Monday 24th May,200411561العددالأثنين 5 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شي من المنطق شي من المنطق
التنمية الوطنية والخصوصية المناطقية
أ.د مفرج بن سعد الحقباني

شهدت المملكة العربية السعودية في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات وفرة اقتصادية هائلة صاحبت الارتفاع الكبير في الإيراد الحكومي الناتج عن الارتفاع الهائل في أسعار النفط خلال تلك الفترة. ولقد مكنت الإمكانيات المالية الهائلة الأجهزة الحكومية من تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في وقت متزامن مما انعكس بصورة واضحة على مسيرة التنمية الوطنية وساهم بشكل فاعل في نقل الاقتصاد السعودي من حالة البدائية إلى حالة التقدم النسبي ولكن في منتصف الثمانينيات وبعد الانخفاض الواضح في أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي على الجوانب العسكرية والأمنية نتيجة للكثير من المتغيرات الإقليمية والدولية، لم تعد المقدرة الوطنية على دعم التنمية الشاملة بنفس المستوى السابق ولم يعد بالإمكان تحقيق الأهداف التنموية في وقت متزامن. هذه التقلبات في الإيراد والإنفاق الحكومي كشفت حقيقة مهمة وهي أهمية الدور التنموي للقطاع الخاص كمحرك رئيس للتنمية وكمحور هام من محاور زيادة الفاعلية والكفاءة الإنتاجية والاقتصادية على المستوى الوطني، مما ساهم في زيادة المساحة المخصصة لهذا القطاع المهم الذي لم يتوانَ في القيام بدوره الوطني على الوجه المطلوب خاصة في بعض مناطق المملكة الكبيرة كالرياض ومكة المكرمة والشرقية والمدينة المنورة.
وإذا كنا كاقتصاديين نعي الخلفية المنطقية وراء قرار المستثمر الوطني باستهداف تلك المناطق المهمة، فإننا أيضاً نعي الأسباب التي تقف وراء عدم تحول بعض المناطق الأخرى إلى مناطق جذب للاستثمار الوطني خاصة إذا علمنا بأن المستثمر يسعى في كل الأحوال إلى تعظيم الربح الناتج من العملية الاستثمارية. وإذا كانت هذه حقيقة اقتصادية لا تقبل الجدل، فإن من المنطقي القول بأن من أهم العوامل التي قدم تسهم في زيادة توجه القطاع الخاص إلى بعض المناطق القدرة على التعامل مع كل منطقة وفقاً لخصوصيتها ووفقاً لمقوماتها التنموية وأخذ ذلك في الاعتبار عند صياغة الأنظمة والإجراءات التي تراعي تلك الخصوصية.
وفي اعتقادي أن من المصلحة الوطنية أن نقدم كافة التسهيلات للمستثمر الراغب في التوجه إلى المناطق التي لا زالت في بداية مراحلها الاستثمارية وأن من المصلحة الوطنية ألا تطبق المواصفات والشروط على كافة المناطق بقدر متساوي بصرف النظر عن واقع المنطقة التنموي وحجم الاستثمارات المسجلة في كل منطقة، كما أن من المصلحة الوطنية أن نحدد الميزة أو المزايا النسبية التي تتمتع بها كل منطقة وأن نسعى بكل ما نستطيع إلى تقديم كافة التسهيلات للمستثمر الوطني الذي يتوافق نشاطه الاستثماري مع معطيات الميزة النسبية للمنطقة. وهنا قد لا أجد نفسي مضطراً للتذكير بأهمية تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الوطنية لزيادة مقدرتنا على المنافسة على الساحتين المحلية والدولية، ولكنني بالضرورة مطالب بتذكير الجهات الحكومية والوزارات المعنية بضرورة تغليب الفقه الإداري عند وضعها للضوابط والإجراءات التنظيمية حتى تتحول مناطقنا إلى مناطق جذب في مجالات تتناسب ومزايا كل منطقة وحتى نسهم وبشكل فاعل في تحقيق التنمية الشاملة ونخفف من الاعتماد على الإنفاق الحكومي. أتمنى ذلك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved