Monday 24th May,200411561العددالأثنين 5 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

فضيحة (أبو غريب) دقت آخر إسفين بين العراقيين وقوات الاحتلال! فضيحة (أبو غريب) دقت آخر إسفين بين العراقيين وقوات الاحتلال!
الشارع العراقي يغلي بالاستهجان ومجلس الحكم يبرر!!

  * بغداد - د. حميد عبد الله:
كاد سجن (أبو غريب) ان يطيح، في بداية تأسيسه عام 1976، بوزير الشؤون الاجتماعية العراقي الأسبق بكر محمود البشدري إذ صرح ذلك الوزير لوسائل الأعلام بتباه (إننا بنينا اكبر سجن يستوعب 50 ألف سجين وهو اكبر سجن في الشرق الأوسط) ولم يدر بخلد الوزير ان يسبب له ذلك التصريح تقريعا من صدام حسين واحمد حسن البكر، فبينما أراد الوزير ان يعكس جانبا من (انجازات الثورة) رأت القيادة السياسية في تصريح الوزير فضحاً لواقع سياسي مظلم في العراق حيث تعاملت وسائل الأعلام العربية والأجنبية مع التصريح على انه فضيحة في بلد يتبنى المبادئ القومية والاشتراكية والديمقراطية ويستعد في الوقت نفسه لاعتقال 50 ألف سجين.
وفي السنة نفسها زار وزير الشؤون الاجتماعية في بلد عربي سجن (أبو غريب) فاعجب بتصميم السجن وبسعته وما متوفر فيه من إمكانات فكتب في سجل الزيارات يقول (ان سجنكم هذا يغري بالجريمة)!! وفي سجن (أبو غريب) قطفت رؤوس آلاف العراقيين لشتى الأسباب وشهدت زنازينه الانفرادية خلجات وتداعيات المحكومين بالإعدام ولو كان للحيطان ألسنة لروت حكايات السجن ولياليه المرة ومعاناة نزلائه. وبعد إسقاط نظام صدام واحتلال العراق افرغ السجن نهائيا من جميع السجناء واعلنت سلطات الاحتلال إنها حولت غرفة الإعدام في السجن الى متحف تخليدا للذين اعدموا فيه وتبارت وسائل الإعلام بإبراز هذا الخبر وظن بعض السذج من العراقيين ان سجن أبو غريب قد تحول الى منتجع لكن الفضيحة جاءت من الامريكان أنفسهم حيث صنعتها أيديهم ووثقتها كامراتهم وفضحتها وسائل أعلامهم ولم تكن الفضيحة اقل قسوة على الشارع العراقي من الاحتلال وان كانت إحدى نتائجه.
وقع الفضيحة كان اشد في قسوته على مجلس الحكم وعلى القوى السياسية المؤيدة للاحتلال اكثر من قسوته على الامريكان أنفسهم حتى انه أجهز على البقية الباقية من الرصيد الذي بقي لبعض أعضاء المجلس في الشارع العراقي والذي زاد الطين بلة ان مجلس الحكم تعامل مع الفضيحة بصمت مطبق حيث لم تصدر عنه كلمة إدانة واحدة ولم يصدر المجلس بيانا يوضح فيه موقفه مما جرى الأمر الذي أثار استياء وغضب الشارع العراقي.
وما صدر عن أعضاء مجلس الحكم من تبريرات زاد الفجوة عمقا بين المجلس والجمهور العراقي فمستشار الأمن القومي موفق الربيعي قلل من خطورة الفضيحة بأسلوب ساذج ورخيص عندما قال ان عدد المعتقلات 9 فقط وان الأمر فيه مبالغات كثيرة!! وقد جوبهت تصريحات الربيعي بحملة شنتها الصحف العراقية على الربيعي وعلى جميع أعضاء مجلس الحكم، حيث كتبت جريدة الفرات اليومية مقالا افتتاحيا قالت فيه (المثير للاستياء ان سيادة المستشار لم يحاول ان يطمس العدد الحقيقي للسجينات العراقيات فقط بل راح يعطي تبريرات لاعتقالهن إذ أشار ان ست من المعتقلات التسع قد تم اعتقالهن لأنهن مجرمات من دون ان يوضح طبيعة الجريمة وان ثلاث أخريات قد تم اعتقالهن لاسباب سياسية من دون ان يشرح لنا هذه الأسباب متناسيا انه واسياده بشروا العراقيين بالحرية والديمقراطية فكيف يكون هناك سجناء سياسيون في دولة تدعي الديمقراطية) إما جريدة المشرق المستقلة فقد كتبت مقالا افتتاحيا تحت عنوان (تمسكوا بالكراسي وتخلوا عن الأعراض) قالت فيه (إذا كان انتهاك الأعراض يجرح الغيرة وحدها لهان الأمر لكنه يرتبط بالشرف والعائلة والقبيلة والوطن والدين فهل يتخلى عنها المسؤولون العراقيون كلها؟!). صحف الأحزاب المرتبطة بالاحتلال راحت من جانبها تقلل من حجم الفضيحة لتبرر سكوت مسؤولي تلك الأحزاب وتخاذلهم إزاء ما يحدث فقد قالت صحيفة بغداد الناطقة باسم حركة الوفاق الوطني برئاسة أياد علاوي (ان مثل هذه الفضائح يحدث في اكثر البلدان ديمقراطية فقد حدثت في النمسا وغيرها من بلدان أوروبا مشيرة الى ان البكاء على العمل الإجرامي الذي قام به نفر من جنود الاحتلال يجب ان لا ينسينا ما قام به النظام البعثي الفاشي ضد العراقيين مثل الاغتصاب الجنسي لزوجات المعارضين أمام أزواجهن او الفتيات أمام إخوانهن واغتصاب المعارضين من الرجال لتحطيم معنوياتهم) اما جريدة المؤتمر الناطقة باسم حزب المؤتمر الوطني برئاسة احمد الجلبي فقد قالت (ان بعض الأقلام التي سكتت على جرائم النظام الصدامي راحت تحول سجن أبو غريب الى رمز آخر لقضية أخرى من اجل مسح صورته البشعة التي ارتبطت باسم النظام الدكتاتوري المباد). المنظمات الجماهيرية وشيوخ العشائر وجمعيات حقوق الانسان أعلنت جميعها استهجانها للجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال واستغرابها من الموقف المخجل لمجلس الحكم.
فنقابة المحامين العراقيين شكلت لجنة من عدد من المحامين لمتابعة شؤون المعتقلات العراقيات في سجون الاحتلال وكشفت المحامية أمل عبد الحميد عيسى عضوة اللجنة إنها شاهدت آثار التعذيب على جسد إحدى المعتقلات فيما رفض جنود الاحتلال للجنة ان تقابل معتقلات أخريات بدعوى ان التحقيق معهن لم يكتمل موضحة (ان مراقبة دقيقة كانت تفرض علينا من قبل المسؤولون عن السجن وان السجينات لم يبحن بمعاناتهن لخوفهن مما يجري لهن بعد المقابلة).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved