكل التي يعاني منها المزارعون قال: يأتي في مقدمتها تقلص المساحات المزروعة بصفة مستمرة وذلك لأن الأرض التي زرعت هذا العام بالحبحب تحتاج لتأخذ فترة زمنية تتراوح بين 5-10 سنوات لزراعتها مرة أخرى بالإضافة إلى تكاليف الإنتاج العالية نسبياً بالإضافة إلى الحاجة الكبيرة للعمالة خاصة في عملية الانتاج والقطف اما التسويق فلك ان تسأل المزارعين عنه وحدث ولا حرج وهو الفترة الحرجة بالنسبة للمزارعين لانه في حالة تدني الاسعار فإن الخسائر تكون فادحة جدا وذلك كما أسلفت للتكلفة العالية للإنتاج.
وقد قامت الجزيرة بزيارة إلى سوق الحبحب الذي قامت بتجهيزه بلدية المحافظة لبيع الحبحب الذي بدأ يفد إلى السوق بما لا يقل الآن عن 700 سيارة يومياً والذي من المتوقع أن يتجاوز ذلك بكثير خلال الايام القليلة القادمة، ورغم أن هذه هي البوادر الاولى لطرح الانتاج إلا ان الاسعار مناسبة حيث يصل سعر السيارة في بداية هذا الموسم ما بين 1400 إلى 2400 ريال ويتم تسويق هذا الإنتاج في مناطق ومحافظات مملكتنا الغالية وإلى دول الخليج.وقد تحدث لنا عدد من تجار الحبحب عن كل ما يدور في هذه البورصة السنوية حيث قال المواطن مسلم بن فيصل آل عثيمين: إننا ننتظر هذا الموسم كل عام ونستعد له بكافة التجهيزات من سيارات وتفاهم مع عملائنا في الاسواق المحلية والخليجية ولكن لعدم وجود تنظيم في عملية التسويق نتيجة أن الشركات الزراعية الكبرى التي تزرع مساحات شاسعة تكفي لغمر كافة الاسواق المحلية والخليجية دون حسيب أو رقيب او تنظيم تقوم بتسويق منتجاتها مباشرة إلى الاسواق دون المرور بسوق الحبحب الكبير بالمحافظة والذي يمر بمزاد وبورصة يومية حيث نشتري من المزارعين وعندما نسوق ما اشتريناه في الاسواق المختلفة نجد أن تلك الشركات تعرض انتاجها هناك بعرض يقل عما اشتريناه به في سوق الوادي مما يلحق بنا الضرر والخسائر التي نأمل من الجهات ذات العلاقة إلى وضع آلية معينة لتنظيم عملية الانتاج والتسويق لتلك الشركات حتى لا تتسبب في مزيد من الأضرار على صغار المزارعين والتجار بوادي الدواسر مشيراً إلى إنه يشتري كل يوم أكثر من 80 سيارة يقوم بتسويقها في كافة اسواق مناطق ومحافظات وقرى مملكتنا الحبيبة. وعن الأسعار هذا العام قال: ما تزال مناسبة للمنتج والمستهلك. ومما يشار إليه هو الاستهلاك الكبير جدا من المياه لزراعة الحبحب رغم أن الري المحوري هو السمة السائدة في الري الا ان طريقة استخدامه هي اشبه ما يكون بالري بطريقة الغمر خاصة ما تستهلكه تلك المساحات الكبيرة المستثمرة من قبل الشركات والمؤسسات الزراعية الكبرى بالمحافظة والتي لم تجد أي حسيب او رقيب حيال استهلاكها من المياه والحد من المساحات المزروعة التي تضر بصغار المزارعين من ناحيتين الأولى هي اكتساح الاسواق بكميات كبيرة من المحصول في وقت لا يتجاوز 45 يوما فقط والثاني هو الضرر الواضح على مخزون المياه الجوفية في باطن الأرض.
واننا في نهاية هذا التقرير المصور نضع بين يدي كل مسئول منصف معاناة اولئك المزارعين المستثمرين في زراعة وانتاج الحبحب وبقية الفواكه والخضار المماثلة كالبطاطس والطماطم ونحوها والذين يرفعون صوتهم ويدعون إلى ضرورة ايصال مطالبهم إلى من يلتفت لمعاناتهم الكبيرة مع التسويق ومع المنافسة غير العادلة من قبل الشركات الزراعية الكبرى التي لا يهمها سوى رفع الأرقام المالية لموازنتها السنوية دون النظر إلى الاضرار التي قد يسببونها.
|