تأتي مؤسسات التعليم العام الأهلية كأحد الروافد التعليمية الرئيسية في البلاد، والتوسع في إنشاء المدارس والمعاهد الأهلية أمل لا بد أن يشكل لدينا ظاهرة، فالتوسع في هذا الجانب يُعدّ حاجة ملحة تمليها متطلبات التنمية، فنحن نعيش طفرة علمية وثقافية لا حدود لها، كما أن النمو السكاني في تزايد، وحاجة الناس إلى التعليم أصبح يشكل هاجساً اجتماعياً ملحاً، إضافة إلى مطالبة وتشجيع القطاع الخاص إلى السعي نحو التوسع في افتتاح المزيد من المدارس والمعاهد الأهلية المتعددة المخرجات، إيماناً من الجميع من أن القطاع الخاص يعتبر المكمل الرئيس لنهضة البلاد التنموية، كما أن ما تقوم به الجهات المعنية بقطاعات التعليم في البلاد من جهود أتى من خلالها إنشاء إدارات تعنى بالإشراف والمتابعة لقطاع التعليم الأهلي، هو توجه وطني مأمول ونشكر كل جهة حكومية أسهمت في مثل هذا التوجه السليم، والذي يتزامن مع النهج الوطني لسياسة التعليم في البلاد التي تنادي بمحو الأمية وتطوير مخرجات التعليم بما يتوافق ومتطلبات التنمية.
وتأتي عملية إنشاء المدارس والمعاهد الأهلية من قبل القطاع الخاص كأحد التوجهات الوطنية الداعمة في القضاء على العديد من المشكلات التي تواجهها البلاد، سواء من ناحية محدودية القبول في بعض التخصصات الدراسية، أو أمام محدودية التوسع في إنشاء مؤسسات تعليم حكومية في مناطق ومحافظات البلاد، إلا أن تلكم المساعي الرامية إلى الرغبة في التوسع نحو إنشاء مؤسسات التعليم الأهلية، يلاحظ أنه يعترضها بعض من المعوقات والمشكلات، والتي تقف حجر عثرة أمام المواصلة في هذه المسيرة، حيث إن عملية إنشاء مدرسة أو معهد أهلي ليس بالأمر السهل، فتكاليف البناء أو استئجار المباني وما يتبع ذلك من مصارفة مالية كبيرة في عملية التشغيل هي عملية مكلفة للغاية، ومن غير المقبول تعويض تلك التكاليف من خلال زيادة تكاليف الرسوم الدراسية على الطلاب، فذاك لا يُعدُّ حلاً نهائياً، كما أن ما يجري من ناحية تقديم رواتب متدنية للمعلمين والمعلمات في المدارس والمعاهد الأهلية قضية تنذر هي الأخرى بخطر واضح على أمننا الوظيفي، وفي الوقت نفسه نلاحظ أن غالبية المدارس أو المعاهد الأهلية تقاوم من أجل البقاء بسبب المنافسة غير العادلة فيما بينها، وهذا يشكل أثراً سلبياً للمجتمع، والذي مرده إضعاف تام في الرسالة التعليمية التي يتلقاها الطلاب، وإنني أرى أن من الحلول المناسبة التي سوف تدعم هذا القطاع، أمام محدودية تعداد المدارس والمعاهد الحكومي منها والأهلي، وسعياً في إيجاد مفهوم سليم لتطبيق برنامج الإحلال التدريجي لسعودة الوظائف التعليمية في القطاع الأهلي، هي ما يلي:
1 - دعم هذه المؤسسات الأهلية من خلال صرف إعانات مالية تتمثل في دفع 50% من راتب المعلم أو المعلمة أو مبالغ مقطوعة عن كل طالب أو طالبة، سواء من ميزانية وزارة التربية والتعليم أو المؤسسة العاملة للتعليم الفني والتدريب المهني وذلك حسب مرجعية كل جهة.
2 - منح قروض نقدية تشجيعية من قبل وزارة المالية لمؤسسات التعليم العام الأهلية، وألاّ تقل مدة استرداد القروض عن عشر سنوات كحد أدنى.
3 - ألاّ تقل رواتب العاملين في قطاع التعليم الأهلي عن عشرين بالمائة كحد أقصى عن نظرائهم في قطاع التعليم الحكومي.
4 - استغلال أراضي الفضاء المتوافرة في بعض مخططات الأحياء السكنية والمستهدفة في الأصل كمرافق تعليمية، بالقيام بتأجيرها بمبالغ رمزية للمستثمرين في قطاع التعليم بعد امتلاكها من أصحابها لصالح إما وزارة المالية أو المصلحة الحكومية التعليمية المختصة.
5 - إيجاد مرونة أكثر لدى صندوق تنمية الموارد البشرية في المشاركة في دفع رواتب العاملين في هذه المؤسسات لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وبنسبة لا تقل عن ستين بالمائة من الراتب المتفق عليه.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
|