تلقيت قبل حين رسالةً رقيقةً من سعادة الأستاذ محمد بن عبدالله الخراشي، مدير عام المؤسسة العامة للتقاعد، يعلّق فيها مشكوراً على ما ورد في مقالٍ نُشِرَ لي عَبْر هذه الزاوية بتاريخ 29 صفر 1425هـ بعنوان (وللتقاعد حديث ذو شجون)، ولقد أطربتني هذه الرسالة، ليسَ بما عبّرتْ عنه من كريم الظن بصاحب هذا القلم المتَواضع، ولكن لسببين آخريْن هامّين:
أولهما: الاستيعابُ الجميل والتفاعل الأجْملُ مع ما تضمّنه مقالي سالفُ الذكر، فقد كتبتُه ابتغاءَ الخير للمتقاعدين، وهو أمرٌ أجزم بأن المؤسسة والقائمين عليها أكثر مني حرصاً على بلوغه!
وثانيهما: أنّ تعليقَ مدير عام المؤسسة جاء مبشِّراً بالخير، حيث ذكَر سعادته في صدر خطابه أنّ ما طرحتُه عبر مقالي سالف الذكر من ملاحظات واقتراحات قد تمّ اخذُه بعين الاعتبار من قِبَل المؤسسة، وأحسب ان تجاوباً كريماً كهذا يقف شاهداً على (مثاليّة) التعامل المنشود بين كاتبٍ يلتزم بأخلاقيات الحرف، وجهةٍ خدميّة حكومية حريصة على أداء مهمتها: جودةً وصيتاً، فتتجاوبُ معه، بمعيار أخلاقيّ مسؤول!
من جهة أخرى، حملتْ رسالةُ مدير عام المؤسسة، أكثر من وقفة تفاؤلٍ تعدُ بالخير، أورد بعضاً منها في حديث اليوم، فمثلاً:
أولاً: بالنسبة لمشروع نظام التقاعد الجديد الذي أعلم انه يحظى باهتمام ومتابعة الجهات العليا المختصة، فقد أشار سعادته نصّاً إلى:
((.. أن دراسة تحديث النظام وتطويره قد مرت بالعديد من المراحل، حيث تم تشكيل لجان متخصصة لهذا الغرض شارك فيها بالإضافة إلى المختصين في المؤسسة العامة للتقاعد عدد من أصحاب الخبرة والاختصاص في بعض أجهزة الدولة المختلفة، كما تم الاستفادة من خبرات وتجارب الدول الأخرى في مجال التقاعد مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات أصحاب الشأن المستفيدين من (خدمة) المؤسسة..))
******
ثم يمضي الأستاذ الخراشي قائلاً إنّ مشروع النظام الجديد:
((.. يعتبر خلاصة وثمرة لمراجعة شاملة لجميع الأحكام المتعلقة باحتساب الخدمة لأغراض التقاعد وقواعد التخصيص وضوابط الصرف وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق المستفيدين من الموظفين أو أصحاب المعاش بما يحقِّقُ العديد من المزايا والفوائد التي تتطلع إليها هذه الشريحة العريضة من المتقاعدين..)).
******
ثانياً: أما فيما يتعلق بما ذكرْتُه حول ضرورة التوسّع في تغذية الموارد المالية للمؤسسة، فقد علّقَ سعادته على ذلك قائلاً: ((.. إن المؤسسة تسعى سعياً حثيثاً لتنمية مواردها لمقابلة استحقاقات المتقاعدين وورثتهم والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها بلادنا الغالية في مختلف المجالات حيث تمتلك المؤسسة أسهماً في أكثر من 31 شركة وطنية باستثمارات بلغت أكثر من 13.5 مليار ريال، كما أن المؤسسة تمتلك عدداً من المحافظ الاستثمارية حقّق بعضُها نسبة أرباح تتجاوز 300%، كما حققت محافظ أخرى نسبة أرباحٍ بلغتْ أكثر من 50% من قيمة المحفظة.. وتأتي كل هذه المكاسب نتيجة السياسات الحكيمة التي أقرها مجلس إدارة المؤسسة لإدارة الاستثمارات بالطريقة الربحية الجيدة وتجنّب الخسارة والمخاطر في الاستثمار)).
******
ثالثاً: أكّدتُ في مقالي المشار إليه على أهمية التواصل مع المتقاعد ميدانياً ما أمكن للتعرف على مشكلاته وآرائه حيال ما يهمه من قضايا التقاعد وممارساته، وقد علَّقَ مدير عام المؤسسة على ذلك بالقول: ((..إن المؤسسة العامة للتقاعد تقوم حالياً بإجراء مسح ميداني شامل عن المتقاعدين في المملكة من خلال توزيع استبانة للحصول على معلومات دقيقة عنهم وعن أسرهم وذلك بهدف التعرف على التركيبة الديمرغرافية والاجتماعية للمتقاعدين وكذلك الاستفادة من آراء المتقاعدين فيما يخدم تطوير الخدمات التي تقدمها المؤسسة العامة للتقاعد وبما يفيد في عمليات التخطيط المالي السليم للالتزامات المالية المستقبلية وفقاً لما تتطلبه الدراسات الاكتوارية..)).
******
واستطرد سعادته قائلاً:
((.. إن صوت المتقاعد لم يَغِبْ عن المؤسسة العامة للتقاعد طيلة الفترة الماضية، إلاّ أنَّه تم تفعيله بصورة أكثر في التنظيم الجديد للمؤسسة العامة للتقاعد عن طريق تمثيل المتقاعدين في مجلس إدارة المؤسسة، الأمر الذي يوضح بجلاء أن الأفكار التي طرحتموها بشأن التوجّه مباشرة إلى شريحة المتقاعدين أنفسهم لاستطلاع مرئياتهم حول ما يعتبرونه سلباً أو إيجاباً قد تم تفعيله بصورة إيجابية وبما يحقّق تطلعات وآمال هذه الشريحة الغالية على نفوسنا..)).
******
وبعد،
فمرة أخرى، أقدِّر لسعادة مدير عام المؤسسة الأستاذ محمد الخراشي، هذا التجاوبَ الكريم الذي أثبت أن المؤسسة ليست (قلعة محصّنة) ضد الحوار البناء، بل أن المصلحة العملية تقتضي ممارستها قدراً عالياً من الشفافية والانفتاح والتواصل مع شرائح (الرأي الأخرى). وهو ما تفعله الآن باقتدار. ووفق الله جهود العاملين المخلصين.
|