حدثتنا رشا بنت سليمان، فقالت: نشدتُ الأدبَ والبيانَ، لأغدو عَلماً من الأعيان، يُشار إليه بالبنان، فاخترتُ من العلوم زهيدَها، ومن المعارف حديثَها، ومن الألفاظ غريبَها، واتجهت صوب الإعلام ؛ لأعلن للجميع الإلمام وسعة الاطلاع والإفهام.
ولكن حدث ما لم يكن في الحُسبان، فقد اتضح النقصان، وهشاشة الأُس والبُنيان، فطفقتُ أضرب الأخماسَ بالأسداسْ، مذهولةً من هذا الانعكاس، وشدة الموقف الحسَّاس، فأنشدني خيرُ الجُلاس:
تَعلَّمْ فليسَ المرءُ يُولد عالماً
وليسً أخُو الجهالةِ كَمَنْ هَو عالمُ
وأرشدني إلى كُتبِ التراث، فسرتُ إليها سَير الدلاثِ(1)، لأُقبل عليها من غير اكتراث، فأُغذيَ فجوات العقل، وأشحذُ الموهبة بالصقْل، لأتميز بالمحاكاة لا النقل، فلدينا تراث عتيدٌ ينادي ذا الهمة لا البليد، ليكشف عن مجد تليد، أوله القرآن، ومن ثم عُلوم اللسان، ناهيك عن الترجمة والفلك، والنظريات ومن فيها سلك، وغيرها من منابع الإبداع التي تألق فيها اسم المسلمين وشاع.
ولكن دوام الحال من المحال، فلقد خبا النجمُ وحال، واتجه معظم أبناء الأمة للدعة ودنو الهمة، فتقازموا من بعد طول، وأجدبوا من بعد هطول!!! فما الحل يا سادة، أو نترك للغرب السيادة، وننام على الوسادة؟!!! أو ليس لدينا عقول، أم أصابها الزيغ والذهول، فتنامى إليها العجزُ والذبولُ؟!!!
فهل تُرانا نعيدُ النظر، ونُفارِقُ الدِّعةِ والبطر، ونستلهمُ التراث لإكمال المسيرة، دون ملل أو تقصير، عملاً بقول رب العالمين في كتابه المبين، المُنزَل رحمة للعالمين {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} سورة الرعد آية (11).
خلود آل مسعود الدوسري
(1) الدلاث: السريعة |